الرئيسيةشبكات اجتماعية

‘‘مثالية‘‘ مستخدمي منصات التواصل.. هل هي واقعية؟

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

الغد – مجد جابر

 سيطرت نظرات الاعجاب على الثلاثينية رولا مسعود وهي تشاهد منشورات زميلتها بالعمل على فيسبوك يومياً، ذلك جعلها لا إرادياً تحاول التقرب منها بسبب كمية التفاؤل والطاقة الايجابية والحكم والأقوال العميقة التي تحتويها “البوستات” التي تكتبها، والحياة الوردية والمثالية التي تعيشها وتعكسها على هذه المنصات.

غير أن الصدمة الحقيقية، كانت بعد أن عرفتها وتقربت منها أكثر على المستوى الشخصي، متيقنة تماما أنها لا تمت بصلة لكل ما تكتبه وتشارك به الآخرين على الفيس بوك، فهي على العكس تماما ومتناقضة مع ذاتها، لافتة إلى أنها “حقودة”، وتنظر للآخر بعين الحسد والغيرة، وكل ما تكتبه لا يمت للحقيقة بصلة، إنما “تنظير” بعيد عن الواقع فقط لا أكثر.

وتبين أنها كثيرا ما كانت تتعمد أذية زميلاتها بالعمل، وايقاعهن بمشاكل كثيرة، وزرع المشاكل والفتن بين الموظفين، وبذات الوقت تكتب عن الود والزمالة والوفاء والحب، عكس ما تتصرفه.

ذلك دفع رولا للابتعاد تماماً عنها، وتجنبها وازالتها من قائمة الأصدقاء على فيسبوك، لافتة إلى أنها ما تزال حتى الآن غير مدركة كيف يمكن للإنسان أن يعيش بشخصيتين، فهي بالأساس بعيدة كل البعد عن الإنسانة المثالية الموجودة على فيسبوك.. متساءلة: ما الذي يدفعها لأن تكون على غير حقيقتها؟!.

رولا ليست وحدها التي صدمت بهذه النوعية من الأشخاص. نسرين ابراهيم هي واحدة أخرى تعرف شابا يسكن بذات البناية، وهو واحد من الأشخاص الذي لا يحترم زوجته على الإطلاق ولا أهل بيته وتصدر منه شتائم وألفاظ مسيئة.

وتبين أن زوجته كثيرا ما لجأت إليهم في منتصف الليل بسبب قيامه بضربها وشتمها وطردها من المنزل.

وفي أحد الأيام كانت تتصفح مواقع التواصل، ووجدت لهذا الشخص حسابا على فيسبوك وتويتر وأعدادا كبيرة جداً من المتابعين، وهو ما جعل الفضول ينتابها وتدخل على تلك الحسابات لتعرف المحتوى الذي يقدمه ليجذب كل هذه الأعداد.

الصدمة التي انتابتها هي المنشورات التي يضعها على صفحته والمليئة بالأقوال التي تناصر المرأة وتدافع عنها وعن دورها في المجتمع ووصولها لأكبر المناصب لأنها تستحق، وأهمية احترامها واعطائها حقوقها كاملة، ويتطرق لمواضيع كثيرة أخرى كلها إنسانية ومثالية.

وتضيف أنها تمنت لو كان بإمكانها تعريته أمام كل هذا الجمهور الذي يتابعه، ليعلم حقيقته وهمجيته والعدائية التي يعامل بها أهل بيته وأقرب الناس إليه.

ولربما هناك الكثير من الأشخاص الذين يعانون من هذا “التناقض” الواضح على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، فهم يعيشون شخصية منسلخة تماماً عنهم، ويدعون المثالية وهم يتصرفون نقيضها، كنوع من تعزيز شعور معين لديهم.

الاختصاصي التربوي والنفسي الدكتور موسى مطارنة يذهب إلى أن هؤلاء الأشخاص يعانون مشكلات بأنماط الشخصية نفسها، فهذه المواقع هي افتراضية ونسبة كبيرة من محتواها غير صحيح وغير موثق، خصوصا ما يصدر عن الحسابات الشخصية.

ويبين مطارنة أن الشخص يتحدث بما يحلو له بغض النظر عن فهمه للأمر أو ايمانه به، كما أن حالة الفراغ وعدم التوازن النفسي وفقدان القدرة على مواجهة الحقيقة والتعامل معها تجعله يبث كل تلك المثاليات عبر هذه الشاشة، وهذا ما يظهر من خلال الحديث والردود على الناس، لكنه في التعامل الحقيقي يظهر كم هو انسان بعيد عن الصدق والموضوعية.

ويعتبر مطارنة أن مثل هذه النماذج تعاني مشاكل كبيرة، وتحاول أن تجذب الناس لها عبر منصات التواصل مستهدفة أناس لا يعرفون حقيقتها بمكان يشبع النقص ويخفي الحقيقة.

ويشير مطارنة الى أن الأصل أن يكون الانسان صادقا مع نفسه ومتصالحا معها كما هي دون تغيير أو تزييف للواقع، ويعبر عن نفسه بصراحة ويظهر حقيقته على الواقع.

في حين يرى الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي أن هؤلاء الأشخاص يعيشون شخصيتين وحالة من “الانفصام”، تتمثل بـ “المثالية” التي تظهر حقيقتها عند أول مواجهة حقيقية مع المجتمع.

ويلفت إلى أن أغلب من يعيشون هذه الشخصية خرجوا من المحيط الضيق الى الأوسع، ولا يوجد من يعاتبهم أو يلومهم بهذه المساحة، إنما يصدقون كل ما يكتبونه.

ويفضل الخزاعي أن تكون هذه الشعارات التي يكتبها الشخص هي دافع لتهذيب نفسه وتشجيعها أكثر من أن تكون توجيها للمتابعين له على مواقع التواصل الاجتماعي، لافتا إلى أن فاقد الشيء لا يعطيه.

ويعتبر أن أغلب هذه الأفكار التي يكتبها هذا الشخص تكون مأخوذة ومنقولة وغير نابعة من فكره وسلوكه الأصلي، مبينا أن هذه الفئة من الناس هم أعداء المجتمع يعيشون بشخصية أمامه والثانية داخل البيت.

إلى ذلك، هناك فئة كبيرة من الناس، يكون الهدف الأساسي من وراء كل ما ينثونه هو حصد أكبر عدد ممكن من التعليقات والإعجاب، والمتابعة لجذب أكبر عدد ممكن بهذا العالم الافتراضي.

ويقدر عدد مستخدمي فيسبوك في الأردن بحوالي 6 ملايين حساب، وعلى تويتر هناك 300 ألف مستخدم.

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى