الرئيسيةمقالات

أيتها الأم … أيها الأب … لعبة الحوت الأزرق – The Blue Whale

*حنان خضر

ألم .. خوف .. إرهاب … قتل .. انتحار … هذه هي قوانين اللعبة .. لعبة الواقع .. التي تحرك الأطفال و المراهقين مثلما تحرك الدمى و الشخصيات في الألعاب الالكترونية …

منذ متى أصبح الأطفال يعشقون الدماء و يعتادون على رؤيتها؟ منذ متى أصبح تعذيبهم لأنفسهم ذكاء و قوة و لذة؟ كيف انحدر بنا العالم الافتراضي نحو هذه الهاوية المخيفة؟

احتراف اللعبة هو انتحار البطل … ألم نتعلم أن من أهم قواعد التربية للمراهق أن نحترم خصوصيته، و نعطيه مساحة كافية ليتمكن من كسب ثقتنا به. أن نترك الشك، ليكتسب أبناؤنا الثقة بأنفسهم … و كانت ما أصعبها من معادلة بدون حوتٍ أزرق يجعلنا نبيت ليلاً نرتجف فيه خوفاً من لعبةٍ تلتهم عقول الأطفال، و تدفعهم للانتحار … فكيف نترك شكوكاً لم تعد وهماً و نحترم خصوصية قد تودي بطفلنا الى الهوة السوداء !

حوت أزرق يتحدى طفلك بتحديات تغسل عقله، بأن الحياة .. لا شيء .. تحدى كل من حولك و كن البطل، لن يأبه بك أحد .. والداك؟ لن يهمهم أمرك. أصدقاؤك؟ كلهم كاذبون. أخوتك؟ بل سيفرحون لموتك. أيتها الأم .. أيها الأب لعبة الحوت الأزرق هي لعبة لا تتواجد على جوجل ستور أو أبل ستور .. و لا تثبت على الاجهزة المحمولة… و انما تنتشر بأسماء محتلفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي و الالعاب الالكترونية …

أما اسم الحوت الأزرق فتم استيحاؤه من ظاهرة انتحار بعض الحيتان على الشواطئ … لن تسيطر على هذه اللعبة حكومات و لا شركات كبرى مثل فيسبوك، جوجل، تويتر أو غيرها، بل إن جميع إدارات هذه الشركات و الحكومات تحاول محاربة هذه الظاهرة، و لكن الحوت الأزرق بالضبط كما قلت: هو ظاهرة، يتسلل فيها أناس مريضون نفسيا من أنحاء مختلفة في العالم، يبحثون عن أطفال و مراهقين على شبكات التواصل الاجتماعي، يتواصلون معهم بطرق مختلفة و أسماء مختلفة، و يبدأون اللعبة. فإن قبل المراهق التحدي، كان عليه أن يؤذي نفسه و يجرح نفسه بحفر كلمة نعم أو YES على عضو من أعضاء جسده الضعيف، و يرسل هذه الصورة للمتحكم فيه، حتى يثبت له بأنه قد اجتاز التحدي الأول و فعلها، فينتقل الى التحدي الذي يليه.

أما التحديات، فهناك أمثلة كثيرة و لكن لا يمكن حصرها، لأن المتحكينم يبدعون في ابتكار طرق جديدة للتعذيب و التخويف … فيتيه الطفل في ترهات الاكتئاب و الخوف: احضر فيديوهات رعب و قتل و تعذيب الساعة الرابعة صباحاً. لا تتحدث مع احد طيلة يوم كامل. اجرح نفسك. اثقب يديك بإبرة حتى تسيل الدماء. اشرب دمك .. و ما الى ذلك من ترهيب و تخويف لدرجة الادمان على اللعبة.

و إن أراد الطفل التراجع و أصبح لا يريد أن يكمل، تبدأ مرحلة التهديد، فقد أخذ المتحكم معلومات و صور كثيرة ليهدد هذا اللاعب الضعيف الغض و يجبره على عدم التوقف … الى أن تنتهي به اللعبة في التحدي الاخير ألا وهو الانتحار.

أيتها الأم … أيها الأب مرض نفسي خبيث يسري في العالم الافتراضي … مرض معدي .. لا يقل رعبا عن ادمان المخدرات و تعاطيها… فما هي الحلول في ظل أنك يجب ان لا تفكر بوجود حل من الحكومات أو القانون أو غيره، فهذا لن يمنع اللعبة من الوصول الى طفلك.

 لا تفكر بمنع ابنك من استخدام الانترنت فهذا سيزيد من المشكلة و في النهاية لن ينفع و لن ينجح.

-لا تفكر بعمل هوس و رعب في المنزل بالحديث الزائد عن اللعبة لأن هذا قد يثير فضول الأطفال و المراهقين بأن يبحثوا عنها و يرغبوا في تجريبها .. و من يجربها .. فقد أدمنها…

 لا تفكر بتضييق الخناق على ابنك، فقد يؤدي ذلك الى خلق المزيد من المشاكل التي تعتبر طبيعية لدى المراهق مثل فقدان الثقة بنفسه، اهتزاز الشخصية، عدم تحمل المسؤولية … الخ أبتها الأم … أيها الأب… افهم ابنك … لا تنفصل عنه … لا تبتعد عنه يوماً واحداً … تحدث معه عن الحياة … لا تتجاهل أي كلمة تصدر منه أو موقف، حتى لو كان طفلك صغيراً (سبع سنوات مثلا).

تحدث عن الموضوع، و حذّر… تحدث عن الحياة و جمالها … و التحديات الحقيقية الموجودة فيها و كيف أننا سنشعر بالسعادة عندما ننجح و نتقدم .. و كيف سنصبح أقوى عند شعورنا بالأمان لوجود أشخاص حولنا يخافون علينا… نحبهم و يحبوننا… و في النهاية ادعو لأبنائكم في كل صلاة أن يحفظهم الله و أستودعوهم عند من لا تضيع عنده الودائعُ.

*خبيرة في المجال التقني والبرمجة 

*المؤسسة والمديرة التنفيذية لشركة ” هللو وورلد كيدز” لتعليم البرمجة للصغار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى