الرئيسيةريادة

عاصفة “البرمجة” تجتاح شباب الكويت

هاشتاق عربي

كان الموقع الذي وقع الخيار عليه ملفتا بالنسبة لمشروع جديد وممتع، برج التجارية في مدينة الكويت؛ حيث سيمضي 12 طالبًا الأسابيع الثمانية القادمة لتعلّم البرمجة الإلكترونية.

في الطابق الـ 35، يمكن للطلاب أخذ استراحة من شاشات الكمبيوتر والاستمتاع بمناظر المدينة المذهلة ورؤية مياه الخليج من بعيد.

عام 2015، وبعد بضعة أشهر من شراء مجموعة تجارة إلكترونية ألمانية (روكيت إنترنت) شركة كويتية ناشئة لتوزيع الطعام اسمها (طلبات) مقابل مبلغ قيل إنه وصل إلى 150 مليون يورو (170 مليون دولار)، فتح كثير من الكويتيين عيونهم على هذا المشهد الجديد في البلاد.

إمكانات غير مستغلة

كان هذا البرنامج هو الأول الذي تديره أكاديمية “كوديد” (Coded) لتعليم البرمجة الإلكترونية، ولم تكن أروى الجاسر متأكدة من نتائجه.

كانت أروى واحدة من بين مشاركتين فقط في التدريب، ولكن لم يكن غياب المشاركة النسائية بصورة كبيرة هو السبب الوحيد لتوترها. تقول أروى لبي بي سي: “شعرت أن كل شخص آخر كان على دراية أكثر بالموضوع، وأن الجميع سبقني. اعتقدت أني متأخرة عن البقية لسبب ما”.

جاءت هذه الفرصة في الوقت المناسب لأروى، التي كانت قد تخرجت حاملة شهادة في مجال الأعمال، وكانت قد تركت منذ فترة قصيرة وظيفتها في القطاع الحكومي لتختبر ما إذا كان العمل في مجال التكنولوجيا مناسبا لها.

أروى، ذات الـ 31 عاما، منهمكة اليوم بفحص طلبات متقدمين راغبين بالعمل في شركتها المتخصصة في مجال تصميم مواقع الإنترنت، ولا يفصلها سوى أسابيع عن إطلاق هذه الشركة. وتقول أروى إنها تدين لشركة “كوديد” بما وصلت له ولتمكينها من الانتقال بعملها إلى المسار الذي تحبه.

بعد أن تغلبت أروى على مخاوفها الأولى، بدأت التركيز على تشجيع نساء أخريات للتفكير في العمل في مجال التكنولوجيا. وتقول إنه رغم وجود أعداد متزايدة من رائدات الأعمال في الكويت، إلا أن المكان يتسع للمزيد.

لا تتجنب أروى الحديث عن التحديات التي واجهتها، بل تتحدث عنها بتلقائية ووضوح، وتدعم مبتدئات أخريات في هذا المجال أثناء عملها كمساعدة معلم في معسكر تدريبي صيفي مع أكاديمة “كوديد” بعد تخرجها من هذه الأكاديمية.

وتقول: “رأيت الفتيات يمررن بنفس التجربة، وتراودهن نفس الأفكار التي مرت بذهني في البداية عندما كنت طالبة”.

وتضيف: “أردت أن أطمئنهن وأؤكد أنهن كن يقمن بعمل رائع، حتى ولو لم يصدقن ما أقوله. احتجت أن أكسب ثقتهن”.

وأروى أيضا عضوة في مجموعة نساء كويتيات منخرطات في برنامج تكنولوجي تابع لشركة غوغل Google، والذي يقدم الدعم للنساء في هذا المجال.

لكن الجهود المبذولة لجعل الشركات الناشئة أكثر شمولية، لا تعود للنساء حصرا. وعلى الرغم من أن أروى تعترف بأنها واجهت مقاومة من بعض الرجال الذين استنكروا وجودها في هذه الصناعة، إلا أنها تقول إن رجالا آخرين كانوا من أشد الداعمين لها.

ومن بين هؤلاء الرجال، معلمها الأول في برنامج التدرب على البرمجة.

مواهب تقنية

لم يكن للتدابير الحكومية، مثل الصندوق الوطني لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، الذي يبلغ حجمه 2 مليار دينار كويتي (6.6 مليار دولار)، إلا تأثيرا محدودا حتى الآن في تعزيز مجال ريادة الأعمال في الدولة الخليجية الصغيرة.

وفي قائمة فوربس لعام 2018 والتي تضم أكبر 100 شركة ناشئة في الشرق الأوسط، ظهرت شركتان فقط من الكويت ضمن القائمة.

ومن المحتمل أن يكون للضجة التي نتجت عن عمليات استحواذ كبيرة على شركات كويتية ناشئة في السنوات الأخيرة دوراً في تنشيط القطاع الخاص. واستلهم كثيرون من تجربة كاريج Carriage، وهي شركة لتوصيل الطعام تم شراؤها العام الماضي من قبل شركة Delivery Hero ومقرها ألمانيا، مقابل 100 مليون دولار أمريكي خلال 18 شهرًا على إطلاقها.

ويعد بروز مبرمجين محليين خطوة إيجابية أيضا.

يعتقد كل من أحمد معرفي وهاشم بهبهاني، وهما مؤسسا “كوديد”، أن هناك فكرة خاطئة مفادها أنه من الصعب العثور على مواهب تقنية في البلاد العربية، لذا فهما يعملان على معالجة هذا الفهم المغلوط.

وإضافة إلى معسكرات التدريب، تدير “كوديد” الآن دورات للأطفال بالإضافة إلى تدريب الشركات حسب الطلب.

ويقول أحمد معرفي إن الاستفادة من إمكانات المرأة في الكويت – وفي المنطقة عموما – تشكل جزءا كبيرا من الجهود التي يبذلونها.

يقول أحمد، وعمره 29 عاماً، إن عدد النساء المهتمات بتلقي التدريب في “كوديد” قد ارتفع بشكل متزايد، وإنهن يشكلن الآن ما بين 40 و 50 في المئة من خريجي المعهد.

ووظفت الأكاديمية مؤخراً أول امراة لتنضم لفريق المدربين.

نطاق أوسع

ومع نمو شركة كوديد، بدأ مؤسساها بتوسيع نطاق الوصول ليشمل مجموعة ديموغرافية أكبر في الدول الناطقة بالعربية من خلال إطلاق “برمج” Barmej – وهو منصة تفاعلية عبر الإنترنت يدرس البرمجة باللغة العربية. يمكن للمستخدمين الاشتراك مجانا وتعلم الأدوات التي تمكنهم من العمل كمطورين برمجيين عن بعد.

واستقطبت المنصة في سنة إطلاقها نحو 150.000 مستخدم.

ويوضّح أحمد: “مع التكنولوجيا، لا تحتاج لأن يكون لديك رأس مال كبير لتتمكن من بناء أو إنشاء شيء – إن كان لديك المهارات المناسبة فبإمكانك بسهولة إنشاء تطبيق رائع أو منصة يمكن لها أن تصل إلى ملايين المستخدمين بأقل ميزانية ممكنة وفي فترة قصيرة جدًا من الوقت”.

ويبدو هذا المفهوم مهما في مناطق النزاع، مثلا، والمناطق الأخرى التي تكون فيها فرص العمل والتعليم محدودة. ومع أخذ ذلك في الحسبان، طوّر الفريق الموقع الإلكتروني لتمكين الصفحات من التحميل في المناطق حيث تكون سرعة الإنترنيت بطيئة.

ويقول: “أعتقد أننا حقا نحتاج مزيدا من قصص النجاح في هذه المنطقة من العالم حتى يتسنى للناس الذين فقدوا الأمل أن ينضموا لنا وأن يصمموا منصات عظيمة لمساعدة هذه المنطقة على حل مشاكلها”.

تعتبر أروى أيضا من أقوى المناصرات لفكرة قوى التكنولوجيا في حل المشكلات. وتشمل خططها المستقبلية تطوير صفحتها على الإنترنت “مكانكم” المتخصصة بتأجير مساحات للعمل.

وحاليا، تستعد لقيادة ورشة عمل لمدة يومين في نهاية هذا الشهر كجزء من حدث استضافته مجموعة Women Techmakers.

وباعتبارها واحدة من بين مدربين يعلمون المشاركين إنشاء موقع إلكتروني من البداية تماما، تقول أروى إنها تتوقع أن يذكرها هذا بخطواتها الأولى نحو عالم التكنولوجيا قبل أكثر من ثلاث سنوات. وتأمل للمشاركين أيضًا ألا يتراجعوا عما بدأوا في عمله.

البي بي سي 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى