اقتصاد

خبراء: تردي الوضع الاقتصادي للأسر يفاقم المشكلات الاجتماعية

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

الغد – سماح بيبرس

لم تكن “سيكولوجيا الجماهير”، وحالة النشوة الهستيرية الشعبية التي طغت على وسائل التواصل الاجتماعي أخيرا بعد حادثة السطو على أحد البنوك في عمان بعيدة عن تداعيات الوضع الاقتصادي المتردي للمجتمع، بحسب خبراء ومختصين في علم الاجتماع والاقتصاد.

ويربط المختصون في علم الاجتماع والاقتصاد بين تراجع الوضع الاقتصادي للأسر الأردنية، وزيادة معدلات الجريمة في المجتمع.

ويرى الخبراء أن تزايد الضغوطات الاقتصادية على الأسرة لا بدّ أن يزيد من المشكلات الاجتماعية والجريمة في أي مجتمع.

وبينوا أنّ التضخم وتراجع وضع الأسر الاقتصادي وزيادة معدلات الفقر والبطالة سببان رئيسيان لزياة معدلات الجريمة في المجتمع.

وقالوا إن مجموعة القرارات الحكومية الأخيرة ستساهم في زيادة أعباء الأسر الاقتصادية، وبالتالي ستزيد من عدد “المنزلقين” من الطبقات المتوسطة إلى الطبقات الأفقر، وهذا يعني زيادة أعداد الفقراء ممن هم تحت خط الفقر، وانتقال الفقراء إلى مستويات أخرى أكثر فقرا. وهذا الانتقال يترافق عادة مع زيادة في المسلكيات الاجتماعية ومن بينها الجريمة.

وتقدر الأرقام الرسمية نسبة الفقر في المملكة بـ 14.4 %، بحسب آخر احصاء يعود إلى 2010، مقارنة بـ13.3 % في العام 2008، وكادت النسبة تصل إلى 17 % لولا المساعدات الحكومية التي تشمل (مساعدات صندوق المعونة وتحويلات مختلفة ولا يشمل الدعم على السلع)، كما كانت هذه النسبة ستصل إلى 15.8 % لولا تدخل صندوق المعونة الوطنية وحده، بحسب ذات الاحصاءات.

فيما يشير مسح دخل ونفقات الأسرة الأخير 2013/2014 إلى أنّ نسبة الفقر في المملكة تجاوزت الـ20 %.  واتخذت الحكومة مؤخرا مجموعة من القرارات الاقتصادية التي تضمنت زيادة في الضرائب على مئات من السلع والخدمات، ورفع الدعم عن مادة الخبز، وسبق هذا قرارات مشابهة في شباط (فبراير) 2017؛ حيث قامت الحكومة برفع ضرائب ورسوم جمركية على بعض المواد والسلع كجزء من خطة تضييق العجز في الموازنة في إطار التفاهم مع صندوق النقد الدولي.

المتخصص في علم الاجتماع مدير مركز الرعاية اللاحقة للسجناء، الدكتور عبدالله الناصر، أشار إلى أنّ الوضع الاقتصادي للأسر والأفراد هو أحد أهم أسباب زيادة الجريمة في المجتمع.

وقال إنّ هناك حالات باتت تألف حياة السجن وترى فيه مكان يوفر المأوى والطعام والدفء، خصوصا في فصل الشتاء، فيما أنّ جزءا من مرتكبي الجرائم يهرب من متطلبات الحياة والضغوطات الاقتصادية خارج السجن إلى داخل السجن.

كما أنّ زوجات المجرمين يقمن أحيانا بالإبلاغ عن أزواجهنّ للسلطات، وذلك في سياق أنّ “دخول زوجها السجن يعني حصولها على معونة من صندوق المعونة الوطنية”.

ولفت الناصر إلى ظاهرة “التعاطف الكبير” من قبل المجتمع مع خبر السارق الذي قام بالسطو على بنك، وهي ظاهرة لا تحدث في أي مكان في العالم ما يعكس أنّ المجتمع يعاني من ضغوطات ومن موقف سلبي تجاه الحكومة.

وأكد أنّ سياسات الحكومة الجبائية وسلسلة الضرائب التي أقرتها ستزيد من أعباء المواطنين وستؤدي الى تزايد الجرائم.

أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، الدكتور قاسم الحموري، أشار إلى أنّ دراسات عديدة في العالم تشير إلى وجود علاقة قوية بين تراجع الأوضاع لااقتصادية وارتفاع معدلات الجريمة في المجتمع والمشاكل الاجتماعية مثل الطلاق والزواج المبكر وغيره من مظاهر انحلال المجتمع.

وأشار إلى أنّ نسبة الفقراء في المجتمع باتت تتزايد، خصوصا مع ارتفاع الأسعار وعدم وجود وظائف، والذي سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية للعديد من الأسر، وبالتالي انزلاقها من الطبقة الوسطى إلى الفقيرة وزيادة أعداد الفقراء ما يعني مشكلات اجتماعية واقتصادية وحتى سياسية.

وقال إنّ التردي الاقتصادي سيؤدي إلى وصول مواطنين إلى نقطة تكون فيها حياة السجن أفضل من خارجه، وبالتالي يستسهل ارتكاب الجريمة والأخطر أن نصل إلى نقطة تكون فيها “الحياة والموت سيان”.

يشار هنا إلى أنّ البنك الدولي كان أشار العام الماضي إلى أن “ثلث سكان المملكة معرضون أن يقعوا ضمن خط الفقر خلال سنة، إذ يؤثر ارتفاع تكاليف الطاقة والنقل بشكل كبير على الخمس الأدنى من الأسر المعيشية”. كما كان قد أشار في تقارير سابقة إلى ظاهرة “الفقراء العابرين”؛ حيث أكد أن 18.6 % من السكان هم “فقراء عابرون” وهم أولئك الذين يختبرون الفقر لفترة 3 أشهر في السنة أو أكثر.

الخبير في علم اجتماع التنمية، د.حسين محادين، كان أشار في وقت سابق إلى أنّ مثل هذه القرارات من ِشأنها أن تؤدي إلى خلل في الاستقرار النسبي للأسر من عدة نواح؛ الأولى اقتصادية؛ حيث أنّ المدخولات ستقل نسبة للشراء، وسيكون هناك فجوة بين المطلوب والمتاح، ما يعني اللاتوازن في هذه الأسر، وهذا يخلق تهديدا للاستقرار”النفس نمائي” والذي يظهر بحده الأدنى في سوء التغذية والعوز.

والثانية اجتماعيا؛ حيث أشار محادين إلى أنّ هذا النقص في الدخل سيقود إلى ضعف العلاقات الاجتماعية القائمة على التكافل وسيعرض الفئات الضعيفة في الأسرة، وهي الإناث إلى مشكلات تتعلق بالزواج المبكر، وهذا سيؤدي إلى خلق خلل في البناء الاجتماعي.

الخبير الاقتصادي، د.أنور الخفش، أشار إلى أنّ الضغوطات الاقتصادية والتي زادت مع زيادة الرسوم الضرائب سيكون لها تأثير على الوضع الاجتماعي، خصوصا فيما يخص العلاقات الأسرية، لكنّه تحفظ على أن يتم إطلاق أحكام عامة فيما يخص أعداد الجرائم وربطها بالقرارات الاقتصادية.

وتشير أرقام صادرة عن مديرية الأمن العام إلى أنّ عدد الجرائم المرتكبة العام 2016 بلغ 22595 جريمة 64.3 % منها جرائم تقع على الأموال، و12.4 % جرائم تقع تحت الادارة العامة و6.8 % الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة و6.4 جريمة تقع على الانسان، وأقل من 1 % جرائم مخلة بالثقة العامة. وأشارت الاحصائيات الى أنّ عدد الجرائم المرتكبة من قبل العاطلبن عن العمل بلغ 2030 جريمة، فيما بلغ عدد الجرائم المرتكبة من قبل الأحداث 2444 جريمة وعدد الجرائم المرتكبة من قبل طلاب بلغ 1864 جريمة.

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى