غير مصنف

أحد الخبراء في سلامة المرضى أثناء قمة الصحة العالمية: المستشفيات باتت تؤذي المرضى أكثر من شفائهم

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

تُعدُّ أخطاء سلامة المرضى ثالث أكبر قاتلٍ في الولايات المتحدة وتكلف ترليون دولار سنويًا، ولا يسبقها إلا أمراض القلب والسرطان. فهي تحصد 400 ألف روح كل عام، أي ما يعادل ركاب طائرتي جامبو يوميًا. وعلى الرغم من أن سلامةَ المرضى قضيةٌ عالمية خطيرة في مجال الصحة العامة، إلا أن السياسات الوطنية والأجندات العالمية غالبًا ما تتجاهلها.

وفي هذا الإطار، نشر مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية “ويش”، أحد المبادرات العالمية لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، اليوم تقريرًا يرمي إلى تغيير هذا الواقع عبر تحديد أسباب الأسى المستمر الناجم عن أضرار يمكن تجنبها في مجال الرعاية الصحية، وإيجاد الحلول المناسبة لسدّ الثغرات القائمة في المقاربة الحالية لسلامة المرضى.

وفي تعليق أولي على التقرير، قال كوكبةٌ من الخبراء العالميين اليوم إن الإخفاق في معالجة مسألة سلامة المرضى المثيرة للقلق بصورة متزايدة يسهم في الهدر الذي يشهده نظام الرعاية الصحية وفي ارتفاع التكاليف بشكل كبير؛ إذ تشير التقديرات إلى أن ثلث مصاريف الرعاية الصحية في الولايات المتحدة في عام 2011 ابتلعها الهدر. وقد حدد الخبراء العالميون في مؤتمر “ويش” الأسباب الرئيسية لذلك في عدم وجود التشريعات  والافتقار للإحاطة بمفهوم سلامة المرضى وغياب تكامل نظم الرعاية الصحية، كما قدموا باقة حلولٍ وتوصيات مبتكرة لصناع السياسات في العالم.

لطالما عُدَّت سلامة المرضى إحدى المجالات ذات الأولوية التي تحتاج إلى تحسين في أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم. ولكن على الرغم من تطور الممارسات المعتمدة طيلة عقود من الزمان واستثمار تريليونات الدولارات في هذا الشأن، لا يزال هناك عدد كبير من الأذيات، بل والوفيات. كما أن وحدات العناية المركزة وغرف العمليات وغرف الطوارئ والعيادات تكتظ بعدد متزايد من الأجهزة التي تعمل باستقلالية عن بعضها دون أدنى تنسيق بينها. وولذلك فقد حان الوقت كي تستفيد قضية سلامة المرضى من تطبيق مقاربة أشمل، في البلدان المتقدمة والأقل تقدمًا على السواء. ففي حين أثمرت مبادراتٌ أطلقتها المملكة المتحدة في خفض العنقوديات الذهبية المقاومة للميثيسيلين بنسبة 90 بالمائة، استدعى تفشي مرض الإيبولا الحالي تبني طريقة تفكير جديدة بشأن التحدي المتمثل في التخلص من النفايات وحماية العمال في المناطق الفقيرة بالموارد.

وفي محاولةٍ لتحسين سلامة المرضى عبر اتباع منظور يشمل كافة جوانب القطاع الصحي، أشرف الدكتور بيتر برونوفوست، النائب الأول لرئيس قسم سلامة المرضى والجودة ومدير معهد أرمسترونج لسلامة المرضى والجودة في مؤسسة جونز هوبكنز الطبية بالولايات المتحدة، على فريقٍ مكونٍ من خبراء دوليين بارزين من جميع مجالات سلامة المرضى بغية وضع التقرير الفريد المذكور أعلاه وتوجيه عملية إعداده.

وبهذه المناسبة قال الدكتور برونوفوست: “كانت العقلية السائدة في مجال الرعاية الصحية منذ فترة طويلة جدًا هي أن الأضرار التي تصيب المريض حتمية، وأن آفاق التفكير الضيقة أمرٌ طبيعي، وأن البطولة هي ما يُبقي المريض آمنًا وليس التصميم المدروس للرعاية الصحية. ويتضح من خلال العمل في إعداد تقرير مؤتمر “ويش” اليوم أن ما ينقصنا هو مقاربةٌ منهجية تشمل القطاع بأسره وتدعمها مبادئ سليمة في مجال علوم السلامة. فأنظمة الرعاية الصحية على وضعها الحالي تؤذي في أغلب الأحيان أكثر مما تساعد. ونحن نقدم في تقريرنا هذا حلًا هو عبارة عن نظام شامل للقضاء على الأضرار التي يمكن تفاديها في الرعاية الصحية. فسلامة المرضى هي – أو ينبغي أن تصبح – إحدى اللبنات الأساسية في أي نظام رعاية صحية”.

وبتعيين الدكتور برونوفوست رئيسًا لمنتدى سلامة المرضى، يسعى مؤتمر “ويش” إلى البحث في سبل خفض عدد الأضرار التي يمكن تجنبها. ومن خلال البحوث التي أجراها المنتدى، تم استعراض مختلف مقاربات تحسين سلامة المرضى بغية تقديم توصياتٍ تتيح لصناع السياسات تحديد أولويات التغيرات التي تحسّن سلامة المريض وصحته وتجربة علاجه، والأهم من ذلك تنقذ الأرواح وتخفف من الأعباء على موازنات الرعاية الصحية.

وتتضمن القضايا التي يتناولها تقرير سلامة المرضى استكشاف سبل تحسين منهجية تكامل أنظمة سلامة المرضى، وطرق تصميم الأنظمة الصحية وإدارتها وتقديمها بهدف تعزيز سلامة المريض وصحته وتجربة علاجه، والحد من التكاليف البشرية والاقتصادية الناجمة عن عدم تحقيق السلامة، والتعلم من قطاعات أخرى عالية الخطورة كالفضاء والدفاع.

من جانبه، قال البروفسور اللورد دارزي، رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لمؤتمر “ويش”: “تُظهر التقديرات أن عُشر المرضى في البلدان المتقدمة يتأذون أثناء تلقيهم الرعاية في المستشفيات. ويكشف تقريرنا عن أن سلامة المرضى ليست مجرد مسؤولية شخصية محصورة بالمرضى والأطباء، وإنما هي قضية سياسية كبرى أيضًا. وفي هذا الإطار، يقدم العمل الذي اضطلع به الدكتور برونوفوست وفريقه بالنيابة عن مؤتمر “ويش” أدلةً قوية وآفاقًا جديدة تدعم الجهود التي يبذلها صناع السياسات في سبيل تحسين السلامة في نظام الرعاية الصحية وتجربة علاج المريض”.

ويمثل تقرير “سلامة المرضى” واحدًا من ثمانية تقارير سيتم عرضها أثناء قمة “ويش” 2015 المنعقد في دولة قطر بحضور كوكبةٍ من كبار خبراء الصحة في العالم إلى جانب مجموعةٍ مؤثرة من رؤساء الدول والوزراء والأكاديميين والأطباء وصناع السياسات ورجال الأعمال لمناقشة حلول مبتكرة لبعض أهم تحديات الصحة العالمية.

وإلى جانب هذا التقرير، ينشر المؤتمر تقارير أخرى عن إيصال الرسائل المعقدة بشأن الصحة، والسكري، وتقديم الرعاية لمرضى السرطان بأسعار معقولة، والخرف، والتغطية الصحية الشاملة، والصحة النفسية ورفاه الأطفال، وصحة الأم والأطفال حديثي الولادة.

جدير بالذكر أن مؤتمر “ويش” هو أحد مبادرات مؤسسة قطر، ويسعى الى نشر أفضل ممارسات الرعاية الصحية من خلال شبكة عالمية من كبار صناع القرار والأكاديميين وقادة الصناعة، بما ينسجم بشكل وثيق مع رؤية مؤسسة قطر المتمثلة في إطلاق  قدرات الإنسان، والعمل على إبراز دور قطر الريادي كمركز  رائد في الابتكار في الرعاية الصحية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى