الرئيسيةمقالات

أسباب فشل الشركات الناجحة

شارك هذا الموضوع:
شهد قطاع الأعمال عبر التاريخ أسماء لشركات كبرى نجحت في الهيمنة على قطاعاتها، لتتراجع وتتخفى خلف إنجازاتها السابقة، أو حتى تختفي؛ لذا فإن فهم أسباب فشل الشركات الكبرى وكيفية تفادي هذا المصير – موضوع يشغل الباحثين، ناهيك عن النمو الذي يشهده قطاع الاستشارات.

استمرار تعرض الشركات الناجحة للفشل، يعد دليلا على الفهم غير الكافي لأسباب زوال الشركات؛ حيث يرى البعض أن الخيارات والالتزامات غير المسؤولة، والإجراءات التي تتخذها الإدارة العليا، هي المسؤولة عن النتائج الاستراتيجية، وتحديد مصير الشركة. من هذا المنطلق، فإن الأداء المتميز مرتبط بالرؤساء التنفيذيين الحاليين، أمثال: جاك ويلش في “جنرال إلكتريك”، ولو جيرستنر في “آي بي إم”، وألان مولالي في “فورد” أو أندي جروف في “إنتل”، وكذلك الأداء الضعيف رغم وجود الرئيس التنفيذي في منصبه فترة قصيرة، إلين كولمان في “دوبونت”، وفريتز هندرسون في “جنرال موتور”، كريستوفر جالفين في “موتورولا”، أو جورجن سينترمان في “آه بي بي”.

يرى طرف آخر أن اندحار الشركات تتسبب فيه الهياكل والإجراءات ونماذج العمل التي تعزز من الفكر المتحجر في الشركة، ما يجعل التكيف والتغيير أمرا في غاية الصعوبة وحتى مستحيلا. وأخيرا، يرى أنصار نظرية النمو الاقتصادي “شومبيتر”، أن أسباب فشل الشركات تكمن في عدم قدرتها على التكيف مع البيئة الخارجية المختلفة جذريا، الذي أصبح واضحا في عديد من القطاعات، بدءا بقطاع التجزئة، وصولا إلى قطاع النشر والاتصالات، وعدم قدرتها على مواجهة التغيرات التكنولوجية السريعة.

في حين تبدو الحجج الثلاث مقنعة تماما، إلا أن أيا منها لم ينجح في إعطاء تفسير كاف لأسباب وكيفية فشل الشركات، ما يستدعي وجود رؤية أكثر شمولية لمسيرة الشركة. كنا محظوظين لوجود آراء مدعومة بأبحاث على مدار 20 عاما حول تجربة “نوكيا”؛ الشركة التي شكلت وجه القطاع لتهيمن عليه كإحدى أقوى العلامات التجارية في العالم، لتختفي بعدها عقب بيعها لشركة مايكروسوفت.

حاز كتابنا الأخير الذي يتناول رحلة “نوكيا”: “نغمة الرنين.. استكشاف صعود وسقوط نوكيا في الهواتف المحمولة”، على جائزة تيري بوك الفخرية لأكاديمية الإدارة 2018، لكن النتائج التي توصلنا إليها كانت أبعد من تجربة “نوكيا”، في محاولة لشرح أسباب فشل الشركات الناجحة. وجدنا أن أسباب هلاك الشركات هو مزيج من إدارة الاختيارات، وقدرة المؤسسة على التكيف، وتطور القطاع، بحيث يلعب كل عامل دورا أكثر أو أقل مع الوقت، إلى أن يصبح الترابط فيما بينها قاتلا.

تسهم خيارات الإدارة بشكل واضح في تراجع الشركة، ولكن لا يقتصر الأمر فقط على القرارات التي يتخذها الفريق الإداري؛ فبذور الركود الاستراتيجي تكون نتاج خيارات اتخذتها الإدارة قبل عقد من الزمن أو أكثر. تؤدي تلك القرارات إلى انتهاج أسلوب استدلالي وغطرسة والتزامات غير مدروسة، فتُوجِد بدورها سياقا يتم من خلاله اتخاذ إجراءات مستقبلية.

الاعتماد بشكل كبير على أسلوب استدلالي، ولا سيما من خلال التعلم غير الواعي أو غير المقصود، الذي تختبره الشركة أثناء نموها وتجاوزها حالات الأزمات، ليصبح من المبادئ الأساسية خلال عملية صنع القرار. على سبيل المثال، وجدت “بولارويد” في مرحلة مبكرة عقب استثمارها بشكل كبير في تطوير التكنولوجيا، أن سوق الكاميرا الباهظة الثمن محدود وغير كاف لاستمرارية الشركة. في ظل تلك الأزمات، تبنت “بولارويد” نموذج “رازر بليد”، الذي بموجبه تبيع الكاميرا بسعر التكلفة، على أن تحقق هامش ربح كبيرا من بيع الأفلام المخصصة للكاميرا “بنسبة تقارب 70 في المائة”. وترسخ هذا الأسلوب البسيط، الذي يعتمد على الربح من مبيعات الأفلام فقط، ورسم مستقبل قرارات الإدارة لـ30 عاما. ورغم إدراك “بولارويد” للحاجة إلى الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية في فترة مبكرة من عام 1985، أطّرت فرق الإدارة المتتابعة في الشركة هذا التحدي على نطاق ضيق من حيث طباعة الصور الرقمية، بدلا من إنتاج كاميرا بسعر معقول كما فعلت كل من “سوني” و”كانون” منافسيها اليابانيين. عقب توالي عديد من الرؤساء التنفيذيين، وإعادة الهيكلة والتوجهات الاستراتيجية الجديدة، تقدمت “بولارويد” بطلب إعلان الإفلاس.

الاقتصادية

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى