هاشتاق عربي – إبراهيم المبيضين
لا يكاد يمر أسبوع دون ان نسمع اخبارا تتعلق بإبرام صفقات جديدة في العالم الرقمي، تستحوذ فيها أسماء كبيرة على تطبيقات ناشئة لم يمر على تاسيس اقدمها سبعة او ستة أعوام ، وبمبالغ خيالية تعد بمئات الملايين او بالمليارات في مشهد اصبح يجسّد بشكل جلي مقولة ” السمك الكبير يأكل السمك الصغير”.
فمع تطور صناعة الاتصالات المتنقلة والهواتف الذكية وتطبيقاتها، ومنصات التواصل الاجتماعي، تتسارع وتيرة الاستحواذات في العالم الرقمي، للسيطرة على الحصة الاكبر من المستخدمين لهذه الخدمات والتطبيقات، وقيادة هذا الاقتصاد الذي يحركه اليوم نحو 3 مليارات مستخدم للانترنت واكثر من 7 مليارات اشتراك في الهواتف الخلوية.
ان صفقة استحواذ ” فيسبوك” على تطبيق التراسل الفوري ” واتساب” العام الماضي وبمبلغ خيالي تجاوز الـ 19 مليار دولار لم تكن الا مثالا على العشرات من الاعلانات التي انشغل بها الناس حول العالم خلال السنوات الماضية، وكان ابطالها عمالقة مثل ” جوجل”، ” ابل”، ” ياهوو”، وغيرهم من الاسماء الكبيرة تنافسوا على شركات ناشئة تعمل في مجالات متعددة كشبكات التواصل الاجتماعي،التراسل الفوري، او في مجالات تحديد المواقع الجغرافية والاعلان و في تصنيع الاجهزة الذكية.
فقبل استحواذها على ” واتساب” كانت فيسبوك استحوذت على العديد من التطبيقات الناشئة مثل انستغرام تطبيق مشاركة الصور عبر الهواتف الذكية بصفقة بلغت 1 مليار دولار، كمااستحوذت شركة ” ياهوو” على مصنة التدوين السريع ” تمبلر ” مقابل 1.1 مليار دولار، وقبل ذلك كانت ” مايكروسوفت” تستحوذ على سكايب للاتصالات المرئية بصفقة بلغت 8.5 مليار دولار،كما استحوذت ” جوجل” قبل ست سنوات على اشهر موقع لتحميل ومشاركة الفيديوهات ” يويتوب” بصفقة بلغت قيمتها 1.6 مليار دولار، وهذه مجرد امثلة، فقائمة الاستحوذات لشركات كبرى على تطبيقات ناشئة تطول……..
وبمجرد الاعلان عن اي صفقة جديدة تظهر علامات الاستفهام والاسئلة حول قيمة الصفقة، واسباب الاستحواذ، وما مصير الشركة المستحوذ عليها وغيرها من الاسئلة المشروعة ، وخصوصا ان معظم الشركات المستحوذعليها تكون عبارة عن تطبيقات ناشئة لا يزيد عمرها في بعض الحالات عن الاربع اوالخمس سنوات.
غير ان ما يجمع معظم هذه الاستحواذات التي نفذت في سنوات ماضية او تلك القادمة على الطريق، هو هدف استراتيجي كبير يتمثل في تحقيق السبق بالتحضر لقيادة العالم الرقمي الاستحواذ على اكبر عدد من المستخدمين او اكبر حجم من الحركة الهاتفية او حركات الانترنت.
وتسعى الشركات الكبرى من بعض صفقات الاستحواذ الى دخول عالم الهواتف المتنقلة وخصوصا ان معظم العمالقة يتواجدون بقوة على شبكة الانترنت عبر اجهزة الحواسيب ولذا فهم يتسابقون للاستحواذ على تطبيقات تتواجد بقوة على الهواتف المتنقلة، فيما تهدف صفقات استحواذ اخرى لدخول اسواق لا تتواجد فيها الشركات الكبيرة بشكل قوي.
وعلاوةعلى ما سبق يسعى عمالقة الانترنت من هذه الصفقات لتطوير خدمات قائمة لديهم، او تقديم اخرى جديدة، والاستفادة من الخبرات الفنية والتقنية والموارد البشرية المتوافرة لدى الشركة او التطبيق الناشىء ولذا نجد ان اجزاء من تلك الصفقات تشمل ضم موظفي التطبيق الناشىء الى الشركة صاحبة الاستحواذ.
واصبحت بعض توجهات قطاع تقنية المعلومات الحديثة تقود عمالقة العالم الرقمي الى ابرام صفقات استحواذ على تطبيقات ناشئة تعمل في مجالات مستجدة مثل: خدمات اتصالات الالة الى الة ، تحديد المواقع الجغرافية ، التسويق والاعلان على الانترنت، الحوسبة السحابية، وشبكات التواصل الاجتماعي، والبيانات الضخمة الناتجة عنها وتحليلها، وتوجهات مثل انترنت الاشياء، والمدن الذكية والمنازل الذكية والاجهزة القابلة للارتداء.
اعتقد بان عمليات الاستحواذ لن تتوقف ، فمع التطور المستمر والمتسارع لخدمات واجهزة الاتصالات والانتنرت عريض النطاق، سيبقى السباق بين عمالقة العالم الرقمي مستمرا في البحث عن والقيام بصفقات استحواذ تمكنهم من قيادة سوق تقنيةالمعلومات وصناعة الانترنت التي يتسارع تطورها بشكل رهيب يوما بعد يوم.