مقالات

يا أهالي عمّان لا تسمحوا بهذه المهزلة

شارك هذا الموضوع:

* فهد الخيطان

59 مهنة صار مسموحا لسكان عمان ممارستها بمنازلهم، استنادا لتعليمات أقرتها اللجنة المؤقتة التي تدير شؤون الأمانة في المرحلة الانتقالية.
المهن متنوعة وتشتمل على باقات عديدة وهي المهن الفكرية والحرف اليدوية وتصنيع الأغذية وخدمات المنازل. واشترطت الأمانة على المشتغلين بهذه المهن أن لا تزيد المساحة المستغلة من المنزل عن 15 % من المساحة الأرضية الإجمالية.
ماذا يعني ذلك في التطبيق العملي؟
يعني أن تفيق صباحا وإذا بجارك قد افتتح معملا للمخللات، تفوح منه الروائح العطرة في أرجاء البناية السكنية، أو معمل جلود تدبغ حياتك بالأصباغ الملونة وروائحها. وحسب اللائحة يستطيع صاحب المنزل أن يقيم في جوارك معامل لتصنيع المربيات والصابون والمخبوزات المنزلية والجميد أو مكتبا للصيانة المنزلية كأعمال الكهرباء وتصليح المواسير وتنظيف المنازل والخدمات المنزلية بالمجمل.
تخيلوا شكل البنايات السكنية في عمان وقد تحولت إلى معامل ومكاتب تعج بالمراجعين والزبائن والبضائع. شقة العمر التي تخلد إليها في نهاية يوم عمل طويل تصبح الحياة فيها جحيما لا يطاق.
أمانة عمان بأسطول موظفيها الضخم لا تستطيع ضبط مخالفات التنظيم والتعديات الظاهرة للعيان في الأبنية، فكيف لها أن تضمن التزام آلاف الأشخاص بالمساحات المقررة للمهن المنزلية؟
أقول لكم منذ الآن ماذا سيحصل؛ ستتحول الشقق السكنية بكاملها لمعامل، وينتقل ساكنوها لمنازل بديلة على أن يبقوا بضعة كراسٍ وأسرة لإيهام مراقبي الأمانة بأنه ما يزال سكنا للعائلة. ثم ومع مرور الوقت ستتوسع قائمة المهن المنزلية لتشمل أعمالا أخرى غير واردة في قائمة الأمانة. وشيئا فشيئا تتحول البناية السكنية بكاملها لمركز تسوق بدون أن يدفع أصحابه ما يلزم من ضرائب ورسوم تفرض على أقرانهم من أصحاب المحال التجارية.
مصاعد البنايات ومع الحجم الزائد من الحركة ستتعطل أو تغدو محرمة على السكان. الأوساخ والروائح ستستوطن مداخل البنايات وتتسلل إلى داخل الشقق.
البناية التي يعيش فيها 50 شخصا على سبيل المثال سيدخلها كل يوم عشرات الزبائن وربما أكثر لتنتفي تماما خصوصية العائلات بعد أن تتحول بنايتهم لمول تجاري. ولمعرفتنا بسلوك ناسنا، لن يكون مستغربا أن يحول صاحب معمل الخزف أو المخللات مداخل البناية وأدراجها لعرض منتجاته، ناهيك عن اليافطات التي ستملأ المبنى للتدليل على موقع المعمل أو المخيطة.
بسبب سوء التخطيط وغياب الرؤية، تكاد عمان أن تفقد هويتها تماما وتتحول إلى مدينة عشوائيات. حتى الأحياء السكنية الجديدة تنقلب سريعا لحارات شعبية بخدمات رديئة، وافتقار لأدنى متطلبات الحياة الهادئة؛ لا حدائق للعائلات وأطفالهم، ولا مواقف تكفي السيارات، ولا أرصفة مهيأة للمشاة، هذا ناهيك عن الشوارع المهترئة.
يبدو أن عباقرة التخطيط في أمانة عمان لم يكفهم هذا الخراب، فقرروا أن يكملوا المهمة بالإجهاز على البنايات السكنية أيضا وتحويلها لأسواق خضرة، وبسطات لتجارة المواد الرخيصة.
حسب التقرير الصحفي المنشور في”الغد” فإن التعليمات المذكورة في طريقها للنشر في الجريدة الرسمية، لتدخل بعدها حيز التنفيذ. ينبغي أن يرفع المواطنون صوتهم بسرعة لإبطال هذه القرارات الغبية، قبل أن تصبح واقعا يصعب رده، ومعها معاناة تلاحق الناس لغرف نومهم.
وتذكروا أن هذه التعليمات أقرّت في غياب ممثلي سكان المدينة، وقبل الانتخابات البلدية المقررة منتصف أب (أغسطس) المقبل. فهل من مبرر للعجلة؟

* صحيفة الغد اليومية

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى