الرئيسيةخاصمقالات

السوشيال ميديا …… لا تؤذ الاخرين بكبسة زر

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – ابراهيم المبيضين

رغم مرور قرابة العقد من الزمن على دخول وتوسع تطبيقات وخدمات السوشيال ميديا في الاردن بمختلف اسماءها وفضاءاتها، واندماجنا بها، واندماجها وملامستها كل تفاصيل حياتنا اليومية، الا ان تجربتنا على هذه الشبكات لا تزال غير ناضجة ويشوبها الكثير من السلبيات لا بل الكثير من الألم والأذية لمجتمعنا ولبعضنا البعض.

ورغم ما توفره هذه الشبكات من ادوات وخدمات سهلت تواصلنا في كل زمان ومكان، واتاحت وفتحت ابوابا وافاقا واسعة امامنا لتطوير حياتنا الاجتماعية والعملية – طبعا اذا ما استخدمناها بالشكل الامثل – الا اننا في الكثير من الاحيان ما نجنح الى الجانب السلبي لهذه الشبكات مستغلين انتشارها الواسع، ومزايا السرعة والاتصال الجماعي افقيا وعاموديا، مع جرأة لطرح كل ما يخطر في البال امام الجميع بنفسية واسلوب ” العالم” و ” الحكيم” و ” صاحب النكتة”، ” الناقد الكبير”، و ” الصحفي الجهبذ”، و …… و ……. ، خارجين عن تخصصاتنا وعلمنا وفهمنا عن قصد في احيان او عن جهل في احيان اخرى.

كل ما كان يحدث ويجري تداوله بين الناس في مجتمعاتنا من اخبار واحاديث واحداث قبل حدوث طوفان ” التواصل الاجتماعي”، لم يكن مؤثرا وموجها لنا الا اذا كان هذا الخبر او تلك الاحداث والاحاديث تستحق الخروج للعلن على نطاق واسع عبر وسائل تقليدية كان يحدها الزمان والمكان والانتشار المحدود مقارنة بوسائل الاتصال الحالية التي لم تعد تميز بين الحدث العادي او المهم، ولم تعد تفرق بين الخبر المبكي او المضحك، المؤلم والمحزن او المفرح، وساوت بين الخبر الذي يتحدث عن اخفاق وفشل او ذلك الذي يتحدث عن نجاح وانجاز، لم يعد مهما في هذه الاحداث والاخبار الا السرعة والانتشار وفرد العضلات لمن يستطيع ذلك امام جمهور غفير من المتابعين والمستخدمين.

لست ضد التطور والذكاء الذي جلبته تقنيات الانترنت المتنقل عريض النطاق، ولست ضد السرعة والمزايا التي وفرتها وسائل الاتصال الحديثة، لكنني ضد ان تستغل هذه المزايا في الاستخدام السلبي وفي الهدم والدمار بدلا من البناء والتطوير، مع ادراكي التام بوجود الخبر السلبي الى جانب وجود الخبر الايجابي ووكلا الخبرين يجب ان تلعب وسائل الاعلام دورها في نقلهما بكل مهنية وموضوعية، وتحليل كل منهما من قبل اصحاب الاختصاص، مع طرح الاراء وصوغ المواقف بناءا على معلومات مؤكدة.

بعد تجربة شخصية ومتابعة لمؤثرين ومستخدمين عاديين، ومسح يومي للصفحات الرئيسية والهاشتاقات التي تملأ فضاءات مواقع التواصل الاجتماعي، وجدت باننا لا نزال نحرص على السخرية من كل شيء حتى الاحداث المؤلمة اما من باب الابتعاد عن الواقع الاليم او لاستعراض ” خفة الدم”، وجدت بان المبالغة في طرح الاراء اصبحت هي السائدة، والتسابق لنقل الخبر حتى لو لم يكن موثوق المصدر هو المسيطر، وجدت جراة كبيرة وترصد لاخطاء الاخرين حتى اصبح التشهير بها ونشرها امام جمهور المتابعين هو كالواجب علينا ان لم نفعله ننن سيفعله غيرنا ، وكل ذلك لاجل مزيد من الانتشار وكسب اللايكات والتعليقات التي تشيد بنا بشكل مباشر وغير مباشر اذا ما قمنا بذلك كله.

اكتب اليوم بعد حديث دار بيني وبين الصديق – الخبير والمستشار في مضمار السوشيال ميديا خالد الاحمد ، وهو الزميل الذي تعلمت منه الكثير عن الايجابية وتطوير الذات والمجتمع عبر هذه الشبكات الافتراضية التي تجمع اكثر من 7 ملايين اردني عبر مختلف تطبيقاتها – حيث تركز الحديث حول ما اسهمت به السوشيال ميديا في حقيقة الامر في أذية الزميل الاعلامي صلاح العجلوني بعد ان جرى تداول فيديو للمذيع على نطاق واسع وهو يقرأ على الهواء مباشرة رابط موقع إلكتروني باللغة الإنجليزية لكن من اليمن إلى اليسار بدلا من قرائته من اليسار إلى اليمين.

الفيديو وما رافقه من تعليقات وبوستات سلبية تسببت في دفع ادارة التلفزيون الاردني لاتخاذ قرار بنقل الزميل صلاح العجلوني، إلى إذاعة إربد، رغم الاعتذار الذي قدمه الزميل صاحب الخبرة عبر صفحته على فيسبوك، حيث اشار في اعتذاره إلى إساءات وشتائم طالته، في حين دافع آخرون عن المذيع على اعتبار أن الأخطاء واردة وتحدث في مختلف وسائل الإعلام.

الضجة التي صاحبت تداول فيديو ” العجلوني” وتداوله على نطاق واسع تسبب في أذية الزميل والتقليل من شأنه، فماذا كان يدور في عقل وفكر من اسهم في نشر الفيديو، فحرية التعبير عن الراي لا تعني أذية الناس والتجريح، كان من الممكن طرح القضية مع الابتعاد عن شخص الزميل، مع ضرورة ادراك ان الكل معرض للخطأ والزلات مهما بلغ من العمر والخبرة، حتى في عز النجاحات جميعنا معرضون للسقوط لسبب او لاخر. 

الكل معرض للخطأ في حياته الشخصية وفي عمله مهما بلغ من الخبرة، والكبير الجدير بالاحترام هو من يعترف ويعتذر عن الخطأ وهذا ما فعله الزميل العجلوني، ولكن كما قلت سابقا اصبح من السهل علينا تحويل كل امر وحدث وادخاله دائرة السخرية، والنقد اللاذع، والتحليل، وكل ذلك بهدف جميع المزيد من اللايكات والاعجابات من جمهور الاصدقاء والمتابعين بغض النظر عن نتائج ما نفعل بكبسة زر. 

مرة اخرى ، منحتنا التكنولوجيا ادوات فعالة للنشر والمتابعة والتواصل الاجتماعي السريع، ادوات سهلت حياتنا وجعلتنا اقرب واكثر قربا من الخبر، ولكننا بكبسة زر نحولها الى اداوت أذية وقتل وانفصال وقطيعة، اذا الامر يتعلق بنا وبسلوكنا ووعينا في استخدام هذه الشبكات، فلا تؤذ الناس من وراء شاشة حاسوبك او هاتفك الذكي بكبسة زر، وفكر في نتائج ما تنشر عبر فضاءات السوشيال ميديا. 

 

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى