مقالات

أفريقيا تتغلب على أكبر شركات الهاتف النقال في العالم

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – ترجمة: ينال أبو زينة

لوني برينسلو وجانيك كيو”

في الوقت الذي كانت فيه الدول الأفريقية تبيع رخص الهاتف النقال بالجملة لخدمة شباب المنطقة، من ذوي الخبرة في المجال التكنولوجي، بدا الاستثمار في اقتصادات القارة السمراء سريع النمو وأنه غير منطقي. لكن كبرى شركات تزويد خدمات الأجهزة النقالة اندفعت إليها في نهاية المطاف.
والآن، أصبحت هذه الشركات تمعن النظر فيما إذا كان أخطأت بالقيام بذلك. بحيث تصعب التمحيصات الحكومية والتنظيمة الدقيقة، إلى جانب الافتقار لإمكانية فرص التوسع في جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية على مزودي خدمات الاتصال مثل مجموعة “فودافون” و”أورانج” و”بهارتي إيرتيل”. والخيارات المتاحة لهم هي إما الإنسحاب أو تخفيض الأسعار بشكل كبير.
وانسحبت، في هذا السياق، شركة “ميليكوم” جزئياً، بحيث تخلصت من وحداتها في السنغال وجمهورية الكونغو الديمقارطية، وهناك شركة “إيرتل” الهندية أيضاً، والتي باعت شركاتها في بوركينا فاسو وسيراليون لمصلحة “أورانج” في وقت سابق من العام الجاري. ومخفضة انفتاحها على كينيا، حولت “فودافون” معظم حصتها البالغة 3,6 مليار دولار في “سافاريكوم” التي تتخذ من نايروبي مقراً لها، إلى وحدة جنوب أفريقيا المملوكة بالأغلبية لـ”مجموعة فودافون” في شهر أيار (مايو)، وربما تنسحب أكثر. وهذا يترك “فودافون” غانا كالشركة الوحيدة المملوكة لبريطانيا بنفس العلامة التجارية.
وفي هذا الخصوص، قال بهاء مكارم، محلل في “أرقام كابيتال”: “عند هذه النقطة، أصبح لمن الواضح ما يملك الفرصة للصمود في أفريقيا ومن لا يستطيع ذلك، والأمر مناط بالحجم وسيطرة الحكومات”. وأضاف: “إنها مجرد مسألة من يستطيع الصمود في وجه العاصفة”.
ويأتي هذا التبدل في المشاعر في الوقت الذي بدأت فيه حكومات جنوب الصحراء الأفريقية بخسارة حماس المستثمرين. وقد أدى سقوط أسعار السلع الأساسية إلى تخفيض الضرائب في العديد من دول القارة السمراء، فيما انخفض متوسط النمو الاقتصادي هناك إلى 1,4 % العام الماضي، من 3,4 % في العام 2015، وفقاً لصندوق النقد الدولي. وقد شجع ذلك صناع القرار في هذه الدول، بما فيها تانزانيا وغانا، للسعى خلف الشركات العالمية في بحثها عن فرص تحقيق عوائد –وقد أجبرت كلا البلدين مزودات خدمات الاتصال الأجنبية على التنازل عن الأسهم لمصلحة المستثمرين المحليين.
وفي هذا الصدد، أخبر رئيس مجموعة “إم تي إن”، بوثوما نليكو، المساهمين خلال الاجتماع السنوي لأكبر مزودي خدمات الاتصالات الذي أقيم في الخامس والعشرين من أيار (مايو) بأن: “التحدي التنظيمي دائماً ما يصاحبنا في أذهاننا”. وتابع قائلاً: “إنه ببساطة جزء من البيئة التي نعمل فيها”.
وكان لنليكو تجربة سابقة في هذا الأمر. بحيث غرمت وكالة نيجيرية شركته بحوالي 5,2 مليار دولار في العام 2015 بسبب تخلفها عن موعد قطع المستخدمين غير المسجلين عن الخدمة، الأمر الذي قاد إلى انهيار أسعار الأسهم. وقد خفضت الغرامة إلى مليار دولار بعد شهور من المفاوضات. وفي نهاية المطاف، غرمت إم تي إن بحوالي 8،5 مليون دولار في رواندا في أيار (مايو) لعدم امتثالها لالتزامات الترخيص.
ورضخت “فوداكوم”، المملوكة لـ “فودافون” بنسبة 70 %، لمطالبة تانزانيا بأن تبيع الأسهم في بورصة “دار السلام”. واضطرت إلى تأخير الإدراج عندما بطأ الطلب المرتفع لمستثمري التجزئة عمليات معالجة الطلبات القادمة من خارج الدولة.
وتعتبر الاكتتابات الطريقة الوحيدة لإجبار مزودي الخدمات اللاسكلية على مشاركة أرباحهم للمستثمرين المحلييين في الدولة الشرق أفريقية، وفقاً لما أوضحه الرئيس التانزاني جون ماغوفولي الشهر الماضي، مضيفاً أنه بامكان الدولة سحب الرخص في حال رفضت الشركات الامتثال لذلك.
ونقلت الصحف المحلية قول الرئيس: “ليس من الكاف إخضاع شركات الهواتف النقالة للغرامات والسماح لها بمواصلة حصد أرباح بمليارات الدولارات”.
وليست الأوضاع سيئة بالنسبة للجميع في أفريقيا، حيث تتوقع “جي إس إم إيه إنتيليجانس” أن تصل إيرادات خدمات الاتصال إلى 43 مليار دولار في العام 2020. فقد دعت “أورانج”، قائدة السوق الفرنسية، القارة الأفريقية بأنها منقطة رئيسية بالنسبة لها في شباط (فبراير)، وركزت معظم استثمارها في الأسواق التي تتحدث الفرنسية مثل الكاميرون وساحل العاج.
وهذا يعود في جزء منه إلى تعويض ركود النمو في السوق الأوروبية، والاستفادة من الشريحة الشبابية التي تطالب دائماً ببيانات أسرع وأرخص ثمناً، وفقاً لـ”برونو ميتلنغ”، مركز عمليات الشركة الفرنسية الرئيسي في المنطقة. وتعيق البنية التحتية التي عفا عليها الزمان، والتي يجب التخلص منها أو تحديثها، أيضاً البيئة العملية.
وبينت ميتلينغ أن بعض مزودي خدمات الاتصالات “تنحسب من أفريقيا أمام الاستثمارات الضخمة المراد تنفيذها –ليس فقط الـ”3 جي” والـ”4 جي”، وإنما الألياف الضوئية لربط الهوائيات ببعضها البعض”. وأضافت: “في أورانج، نحن نستثمر ما متوسطه مليار يورو في أفريقيا سنوياً”.
وتنطوي نطاقات توسع “أورانج” على الخدمات المصرفية على الهاتف النقال. وأبلغت “أورانج موني” عن 74% زيادة في العملاء، إلى أكثر من 30 مليون، في الربع الأول من العام، وهي تخطط لتوسيع خدماتها إلى سوقها في فرنسا هذا العام. وحتى الآن، وأسواق “أورانج” الناطقة بالفرنسية متوقفة عن طلب مبيعات الأسهم إلى المتستثمرين المحليين.
وتدرس “فوداكوم”، مزود خدمات الهواتف النقال الأكبر في أفريقيا من حيث الرسملة، أيضاً التوسع عقب صفقة “سافاريكوم”. وربما تكون السوق الصعبة وارتفاع الرغبة لدى المنافسين بالبيع قادت إلى انخفاض الأسعار، وفقاً لما أوضحه الرئيس التنفيذي شاميل جوسوب في أيار (مايو).
ويقول جوسوب: “لقد ولت الأيام التي كنت فيها تدخل برخصة في مجالات جديدة”. ولكن، مع ذلك، أصبحت أسعار أهداف التملك المحتملة “منطقية نوعاً ما”، وليس هناك “الكثير من الشرائين”.
وبواقع الحال، بدأت أول موجة من رخص الهواتف المتنقلة الرقمية من الجيل الثاني في أفريقيا خلال أواخر تسعينات القرن الماضي، في حين كانت نيجيريا إحدى آخر الدول التي أصدرت رخصتها الأولى في العام 2001. وفي حين أن هذه الأسواق بقيت تنمو منذ ذلك الحين –في ضوء أننا سنشاهد أكثر من نصف سكان القارة السمراء يحملون الهواتف الذكية بحلول العام 2020- تبقى أثيوبيا الدولة الوحيدة الدولة الوحيدة التي لم تعرض رخصها في المزاد.
وفي هذا الخصوص قال مدير عام “أفريكا أناليسيز” في بريتوريا، دوبيك باتر: “تعتبر أفريقيا سوقاً للنمو، لكنها في الوقت نفسه تشكل بيئة صعبة جداً لعمليات التشغيل”. وأضاف: “عادة ما تكون تكاليف التشغيل مرتفعة، ومستويات الدخل المتاحة للشرائح الأكبر في المجتمع منخفضة، في حين أن البيئة التنظيمية صعبة التوقع في الغالب. ولذلك في أن الشركات ذات وفورات الحجم المتزايدة هي الوحيدة التي يمكن أن تنجح هنا”.

“بلومبيرغ”

– الغد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى