مقالات

إنترنت الأشياء آفاق واسعة لتحسين كفاءة الطاقة في المنشآت

*سمير عساف

في الوقت الحاضر، أصبح الاستخدام الفعال للطاقة أكثر أولوية لدى الكثير من أصحاب الأعمال في القطاعات المختلفة والحكومات على حد سواء، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وتزايد المخاوف بشأن تغير المناخ والأمور البيئية والتنظيمية الاخرى. 

ووفقا لاحصاءات وزارة الطاقة الأردنية للعام 2016 فأن القطاع المنزلي يستحوذ على 45 % من الاستهلاك الكلي للطاقة الكهربائية في المملكة يليه القطاعان الصناعي والتجاري بـ 23 % و15 % على التوالي، حيث يعدان من أكثر القطاعات التي تستهدف تحسين كفاءة استخدام الطاقة وخفض تكاليفها التشغيلية على المدى البعيد لتحقيق أقصى قدر ممكن من الأرباح وتعزيز التنافسية في السوق. 

وحتى يتمكن مالكو هذه المنشآت من إدارة الطاقة فيها بشكل فعال، فعليهم اولا قياس ومراقبة وفهم اين يتم استهلاك هذه الطاقة في المنشأة وما هي الانظمة المستهلكة لها. حيث ان اغلب المنشآت الصناعية والتجارية حاليا وبالذات الصغيرة والمتوسطة منها قادرة فقط على رصد الاستهلاك الاجمالي للطاقة، دون تحديد تصور فعال حول الاستهلاك الوقتي للانظمة المختلفة. وغالبا ما يكافح مالكو هذه المنشآت من أجل تقليل التكاليف باتباع الطرق التقليدية نظرا لافتقارهم للوسائل والتقنيات التي تساعدهم على توليد نوع من البيانات التي تربط استهلاك الطاقة بالأداء التشغيلي وتوقيت الاستهلاك. ونتيجة لذلك، يتم ضياع الكثير من الفرص على أصحاب هذه المنشآت.

وتعد التقنية الناشئة الجديدة، إنترنت الأشياء (IoT)، وهي شبكة متنامية تقوم بربط الأشياء المادية وتبادل المعلومات فيما بينها باستخدام أجهزة الاستشعار الإلكترونية والإنترنت، من التقنيات التي يمكن استخدامها لتقليل التكاليف وتحسين الكفاءة التشغيلية وكفاءة الطاقة، كما تمكن الشركات من فهم أفضل للطاقة المستهلكة وتكاليفها في الوقت الفعلي  للاستخدام، وتحديد المعدات ذات الكفاءة المنخفضة وتحليل البيانات التي يتم جمعها لرسم رؤى وأهداف مستقبلية أكثر استدامة. 

توفير الطاقة ليست الفائدة الوحيدة التي يمكن لمالكي المنشآت جنيها من استخدام هذه التقنية بل تتعدى ذلك لزيادة سعادة الموظفين وتحسين انتاجيتهم، من خلال التحكم الامثل بانظمة التكيف والاضاءة الذكية، ونوعية الهواء في الأماكن المغلقة وبالتالي خلق بيئة عمل صحية ومثالية لتحقيق أقصى قدر ممكن من رضا العاملين في المنشأة.

علاوة على ذلك، يمكن لأجهزة إنترنت الأشياء التواصل مع الأجهزة الخارجية، مثل الشبكة الكهربائية الذكية التي تعمل على تحليل توقعات الطقس، وبالتالي توقع الطلب على الكهرباء، من أجل اتخاذ الاجراءات اللازمة لتقليل الضغط على النظام الكهربائي، وتقديم عروض للمستهلكين من خلال هذه الاجهزة لتقليل الاستهلاك مقابل حوافز معينة. و بما ان هذه التقنية تقوم بجمع معلومات خاصة عن المستخدمين، فان الحفاظ على سريتها وأمنها من اساسيات تقديم هذه الخدمة لتكون شاملة وفعالة تضمن رضا المستخدمين و كذلك استمراريه الاستخدام دون عوائق.

لقد ساهم الانخفاض الكبير في كلفة هذه التكنولوجيا، بالمقارنة مع وسائل الاتمتة التقليدية، بالانتشار الكبير لها والذي جعلها مجدية في بعض الاحيان حتى للمنشآت المتوسطة والصغيرة. حيث توقعت شركة غارتنر في بحثها الذي صدر مؤخرا أن يتم استخدام 8.4 مليار من الأشياءالمتصلة بالإنترنت في جميع أنحاء العالم في العام 2017، بزيادة 31 في المائة عن العام 2016، وسوف تصل إلى 20.4 مليار بحلول عام 2020. وبالتالي فتح افاق واسعة من فرص الاعمال المتعلقة في هذا المجال بعشرات المليارات من الدولارات في المستقبل.

*خبير طاقة والمدير العام لشركة الغد الاخضر للحلول الاستدامة الذكية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى