الرئيسيةمقالات

تأثير التكنولوجيا الرقمية في قطاع الأعمال

شارك هذا الموضوع:

قبل عشر سنوات، عند سؤال كبار التنفيذيين أو مديري الشركات عن معنى “الرقمية”، عادة ما يكون جوابهم أنها تقنية تتمحور حول وسائل التواصل الاجتماعي. أما اليوم، فقد تكون التطبيقات، البيانات الكبيرة، الطباعة ثلاثية الأبعاد، والسحابة أو مثال آخر عن التكنولوجيا الرقمية. جميع الإجابات صحيحة وخاطئة على حد سواء.

فالأهم من ابتكارات بعينها أدخلتها الثورة الرقمية تأثيرها التراكمي الذي يقلب المعايير في قطاع الأعمال وعلى صعيد المؤسسات. لم يعد هناك حدود بين العالمين قبل وبعد الرقمية، فالرقمية هي قطاع الأعمال، وقطاع الأعمال هو الرقمية.

ومع ذلك، لا يأخذ القياديون في الشركات على عاتقهم مسؤولية رقمنة مؤسساتهم، كما أوضحت دراسة استقصائية أجريناها في 2016 ـ على 1160 مديرا وتنفيذيا وعضو مجلس إدارة ـ التي أصدرنا بناء عليها تقريرا متاحا على الإنترنت، حيث توصلنا إلى أن معظم أعضاء مجلس الإدارة يفتقرون إلى المعرفة والوعي اللازمين لقيادة التحول الرقمي. لمساعدة الإدارة العليا على اللحاق بركب التغيير، أصدرنا أخيرا تقريرا جديدا – “قيادة التحول الرقمي: المبادئ التوجيهية للتنفيذيين وأعضاء مجلس الإدارة”.

نطرح من خلاله 11 استنتاجا وتوصية استراتيجية تحت ثلاث فئات، نورد موجزها أدناه.

وتستند هذه التوصيات إلى نتائج توصلنا إليها سابقا، وخبراتنا المهنية والتدريببة، بالتعاون مع مؤسسات من مناطق جغرافية عدة وقطاعات مختلفة. تتطلب الرقمنة فهما موضوعيا للبيئة الخارجية. تجب إعادة النظر في أطر العصر التماثلي مثل “القوى الخمس” لمايكل بورتر، فتأثير الرقمنة اليوم يستبدل بشكل سريع العوائق التقليدية بأخرى غير ملموسة مثل: الأهداف وثيقة الصلة، والرسالة الرنانة، والأصالة والثقة، التي يصعب على أي قطاع التغلب عليها. قد يتطلب التحول الرقمي إعادة صياغة رسالة الشركة، فالتحول البيئي الناجم عن الرقمية قد يتحدى وجود شركات بعينها، وحتى قطاعات بأكملها.

ويتعين على مجالس الإدارة والتنفيذيين اختبار جميع الفرضيات التي وضعتها مسبقا حول مهمة الشركة ووضعها، فضلا عن مدى استدامة نماذج أعمالها والأساليب التي تتبعها. يجب توضيح معنى وتأثير الرقمية في الشركة. تكمن ميزة الرقمية إلى حد كبير في قدرتها على تكييف ليس المنتجات والخدمات فقط، بل الاستراتيجية المؤسساتية وهيكلية الشركة أيضا، فبدلا من البحث عن برنامج عمل لتوجيهها نحو الرقمنة، ينبغي على الشركات تحديد خريطتها نحو الرقمية.

ويمكن للقادة البدء من خلال تطوير قاموس داخلي، بما في ذلك مداخل الرقمنة وجميع الكلمات الرئيسة والمفاهيم، كما في القواميس الأخرى، ويحتاج هذا إلى تحديثات بشكل مستمر. فهم قدرات الرقمنة على جميع مستويات الشركة. تقتضي الرقمنة وجود عدد كبير من الخبراء، ولكن المسؤولية النهائية نحو التحول الرقمي تقع على عاتق جميع الاختصاصات في الشركة.

يتطلب التغيير الناجح أيضا تعاونا على جميع المستويات من القاعدة إلى الهرم، عن طريق ربط جيل الألفية الرقمية بالخبرة العملية وبصيرة كبار التنفيذيين والمديرين. يجب أن تكون الرقمنة مدعومة بثقافة الشركة. الثورة الرقمية هي في الواقع ثقافة، وليست مجرد تكنولوجيا. وكما هو الحال مع أي تغيير ثقافي واسع النطاق، لن تترسخ الرقمنة إلا في حال تلقت الدعم من الإدارة العليا، وكانت تحت إشراف أعضاء مجلس الإدارة. تتطلب الرقمنة أعلى مستويات التعاون.

لا يمكن تحقيق النجاح في قطاع الأعمال إلا من خلال التعاون والتواصل المستمر بين المساهمين ومجالس الإدارة والتنفيذيين وموظفي “الخطوط الأمامية”. وإضافة إلى ذلك، تزيل الرقمنة الحدود التي تفصل القطاعات المختلفة، ما يزيد من أهمية التعاون على جميع الأصعدة. تتطلب الرقمنة إشراك الجمهور بشكل أكبر.

في الماضي، لم يكن الاهتمام بالعملاء يستحوذ على اهتمام كبير “تحدثنا إليهم، سوقنا لهم”. أما في عصر الرقمية، فيمكن لأي شخص إيجاد وتحقيق قيمة بشكل كبير وبسرعة وعلى نطاق واسع وبسهولة تامة. على سبيل المثال، يمكن للمستهلكين أن يدمروا قيمة الشركة من خلال نشر تغريدة.

لم يكن من الأسهل أو أكثر أهمية، إشراك العملاء في إيجاد أفكار جديدة. فالشركات التي تسوق نفسها على أنها تحقق أحلام العملاء هي الرابحة في المستقبل. عملية وضع الاستراتيجية عملية مستمرة في العصر الرقمي. لقد ولت الأيام التي كانت فيها الشركات تمتلك رفاهية وضع الخطط الاستراتيجية الخمسية.

فمع تحول الاتجاهات الرئيسة في قطاع الأعمال على الدوام، كما هو الحال اليوم، تجب صياغة الاستراتيجية وتنفيذها في الوقت ذاته، ودون تعقيدات.

تعتمد عملية اتخاذ القرارات في العصر الرقمي، بشكل متزايد على البيانات مقارنة بالعدد الكبير من أدوات التحليل والتوقعات المتقدمة المتاحة أمام الشركات.

في يومنا هذا، فإن الملخص التنفيذي القديم الطراز يعد أداة بدائية، ففي غياب البيانات الكبيرة، ما كان مسموحا في الماضي مثل تكهنات أصحاب الخبرة، لا يتوافق مع يومنا هذا. تتطلب الرقمنة من الشركات استطلاع مجالات جديدة. يستلزم التخطيط للتغيرات الجذرية في القطاع استكشاف نماذج أعمال جديدة وسبل لتحقيق الإيرادات، وسيتعين على المؤسسات إطلاق تجارب طموحة واعتمادها.

من جانبهم، يجب على مجالس الإدارة والتنفيذيين التعامل بأريحية مع حالة عدم اليقين والغموض والمخاطر. تتمحور الرقمنة حول إدارة التغيير بشكل متواصل في العالم ما قبل الرقمي. قد يكون تغيير برنامج واحد، سببا في دفع الأرباح لسنوات إن لم يكن عقودا، ولا ينطبق ذلك على الواقع الحالي، حيث يتعين على المديرين والتنفيذيين التأكد من أن الإرادة والقدرة على التغيير المستمر تنصهران في نسيج المؤسسة. إن الثورة الرقمية، كأي ثورة، يمكن النظر إليها على أنها كارثة أو عالم من الفرص ـــ بحسب ولائك للنظام القديم أو الجديد، والتفاؤل شرط أساس للاستمرارية.

ومن المؤكد أن الرقمية ستجبر مجالس الإدارة والتنفيذيين على تحقيق مستويات غير مسبوقة من الابتكار والكفاءة والفعالية والقيادة والمسؤولية ــــ مع تحقيق نتائج إيجابية جوهرية تعود على كل من الشركات والمجتمع. ومن غير المحتمل أن تستطيع أساليب الإدارة التقليدية، الصمود في ظل الثورة الرقمية. ولكي تتمكن مجالس الإدارة والتنفيذيون من أداء أدوارهم بفعالية في المستقبل، لا بد لهم من إعادة صياغة هذه الوظائف إن لم تكن إعادة هيكلتها بشكل جذري.

الاقتصادية 

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى