الرئيسيةمقالات

شركات الاتصال ….. والخشية من مصير «نوكيا»

شارك هذا الموضوع:
تشرفت أخيرا بالحديث مع كبيري التنفيذيين في “سامسونج” و”هواوي” حول التحديات التي تمنعهم من النوم ليلا. حيث عبر كلاهما عن خشيتهم من أن يلقوا مصير شركة نوكيا نفسه.
عندما خفضت شركة أبل تقديراتها للأرباح لأول مرة منذ 16 عاما في بداية يناير، كشف ذلك عن شكوك تساورها؛ كون بعض المراقبين يتساءلون فيما إذا كانت شركة أبل في خطر اللحاق بـ”نوكيا”. أشك في رغبة التنفيذيين في “أبل” في التعامل مع هذا الخطر على نحو غير ملائم. في الواقع كانت ردة فعل ستيف جوبز على صحافي تساءل عن استراتيجيته في التسعينيات بعد فترة بسيطة من توليه إدارة شركة أبل وتقليص خط الإنتاج: “علي أن أنتظر الشيء الكبير التالي”. قد ينطبق ذلك على الوضع الراهن.
على الرغم من المنافسة الشرسة بين “أبل” و”سامسونج” و”هواوي”، ليس من المتوقع أن تلقى أي من الشركات الثلاث مصير «نوكيا» نفسه.
تمر “أبل” بمرحلة انتقالية بعيدة عن مبيعات الأجهزة. فهي ترغب في زيادة مواردها المالية من الأنشطة المتعلقة بالأنظمة، مثل توزيع المحتوى، التخزين السحابي، وأنظمة الدفع، والبيوت الذكية، وعديد من الخدمات الأخرى. كما تتوقع زيادة اعتمادها على الشراكات والتحالفات، على سبيل المثال، مع “ليجو” في مجال التعليم الواقعي المعزز والترفيه. عوائد منظومة الشركة خادعة من وجهة نظر محلل الأسهم، فمساهمتها في الأرباح بشكل عام يصعب قياسها أكثر من هامش المبيعات أو المنتجات المادية. لذا فإن تقييم مستقبل الشركة ليس بالأمر السهل.
“أبل” ضحية نجاحها كما حدث لشركة نوكيا في أوائل الألفينيات. فهيمنة الأرباح على “آيفون” من 2007 حتى 2017 تعني أنه عند تباطؤ نمو مبيعات “آيفون”، سيتحتم على “أبل” تخييب المحللين الماليين والمديرين المعنيين. من المؤكد أنها خسرت ثلث السوق الذي بلغت قيمته تريليونا في الأشهر الأخيرة من 2018، وخسرت 10 في المائة أخرى في أوائل كانون الثاني (يناير) 2019.
لطالما نجحت “أبل” في انتهاز الفرص سعيا للحصول على “فرصة كبرى” من خلال علامة تجارية قوية، وتصميم متميز، وسهولة الاستخدام، فضلا عن نظام دعم فعال حول العالم. لكن في الوقت الذي حققت فيه أجهزة مثل “آيبود” و”آيفون” و”آيباد” نموا في الماضي، ليس من الواضح ما هو الإنجاز التالي. فرغم النجاح الذي حققته ساعات “أبل” إلا أنه لا يذكر. توفر المنازل الذكية والسيارات دون سائق فرصا كبرى. ولكن شركة “أبل” ليست بمكانة “أمازون” و”جوجل” وشركات السيارات مثل “تيسلا” في النهاية. فكما رأينا في فترة التحول الطويلة من منتجات إلى خدمات في شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الكبيرة الأخرى مثل “آي بي إم”، قد يجب على المساهمين في “أبل” التحلي بالصبر حتى يتم التحول إلى منظومة فرص والخدمات تؤتي ثمارها.
استسلمت «نوكيا» من جانبها إلى مشكلات أكبر من تلك التي تواجهها “أبل”. فبحلول عام 2010 بقيت مكانها دون أي فرصة للتحول. في الواقع كما توصلت وزميلتي كيلي ويلسون في كتابنا الأخير: «نغمة الرنين» أن: استكشاف صعود وسقوط “نوكيا” في الهواتف المحمولة، يعزى لخيارات غير مدروسة اتخذتها الشركة فيما يتعلق بالأمور التقنية والتنظيمية في أوائل ومنتصف الألفينيات التي دفعتها نحو تدمير نفسها قبل أن تصبح “أبل” و”جوجل” منافسيها. فعندما تكون المؤسسة ضعيفة ويوجد خلل فيها فضلا عن تركيزها على إدارة خط الإنتاج، سيقود ذلك إلى نشوب صراعات وخلافات بين التنفيذيين وتراجع جودة منتجاتها. واجه مشروع «نوكيا» مع “سيمنز” صعوبات ولم تقم بأي خطوة تجاه طموحات هاتفها الذكي. طموحات “نوكيا” بالتحول إلى نظام تشغيل جديد قد يصبح منظومة للشركة كانت بطيئة لتصبح متأخرة عن ذلك. بذلك الوقت، نجحت “جوجل” (مع نظام أندرويد) و”أبل” بربح المعركة، دون أن تترك مكانا لـ”نوكيا” حتى في التحالف مع “مايكروسوفت”، لبناء منظومة ثالثة.
في المقابل، يستطيع الرؤساء الثلاثة الحاليون تقديم الدعم فيما يتعلق بالأجهزة الخلوية من خلال التركيز على ثلاثة جوانب: الأجهزة المنزلية بالنسبة لشركة سامسونج، تحليلات البيانات الضخمة ونهج متكامل لمعدات الاتصال بالنسبة لـ”هواوي”، وبالطبع مجموعة جديدة من الأجهزة والخدمات الأخرى بالنسبة لـ”أبل”.
تجدر الإشارة إلى أن تلك الشركات المشابهة لا تقدم الدعم الكافي بالضرورة. يبدو أن “سامسونج” الشركة الأكثر عرضة، كون قوة المكونات ليست متأصلة بالمنظومة كما في خدمات “أبل” و”هواوي”. ومع تزايد الطلب على الأجهزة وازدياد عدد المنافسين الذين يقدمون خدمات “بدءا من شركات الاتصالات إلى شركات الميديا والعمالقة مثل “أمازون” و”ألفابيت”، قد تضعف المنافسة المبنية على الأجهزة مع الوقت. كما أن مجموعة المنافسين الجدد في الصين تنبئ بسوق أكثر صعوبة.
تعزى التحديات التي تواجه كلا من “أبل” و”هواوي” أخيرا في المقام الأول إلى الحروب التجارية والقوانين واللوائح خارج الولايات المتحدة، إضافة إلى المخاوف الأوروبية من الضرائب العادلة. توجد أيضا عوامل جيوسياسية تغذي الخلافات الحالية بين الحكومة الأمريكية و”هواوي” حيال الحظر التجاري الأمريكي مع إيران، وكانت خلف الصراعات السابقة مع ZTE الشركة الصينية التي تعمل في مجال معدات الاتصالات. تعزيز المخاوف المتعلقة بالأمن السيبراني على جميع الأصعدة يلعب دورا مهما أيضا، لا سيما بالنسبة لـ”هواوي” التي تواجه اتهامات بالتجسس لمصلحة أجهزة أمن الدولة في الصين.
بالعودة إلى سؤالنا الأساسي “من سيلحق بـ”نوكيا”: رغم أن شركة أبل تبدو في مأمن من ذلك في الوضع الراهن إلا أنه يوجد عديد من المرشحين على اللائحة ليس فقط في مجال الاتصالات لكن من قطاعات أخرى كثيرة. فأي شركة ضحت برؤيتها طويلة الأمد، أو الابتكار، أو مرونتها في سبيل تلبية مطالب المساهمين قصيرة الأمد، ستكون هي التالية.
الاقتصادية 

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى