هاشتاق عربي
وضعت عشر فتيات على عاتقهن مهمة التحفيز والتشجيع على الرسم والتصوير من خلال إطلاقهن مبادرة أنثوية “هي الفن”، التي لاقت رواجا واضحا على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال إقبال الفتيات على المشاركة بها.
“هي الفن” مبادرة فنون بصرية لموهوبات أردنيات (رسامات ومصورات)، مهمتهن التحفيز والتشجيع والمساعدة على الاستفادة من تجاربهن ومهاراتهن الفنية من خلال هذه المجموعة.
وتم تقسيم هذه المجموعة “الجروب” إلى سبعة أيام، بحيث تقوم كل موهوبة يوميا بشرح جزء معين من أقسام الفن “رسم وتصوير”، بحيث تشارك كل فتاة بأي نوع من الفن الذي تفضله.
وفي لقاء “الغد” مع أعضاء المبادرة، تقول رئيستها سما سمارة: “لا تهدف مبادرتنا للتعليم التلقيني، ونحن لسنا خبراء، لكن لدينا مواهب وتجارب فنية أدرنا من خلال (هي الفن) مشاركة الفتيات تجاربنا وتبادل المعلومات بحيث يخضن التجربة في كسر حاجز الخوف من الفن واكتشاف المواهب لديهن إن وجدت”.
وتشرح سمارة آلية عمل المبادرة، قائلة: “تقوم العضوات العشر بتبادل المعلومات أون لاين عبر صفحتهن على فيسبوك، بالموعد المحدد المعلن عنه، واللقاء بالفتيات المهتمات لتقديم محتوى خاص بالفن، إلى جانب محاولة كل من الفتيات خوض التجربة بالرسم أو التصوير وإطلاع الآخرين عليها”. وتؤكد سمارة أن كسر حاجر الخوف لدى الفتيات هو أحد أهداف المبادرة، فهناك العديد من الفتيات لديهن مواهب فنية ويحتجبن عن ممارستها أو تنميتها خوفا من الانتقاد أو الفشل.
سما سمارة صيدلانية، لديها شغف بالرسم منذ الصغر، رسمت الطبيعة والوجوه ومقتطفات جميلة لكل ما حولها، وعندما أنهت دراستها الثانوية التحقت بالجامعة لدراسة تخصص الصيدلة الذي برعت فيه.
لم تنسَ سمارة شعورها بالطاقة الإيجابية أثناء ممارستها هواية، وبدأت تنميها بالتجربة والتعرف على أساليب الرسم أثناء دراستها الجامعية، مع العلم أن أغلب المحيطين بها يؤكدون أن مهنة الصيدلة أفضل من الفنون، وهذا الرأي أثار غضبها ودفعها في الوقت ذاته لتغييره.
نشرت سمارة صورة لها ترتدي “الروب الأبيض” الخاص بالصيادلة، وقسمته قسمين؛ الأول هو إشارة إلى مهنة الصيدلة، والآخر نثرت عليه ألوانا مختلفة دلالة على الفن، أرادت من خلالها أن تؤكد أن الموهبة والفن لا يتعارضان مع عمل المرء ويستطيع ممارسته بالوقت الذي يراه مناسبا.
فاجأت سمارة الحضور في حفل تخريجها؛ حيث وضعت لوحة سوداء على خشبة المسرح، وأحضرت الصمغ لتبدأ بالرسم، مما أثار تساؤل المتابعين لها “ماذا ترسم؟”، “ستقدم لنا خربشات!!” وغيرها من الانتقادات التي كانت تستمع لها خلفها، وهي مستمرة بأدائها لتنجز لوحة في غاية الجمال والروعة لجلالة الملك عبدالله الثاني، وبمدة قياسية لا تتجاوز الخمس دقائق.
رسمت سمارة بورتريهات مختلفة لشخصيات فنية مثل أم كلثوم وفيروز والعديد من عمالقة الفن، وشاركت بالعديد من المعارض الفنية منها، في مقهى جدل، حديقة المتحف الوطني، السفارة السعودية، بوليفارد العبدلي وغيرها.
تقود سمارة الفتيات في “هي الفن” يجتمعن ويخططن لتطوير مبادرتهن، تختص برسم البورتريه بالصمغ، حيث تقدم معلومات بما يخص هذا النوع من الرسم وأساسياته. أما الرسامة أماندا التي تدرس تخصص هندسة العمارة فتقوم بتقديم معلومات عن فن “المانديلا”، وهو فن غريب وغير رائج في الأردن، وعن اختيارها لهذا الفن بالذات، تقول: “هذا الفن جميل بتفاصيله، يعلم الصبر والدقة، ويفرغ الطاقة في الوقت ذاته”.
بدأت أماندا البحث عن أساسيات هذا الفن، وعلمت أنه يشير إلى الدائرة أو القرص الذي ليس له نهاية، فهو يقوم على رسم أكثر من شكل بالنمط ذاته، بحيث يعتمد التماثل بين مكونات اللوحة، كما يمكن رسم إطار خارجي، ثم البدء بتشكيل نمط معين بداخله وصولا إلى المركز أو العكس.
اللون الأسود هو أساس هذا الفن، لكن يمكن إدخال بعض الألوان عليه، ويمكن تشكيله على الورق أو الكرتون أو الخشب أو الجداريات.
تشير أماندا إلى أنها لم تتوقع التفاعل الكبير من قبل الفتيات عبر موقعهن خلال بثها حصة الرسم “المانديلا”؛ حيث بدأت بإطلاعهن على أساسيات هذا الرسم، والأدوات المستخدمة “القلم والفرجار” وبدأت العديد منهن بتشكيل لوحة وعرضها، إلى جانب الحوار حول جمالية هذا الفن.
وتلفت أماندا إلى أن هذا الفن زادها دافعية في الرسم، كما أن دمج دراستها بهذه الموهبة يشكل لديها تميزا أكثر سواء بأسلوب التفكير أو الابتعاد عن الأسلوب التقليدي في الفن. أما الموهوبة مروة، فهي هاوية بالتصوير التجريدي، وتقدم معلومات بما يخص هذا النوع للفتيات اللواتي لديهن شغف بالتصوير، لكن لا يعلمن عنه شيئا.
اختصرت مروة على نفسها الجهد والوقت من خلال تحديد هويتها الفوتوغرافية، فأحبت التصوير التجريدي، وانضمت للجمعية الأردنية للتصوير، وبدأت التعلم شيئا فشيئا على يد المصور علي كتانة.
تقول مروة: “واجهتني صعاب عديدة في الحياة، ولم أعمل في مجال دراستي لتخصص الجرافيك ديزاين، ولم أتوقع يوما أني سأحب فن التصوير وسأنجح به!”.
تفتخر مروة بأنها فشلت بادئ الأمر في التصوير، خصوصا أن هذا الفشل ولد لديها التحدي والاستمرارية لتحسين الأداء، مما دفعها للتركيز والتجربة أكثر إلى أن أتقنت فن التصوير التجريدي، الذي يقوم على اختزال مشهد كامل بنقطة صغيرة أو مشهد يشكل لوحة فنية.
تهتم مروة بالتفاصيل منذ الصغر، حسب قولها، وبدأت بنقل خبرتها للفتيات عند الالتقاء بهن ومشاركتهن تجربتها بالتصوير التجريدي الذي تقدمه كل أسبوع، فمثلا لا يخطر بالبال أن فتحة وصدأ على صهريج وقود مهترئ يتحول للوحة فنية، زاوية من أحد الجدران… أشياء مهمشة التقطتها عدسة مروة وحولتها لعنصر جمال في صورة فوتوغرافية.
أما الرسامة أبرار درادكة، فهي موهوبة برسم البورتريه بالفحم والرصاص وتقوم بتقديم معلومات بما يخص هذا النوع من الرسم وأساسياته.
بتول ادعيس، رسامة موهوبة برسم الكاريكاتير وتفيد الفتيات بمعلومات عنه، كما أن الرسامة رنين موهوبة بتصاميم على الثياب حيث تطلع المتابعين على أعمالها ويتبادلون المعلومات حول هذا الفن.
الرسامة بيان زريقات موهوبة برسم الديجيتل تقدم أعمالها وتشرح أساسيات تنفيذه، وتقوم الرسامة راما فرخ الموهوبة بالفن التجريدي وتنقل تجربتها للصديقات، فيما تقوم المصورة صبا الموهوبة بتصوير المايكروسوف بتقديم معلومات بما يخص هذا النوع.
وعن المصورة يسرى فهي موهوبة بتصوير الفنت المعماري، بحيث تتشارك مع الأخريات المعلومات حول ذلك.
فيما تقوم المصورة إسلام أبو سارة، بصناعة الأفلام ابتداء من السيناريو للمونتاج، وتطلع المتابعين عن آليات تنفيذ العمل.
وتسعى أعضاء “هي الفن” للارتقاء بالفن، ويطمحن لأن تصل مبادرتهن للفتيات كافة في المملكة، ويتفاعلن بها، لكسر حاجز الرهبة والخجل من الفن، كما يحلمن بأن يصبح لديهن موقع للالتقاء بالفتيات الموهوبات الأخريات، وعقد ورشات عمل مختصة بالفنون بمشاركة الخبراء في المدارس لنقل الخبرات واكتشاف المواهب.
*الغد- منى ابو صبح