مقالات

هل نسعى لتوازن الموازنة؟

أ.د.سامر الرجوب

هل فعلا نبحث عن حلول لموازنة الموازنة بأن يختفي العجز وتتساوى الإيرادات مع النفقات أو أن تزيد عنها؟

هل هذا هو حل جميع مشاكلنا الاقتصادية؟  هل فعلا بتنا نحكم على نجاح برامج الإصلاح المالي بمقدرتنا على حل هذا العجز ؟

هل يوجد اقتصاد حر “باستثناء بعض الدول الاسكندنافية”  لديه فائض في ميزانيته ، هل هي أميركا ؟ هل هي الاتحاد الأوروبي ؟ هل هي الصين ؟ هل هي اليابان؟ هل هي بريطانيا؟  

طبعاً الاجابة  “لا”؛ إن جميع هذه الدول لديها عجز لكنها لا تعتبرها المشكلة الأساسية وإنما تنظر للأمر على أنه نتيجة لقيام الدول بدورها التي وجدت من أجله وهو تقديم الخدمات الأساسية وغير الأساسية لمواطنيها وحسن إدارتها لشؤون العامة حتى لو تجاوز الانفاق الإيراد، ولذا نجد أن أكثر من 80 % من دول العالم لديها عجوزات ولا تستميت لحلها.

نحن لسنا بحاجة للموازنة أن تتوازن ولا أنصح الحكومة ان تبحث عن حل لذلك فهذا هو الامر الطبيعي وليس الاستثناء ، إذا كان صندوق النقد الدولي يعتقد أن العجز الصفري هو الإصلاح المالي فأني أبدي استغرابي-  كأي انسان آخر مطلع على موازنات الدول في العالم – في أن يكون هذا هو الإصلاح المالي.

إذا كان لا بد من تقديم برنامج للإصلاح المالي، فذلك يعني ان هناك خللا ماليا يحتاج الى معالجة وفي هذه الحالة – ومن وجهة نظر مبعوثي صندوق النقد – الخلل هو اعتبار العجز في الموازنة هو المعضلة الكبرى ، والحكومة الأردنية قد اقتنعت أو كانت مقتنعة مسبقا بان هذا هو الجرح الذي يجب تضميده ومعالجته.

إذا رغبت في أن أعرف الإصلاح المالي ضمن الطرح الذي سمعناه من قبل الحكومات، فإنه لا بد أن يكون “إصلاح أي خلل في تحسين آلية تحصيل أموال الدولة من كافة انواع الضرائب ووقف الهدر الضريبي ومعالجة التهرب منه وتحسين سبل إنفاق تلك الإيرادات على المواطنين وعلى بنية الأردن”.

إذا كان هذا هو الطرح  فإن الهدف  ليس معالجة العجز في الموازنة وهذه هي الحلقة الناقصة في التفاوض مع صندوق النقد لأن الإصلاح المالي لا يعني بالضرورة الوصول إلى نقطة التعادل في الموازنة ولا يعتبر واجباً.

آن الوقت أن نشيح النظر عن أكثر كلمة انتشارا واستخداما من قبل الحكومات والمواطنين وهي عجز الموازنة لاننا وبدون ادنى شك ننظر للنتيجة وليس المتسبب في هذا العجز.

دعونا ننسى تلك الكلمة لانها في العرف الاقتصادي والواقع العالمي لا تعتبر خطرا وخصوصا أن نسبة العجز لا تتجاوز

 3 % وهي ضمن الحدود الآمنة التي لا تنعكس سلباً على باقي المؤشرات الاقتصادية.

لقد اقنعنا انفسنا أن حل عجز الموازنة هو الدواء لكل امراض الأردن الاقتصادية  وهنا قد اخطأنا حتى ان الطرح الذي تم تقديمه من قبل معظم الحكومات جعل الجميع يطلب مزيداً من العصر في ارقام الموازنة مع أن هذا بحد ذاته يعتبر مشكلة اقتصادية تؤثر في ابطاء عجلة النمو الاقتصادي.

الحل يكمن في انعاش الاقتصاد وتشجيع الاستهلاك والاستثمار والانفاق الحكومي والتصدير وليس في الاستمرار في ضبط الانفاق وتعظيم الايراد من خلال الاستمرار في رفع نسب الضرائب وتقديم المزيد منها… لا لموازنة الموازنة.

* خبير الاستثمار وإدارة المخاطر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى