الرئيسيةمقالات

ملاحظات لشباب الأعمال

شارك هذا الموضوع:

الدكتور عبدالله بن ربيعان

قدر لي خلال عملي في المجال الاقتصادي إقامة برامج ودورات تدريب، وإدارة ورش عمل وحوارات حول بيئة الأعمال، كما درست مواضيع الجدوى الاقتصادية للمشاريع سنوات ليست بالقصيرة لموظفين وشباب أعمال، وتناقشت وتحاورت معهم، ورغم ذلك لا أدعي المعرفة الكاملة ببيئة الأعمال اليوم، ولذا فإن ما تتضمنه السطور التالية مجرد ملاحظات وصيد خاطر، لا يغني عن دراسات الجدوى، ولا عن سؤال الخبراء، ولا عن الجلوس مع رجال الأعمال والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم.

الملاحظة الأولى: إن هناك خلطا كبيرا بين مفهوم المشاريع الصغيرة والمتوسطة SME’s ومفهوم ريادة الأعمال Entrepreneurship، فليس كل شاب/ شابة أعمال، يطلق عليه رائد/ رائدة أعمال، ويجب التفريق بين المصطلحين، والأخيرة؛ أي ريادة الأعمال، تعتمد على الإبداع والابتكار والمخاطرة، وتهدف إلى سرعة بناء الثروة، ولكن الملاحظ أن تسمية رائد/ رائدة أعمال أصبحت هي السائدة في السوق، ربما كنوع من “البرستيج” و”الكشخة” فقط، رغم أن غالبية المشاريع مشاريع صغيرة ومتوسطة، ولا ينطبق عليها من قريب ولا بعيد تصنيف ريادة الأعمال.

الثانية: للشباب والشابات الجدد الراغبين في دخول مجال الأعمال، اعلم أن لا أحد سيقتنع أو يقدم على تمويل فكرة موجودة في رأسك فقط، اطرح الفكرة على الورق، ناقش إمكانية تنفيذها، احسب عوائدها وتكاليفها، مزاياها وصعوباتها بينك وبين نفسك، وبينك وبين خبراء ومختصين في مجال الأعمال الذي ترغب في دخوله، فإن وجدتها – الفكرة – مجدية اقتصاديا، فانتقل إلى قراءة الملاحظة الثالثة.

الثالثة: لا تتحمس للفكرة لمجرد أنها فكرتك فقط، ولكن ناقشها بحيادية وواقعية بحسب التكلفة والعائد، فإذا ناقشت الفكرة ووجدت أنها لا يمكن تنفيذها فعليا لمانع أو لآخر، أو ليست ذات عائد مجدٍ في السوق، فلا تصر عليها، وابحث عن غيرها، فالحكم على الأفكار يجب أن ينطلق من معايير الربحية من دون تحيز أو تعصب.

رابعا: لا تخلط بين العائدين الاقتصادي والاجتماعي، فالبعض مثلا يريد أن يفتتح مقهى ثقافيا – على سبيل المثال – ليدعم فكرة القراءة في المجتمع، وهو هدف نبيل، إلا أنه ليس اقتصاديا، فمشروع الأعمال يقوم على حسابات التكلفة والعائد، ولا مانع أن تستخدم القراءة والكتب والحراك الثقافي؛ لتدعم نجاح مشروعك اقتصاديا، ولكن ليس العكس.

خامسا: فرِّق بين المشروع الصغير أو المتوسط وبين “المتاجرة”، فالمشروع كيان قانوني مسجل رسميا، له موقع، وعليه تكاليف والتزامات، ويوظف ويحقق عوائد، ولكن من يستورد سلعة من الصين أو غيرها ويسوقها على المحال أو الناس ليحقق ربحا رأس مالي بين سعري الشراء والبيع فهو تاجر، وغالبا لن تجد من يمول الفكرة إذا كانت قائمة على المتاجرة فقط، ولكن هناك تمويل ودعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهناك جهة حكومية ترعاها وتدعمها.

سادسا: يبقى التسويق والقدرة على النفاذ إلى السوق هما العائقان الكبيران أمام المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والسبب الرئيس لخروج كثير منها، فلا بد أن تركز على دراسة التسويق، وكيف ستصل منتجاتك إلى أيدي الناس، وبِمَ ستتميز، وما الحصة السوقية التي ستستهدفها، ومن هم شريحة الزبائن الذين تبحث عنهم، وإذا لم تعرف هذه التفاصيل قبل أن تبدأ، فسيكون وضعك صعبا بالتأكيد.

سابعا: لا تتوسع في التكلفة بلا داعٍ، فإن كان يكفي لمشروعك جهاز قيمته 20 ألف ريال، فلا تشتري الجهاز الأعلى الذي يكلف 100 ألف؛ بحجة أنك ربما تحتاج إليه، ففعليا إنك تزيد التكلفة بلا داعٍ، بل هذا يعد نوعا من التكلفة الضائعة التي تؤجل فترة استعادة رأس مالك، إن كان التمويل ذاتيا، أو ترفع عليك القروض والأقساط، إن كان تمويلك بالقروض بلا مبرر.

ثامنا: اعلم أن إمكانية الحصول على تمويل لمشروعك الصغير أو المتوسط مرتبطة بالتكلفة، وكلما كانت تكلفة المشروع أقل، زادت فرصتك للحصول على التمويل، فالمشروع الذي يكلف 100 ألف ريال، ستجد من يموله بسهولة، مقارنة بالمشروع الذي يكلف مليونا، فلن تجد من يموله إلا بصعوبات وضمانات ورهون لا يملكها الشاب المبتدئ. وعليه؛ حاول أن تخفض تكاليفك وحجم مشروعك بالحدود القصوى؛ لتزيد فرص حصولك على التمويل، وهو أفضل من أن تبقى فكرتك ومشروعك حبيسة الأدراج؛ لأنك لم تجد من يمولها لكبر حجم التمويل المطلوب.

ختاما، على رجال الأعمال والغرف التجارية دور كبير في توجيه شباب الأعمال ومساعدتهم والالتقاء بهم ودعمهم، فدور الخبير والموجه mentor حق لشباب الأعمال على رجال الأعمال المعروفين في السوق، ويزيد ثقتهم بأنفسهم، ويدعم فرص نجاحهم وتميزهم، وأعتقد أن فرص الشباب اليوم أكبر وأفضل في ظل توجه الحكومة إلى محاربة التستر، وفتح فرص العمل أمام شباب البلد، وأتمنى ألا يبخل عليهم رجال الأعمال بالدعم والنصيحة؛ ليجتازوا صعوبات البداية، ويكتسبوا الخبرة اللازمة لإدارة أعمالهم بأنفسهم.

الاقتصادية 

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى