الرئيسيةمقالات

نشاط التجزئة يتخذ من داء التجارة الإلكترونية الدواء

مرايا ذكية تعرض الماكياج الافتراضي على وجوه الزبائن، وسلال تسجل محتوياتها مباشرة على صندوق الكاش، وأجهزة كمبيوتر لوحية خاصة بالأطفال، تستخدم لتصميم وتعديل ألعابهم على الفور.

قال برافين بيلاي، الرئيس العالمي لحلول صناعة التجزئة في شركة جوجل كلاود: “التهاون سيؤدي إلى الانقراض”.

لقد كانت التكنولوجيا محور حديث مؤتمر بيج شو السنوي الذي أقامه الاتحاد الوطني لشركات التجزئة في نيويورك الأسبوع الماضي، والذي حضره 37 ألف مندوب.

تجمعت شركات وادي السيليكون بما فيها سيسكو وإتش بي وأوراكل، إضافة إلى عشرات الشركات الناشئة، لتبحث عن سبل تساعد من خلالها قطاع التجزئة. 

بالنسبة لشركات التكنولوجيا، تمثل القدرة على رقمنة المتاجر الفعلية فرصة مهمة لإعادة أحياء تجارة التجزئة المادية المباشرة على الأرض: على الرغم من ثورة التجارة الإلكترونية، يقدر أن نحو 85 في المائة من التسوق في الولايات المتحدة، يتم بشكل شخصي من قبل الأفراد، ضمن سلاسل متاجر التجزئة المنتشرة في البلاد. 

قالت ستيسي شولمان، كبيرة الإداريين الابتكاريين لدى قسم التجزئة في شركة إنتل، إن التكنولوجيا تعمل على إعادة تعريف أساسيات القطاع. “الأمر لم يعد يتعلق بإدخال المنتجات إلى السوق فحسب، بل بات الأمر الآن، يتعلق بالتجربة – عدم تعريض الزبون للشعور بالملل”.

مبادرة مهمة من “وول مارت”

تتفق شركات التجزئة مع هذا الرأي بشكل متزايد. تشمل المبادرات الأخيرة التي قدمتها متاجر “وول مارت”، أكبر شركة للتجزئة في العالم، تطبيقات هواتف ذكية لمساعدة المتسوقين على التنقل عبر متاجرها الكبرى.

كما أن هناك تطورات أكثر تقدما في طور الإعداد إذ تعمل الشركة على توظيف ألفي خبير متخصص في التكنولوجيا هذا العام. 

سيركز كل من خبراء تعلم الآلة ومهندسي البرمجيات وعلماء البيانات على كيفية تحسين تجربة التسوق، سواء كانت تتم بالحضور شخصيا إلى المتجر أو عبر الإنترنت.

في الوقت نفسه، تبني شركة محال السوبرماركت كروجر مقرا رقميا لها في سينسيناتي، لإيواء ألف عامل. 

كشفت الشركة هذا الشهر النقاب عن شراكة مع شركة مايكروسوفت لتأسيس محال تجارية متصلة بالإنترنت، تتميز بوجود رفوف رقمية تعرض صفقات تسعير متحركة، وإعلانات ومعلومات عن المنتجات. الاستثمارات في مجال التكنولوجيا هي جزء من جهود شركات التجزئة التقليدية نحو التسوق “عبر قنوات متعددة”، التي تهدف إلى الجمع بين التجارة الإلكترونية والوجود المادي. 

قال بريان كورنيل، رئيس مجلس الإدارة، الرئيس التنفيذي لشركة تارجت، خلال المؤتمر الذي عقد الأسبوع الماضي، إن المتاجر الكبرى التابعة للشركة هي “واحدة من ميزاتنا التنافسية الأكثر أهمية”. 

كما أضاف قائلا: “نحن نستكشف كل شيء بدءا من الذكاء الاصطناعي وصولا إلى الواقع الافتراضي. على أنه ليس هنالك بديل للتواصل البشري الحقيقي”.

تدرس شركات التجزئة السبل الكفيلة من أجل إضفاء الطابع الشخصي على زيارات المتاجر التجارية، بنفس الطريقة التي تصمم بها المواقع الإلكترونية عروضها. 

تستطيع أنظمة “معرفة العميل” بما فيها النظام المقدم من قبل شركة كويبيك المعروف باسم “سي 2 آر أو”، تحديد عمر وطول المتسوق – وتحديد المتسوقين المنتظمين.

تهدف الأدوات الأخرى إلى جعل عملية التسوق أقل إرهاقا وأقل هدرا للوقت. العربات الذكية المزودة بأنظمة التعرف إلى الصورة، مثل تلك التي تم تطويرها من قبل شركة بروكلين الناشئة “كابر”، تسمح للمستهلك بالحصول على ما يريد من السوبر ماركت والمغادرة، دون مسح الرمز الشريطي للمنتج، أي الـ”بار كود”.

كما تستحدث بعض شركات التجزئة أيضا أجهزة كمبيوتر لوحية وغيرها من الأجهزة اليومية، من أجل التوصل إلى إيجاد خبرات من الممكن أن تكون مستحيلة عبر الإنترنت.

يتيح متجر الألعاب “فاو شفارتز” للأطفال فرصة تعديل وتخصيص السيارات التي تعمل بالتحكم عن بعد، من خلال أجهزة آي باد قبل أن يجمعها المختصون في المتجر أمامهم.

قال ريد رودريجيز مدير العمليات التشغيلية، إن الشركة تحاول إدخال عنصر “المسرح” للمحال التجارية. 

في الوقت الذي كان فيه كثير من شركات التجزئة بطيئة في تبني التكنولوجيا، بحسب ما قال، كان هناك مأزق كبير آخر هو الاعتماد على الحيل.

وأضاف: “الأمر يتعلق بالعثور على ذلك التوازن. وهذا ما يميز الشركات الناجحة عن تلك التي بدأت في إغلاق أبوابها”.

مع ذلك، ما إذا كانت إعادة تجديد التسوق باستخدام التكنولوجيا العالية كافية أم لا لإبعاد العملاء عن استخدام أجهزة الكمبيوتر المحمولة، والعودة مرة أخرى إلى الأسواق العضوية من جديد، فإن هذا يظل سؤالا مفتوحا، في انتظار الإجابة.

ستصبح الأدوات المتطورة عديمة الفائدة إذا استخدمها العملاء لطلب السلع عبر الإنترنت، فحسب. يحاول التنفيذيون قياس وتحديد الآلية التي تولد مبيعات كافية لتبرير التكاليف.

قال نيل سوندرز، العضو المنتدب لدى شركة جلوبال داتا ريتيل: “أن يكون باستطاعتك عمل شيء ما، فإن ذلك لا يعني ألبتة، أنه ينبغي عليك القيام به”.

قال إدوارد بارك، رئيس العلامة التجارية للملابس “جيس” في أمريكا الشمالية: “هناك كل أنواع التكنولوجيا التي يمكنك تبنيها. يجب عليك تفهم النوع الذي ينجح، للتأكد من تحقيق عائدات في هذا الاستثمار، وليبقى العمل مرتكزا على العميل”.

مع ذلك، بينما يستمر نمو قائمة خسائر شركات التجزئة، يصبح التنفيذيون على استعداد أكبر لخوض التجربة – وإنفاق أموال المستثمرين النقدية – لكي تظل الشركات العاملة في المجال العضوي، على صلة بالمستهلكين عبر التعامل المباشر على الأرض. 

خلال الأسبوع الماضي، تفادت متاجر شركة سيرز المخضرمة، التي تبلغ من العمر 126 عاما في اللحظة الأخيرة، عملية تصفية كاملة أخيرا، وكشفت سلسلة متاجر ملابس الأطفال جيمبوري النقاب عن خطط لتصفية معظم أعمالها التجارية، ما يعرض نحو 10 آلاف وظيفة للخطر.

يساعد الإنفاق الاستهلاكي القوي السلاسل الأخرى على أن يكون أداؤها أفضل. في كل أنحاء القطاع، ارتفعت مبيعات المتاجر الداخلية بنسبة 3.3 في المائة خلال موسم العطلات، وفقا لشركة ماستر كارد. 

مع ذلك، ارتفعت المبيعات عبر الإنترنت بشكل أسرع ست مرات، ويبدو أن بورصة “وول ستريت” متوترة بشأن الطريقة التي ستتكيف بها المتاجر المادية مع الركود الاقتصادي المقبل.

شركة أمازون.. خطر لا يتوقف

هجوم شركة أمازون على تجارة التجزئة المادية يعرض الشركات المنافسة المادية لمزيد من الضغط من أجل الابتكار. 

هذه الشركة التي اشترت متاجر البقالة “هول فودز” في عام 2017، تواصل افتتاح مزيد من متاجر “أمازون جو”، التي لا يحتاج فيها الزبون إلى المرور عبر صندوق الدفع وتجريب مفاهيم جديدة مثل متجرها المصنف ضمن فئة أربعة نجوم في نيويورك.

يجادل سوندرز بأن بعض الأدوات التي يجري تطويرها، مثل الرفوف الذكية في محال السوبرماركت، كانت مزعجة بشكل صريح. 

وقال: “لم أر أي شخص أبدا يريد مثل هذه الأشياء. إنها على العكس من المراد منها، تنحو إلى أن تزعج العميل من خلال رسائل لا يكون الشخص مستعدا حقا لاستقبالها وهو في المتجر. قد يكون الأمر منفرا”.

كذلك لعبت تكنولوجيا المتاجر الداخلية اللافتة للنظر دورا ضئيلا أو لم يكن لها أي دور في النجاح الذي حققه عدد من شركات التجزئة، التي حظيت متاجرها بأداء متفوق في العصر الرقمي، أخيرا.

المتجر المتخصص في ملابس اليوجا لولوليمون، قال الأسبوع الماضي إنه بصدد تحقيق ارتفاع مئوي بنسب تراوح بين 13 و 18 في المائة في المبيعات الفصلية مقارنة بمبيعات الفترات السابقة. لقد كان “أداؤه جيدا لأنه يبيع في الأساس منتجات تريد الناس شراؤها”، بحسب ما قال سايمون سيجيل، محلل قطاع التجزئة في الولايات المتحدة، الذي يعمل لدى شركة الوساطة المالية “إنستينت”.

“كما عملوا أيضا على إيجاد تجربة يتهافت الناس عليها”، مشيرا إلى دروس اليوجا التي تقدمها الشركة، حسبما أضاف.

الأكثر أهمية من الأدوات بالنسبة لصافي الأرباح والعائدات التي يحققها قطاع التجزئة، هو تحسينات الكفاءة المعتمدة على التكنولوجيا، التي تغيب إلى حد كبير عن أنظار الزبائن، مثل أتمتة المستودعات، بحسب ما قال سوندرز. 

“كثير من تكنولوجيا العمليات المساندة مفيدة حقا. الأشياء الموجودة داخل المتاجر يمكن أن تكون نوعا من الوهم والخيال”.

*الاقتصادية 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى