مقالات

حديث في الاعتماد على الذات

شارك هذا الموضوع:

*محمد عاكف الزعبي

ثمة إجماع بأن المملكة تعيش واقعا اقتصاديا جديدا وليس ظرفا اقتصاديا طارئا سرعان ما سيزول. الحكومة هي أكثر من يدرك ذلك، لذلك وجدناها ترفع شعار الاعتماد على الذات؛ أي العيش بحسب وضمن حدود ما هو متاح من إمكانيات.
فقد عاش الأردن لسنوات طويلة بمستوى يفوق إمكاناته الاقتصادية معتمدا على مصادر دخل غير متكررة بطبيعتها، فلما جفت تلك المصادر وجد الأردن نفسه وقد اضطر الى العودة الى واقعه الحقيقي.
هذا الواقع الجديد هو مبرر الحكومة لفرض مزيد من الضرائب والرسوم، وهو بلا شك مبرر وجيه. لكن الأهم من ذلك هو أن تبدأ الدولة بالتفكير وفقا لمنطق جديد يعيد ترتيب الأولويات ويضع لقمة العيش في مقدمة الأولويات حتى ولو كان في ذلك تنازل عن مقاييس (standards) الواقع القديم الذي يمكن وصفه بالمزيف!
مثلا يجب أن تكون متاحة للناس سيارات رخيصة لا يتجاوز ثمنها ألف دينار، وذلك من خلال السماح باستيراد السيارات القديمة. صحيح أن ذلك سوف يكون على حساب البيئة مثلا، لكن ضمن واقع جديد عنوانه الاعتماد على الذات يجب أن يقدم الاقتصاد على أي اعتبار آخر.
كذلك بالنسبة لترخيص السيارات، ربما يجب التخفيف من متطلبات ترخيص السيارات، والسماح بترخيص السيارات حتى لو لم يكن هيكلها بحالة ممتازة. صحيح أن ذلك سوف يكون على حساب المنظر العام، لكن ما أهمية الجانب الجمالي عندما تزيد معدلات البطالة على 18 %؟
نعم العودة الى الواقع تعني أن نعيد ترتيب أولوياتنا وأن نضع لقمة عيش الناس في مقدمة الأولويات ولو كان ذلك على حساب أشياء أخرى مثل النواحي الجمالية، والاعتبارات البيئية وغيرها.
فلتصعد العمارات طابقا إضافيا، للتقليل من أسعار الشقق، ما هو المانع؟ ولنرخص سيارات قديمة غير رفيقة بالبيئة، ولنسمح لسيارات “مجعلكة” أن تسير في الشوارع، ما هو المانع؟ ولنسمح باستثمارات وسط المدينة تتسبب بأزمة سير إضافية، ما هو المانع؟ ولنسمح بإقامة مشاريع على الأراضي الحرجية، ما هو المانع؟
دعونا نعترف أننا كنا نعيش في فقاعة، اختلت فيها الأولويات فتقدم فيها الأقل أهمية على الأكثر أهمية. اليوم وفي مواجهة الواقع الجديد، علينا أن نعيد ترتيب أولوياتنا لتنسجم مع هذا الواقع، فما قيمة الهواء النظيف لفقير لا يجد قوت يومه؟ وما هي قيمة الجمال والنظافة لشاب عاطل عن العمل؟

*الغد 

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى