الرئيسيةمقالات

بياناتنا على الإنترنت: الذهب الجديد..!

شارك هذا الموضوع:

*علاء ابو زينة

ربما لا يعرف معظمنا أن أنشطتنا على الإنترنت تصنع منجماً للأموال التي يجنيها الأذكياء من رجال الأعمال في العالم المتقدم. وتشكل تعاملاتنا على الشبكة أو إفصاحنا عن أماكن تواجدنا وغير ذلك من المشاركات جزءاً مهماً من صناعة جديدة كاملة تدر ملايين الدولارات، تسمى صناعة “البيانات البديلة”، تزاولها شركات محترفة برؤوس أموال هائلة.

البيانات البديلة، هي التي تأتي من مصادر غير تقليدية. وعادة ما تكون مصادر هذه البيانات غير تقليدية، “مثل إشارات الهواتف الخلوية، ومتحسسات “إنترنت الأشياء” في المعدات الصناعية، والفيديوهات المرفوعة على الإنترنت، والتغريدات، وبيانات محركات البحث في الإنترنت، وأشباه وسائل الإعلام الاجتماعية –وصور الأقمار الاصطناعية”، كما يكتب المختص في شؤون التكنولوجيا، كيفين ماني. 

بطبيعة الحال، لا يستطيع محللو البيانات من البشر تصنيف البيانات وتحليلها واستخراج الأنماط منها بالإبحار في هذه المحيطات من المعلومات. ولذلك، يتدخل عنصر ثوري آخر في هذه العملية، هو صناعة “الذكاء البديل” أو “الذكاء الاصطناعي”، حيث تنجز برمجيات متفوقة هذه العمليات بسرعة برقية وكفاءة هائلة. وتقوم الشركات العاملة في الذكاء الاصطناعي بتجميع المعلومات من كل المصادر المذكورة، ليحولها الذكاء الاصطناعي إلى نتائج مصنفة وجاهزة للبيع للمستثمرين وأصحاب الأعمال الراغبين في تطوير أعمالهم.

الآن، تصبح الأعمال التجارية التي لا توظف البيانات البديلة متخلفة باطراد عن الركب. فالبيانات المتاحة على الشبكة، الهائلة في نطاقها وتنوعها، يمكن أن توفر لصاحب العمل أي شيء يريد معرفته عن مجال عمله، ومنافسيه وعملائه في الوقت الحقيقي. وتستطيع هذه البيانات المفصلة والمصنفة أن تجيب له عن أسئلة ما كان يمكن أن يعرف إجاباتها سابقاً. ونحن آخر من يعلَم.

يقدم كريشنا ناثان، المدير التنفيذي لشركة أميركية كبيرة، مثالاً على استخدامات البيانات البديلة في الأعمال: “فلنقل أنك تدير نشاطاً تجارياً بالتجزئة وتعتزم افتتاح متجر جديد في لوس أنجلوس. تقليديا، ربما تقيم قرارك على أداء متاجرك الأخرى في لوس أنجلوس وتلك الموجودة في المراكز الحضرية الكبرى الأخرى.

“باستخدام البيانات البديلة، يمكنك استخدام كاميرات تلتقط صوراً لموقف السيارات في مركز التسوق لعدة أشهر، ثم تربط حركة مواقف السيارات بالمبيعات. أو أنك قد تجمع بيانات من مصدر يقيس حركة مرور المشاة أمام الموقع المقترح. وبوضع كل هذه البيانات معاً، سوف تعرف شيئاً جديدا عن عملك التجاري”.

ويشرح بريان هاردلي، المدير التنفيذي لشركة تعمل في مجال البيانات البديلة، أن شركته تجمع بيانات تحديد الموقع الجغرافي وتحويلات البطاقات الائتمانية لتعقب أنماط حركة الناس خلال النهار. وعلى سبيل المثال، “: “إنكَ عندما تذهب في جولة، فإننا نستطيع أن نرى أنك تذهب إلى متجر الأدوات المنزلية أولاً، ثم إلى متجر البقالة، ثم تذهب لتناول الغداء”. بذلك، قد يتمكن المسوِّقون من التنبؤ بنمط حركتك، وأن يرسلوا إليك عرضا بخصم على وجبة غداء في اللحظة التي تتحرك فيها من موقف سيارات متجر البقالة.

غالباً، لا يتصور أحدنا أنه عندنا يدفع بالبطاقة الائتمانية، أو يحدد مكان تواجده بواسطة تحديد الموقف في “فيسبوك”، أو يركن سيارته في موقف مركز تسوق، فإن هناك أشخاصاً يشتغلون فقط بتعقب حركاته وتحويلها إلى سلعة مربحة جداً. وقد أصبح “تعدين” هذه البيانات وجمعها و”تكريرها” يعتبر بمثابة “النفط الجديد”، أو “الذهب الجديد” المتاح بكميات كبيرة في منجم لا حدود له، في انتظار المُعدِّنين.

ينسجم مجال البيانات البديلة مع الاتجاه السائد والمتواصل من تحويل الأفراد إلى أنماط تقرؤها عقول اصطناعية بلا عاطفة. والهدف النهائي دائماً هو تعظيم أرباح أناس على حساب الناس والبحث عن أنجع الوسائل لتحريض النزعات الاستهلاكية وكيفية استخلاص النقود من الجيوب. وبالتأكيد، يعني ازدهار هذا المجال في العالَم المنتج، مع تخلفه حتماً في العالم المستهلِك، أننا لا نستفيد من هذا التطور بقدر ما نكون هدفاً له أكثر من غيرنا من مواطني العالم.

إننا نعيش ونتعلم ونندهش فقط من الأشياء التي تولد في العالَم كل دقيقة في معزل عنا، وتبدو لنا مفهومات مجردة على الأغلب، ونكون جزءاً منها ولا نعلم –عاملين بلا أجر في لعبة الأرقام.

*الغد

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى