مقالات

“إنترنت الأشياء” تختزل تفاصيل الحياة بكبسة زر

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

ستقيس ساعة معصمك الذكية في الصباح نبضات قلبك خلال نومك وتراقب جسدك وتوقظك باهتزازات مدروسة في معصمك وفق برنامج معد سلفاً؛ فتستيقظ في الوقت الصحيح بدون صداع أو إعياء. وتعطي الساعة إشارة لسخان المياه ليعمل، وفور انتهائك من أخذ دش ساخن، تعطي ساعتك المضادة للمياه إشارة للغلاية كي تصنع الشاي، بحسب “هافينغتون بوست”.
تخبرك الثلاجة بدرجة طزاجة كل من أصناف الطعام على حدة، وما إذا كان هناك طعام أوشك أن يكون خارج مدة الصلاحية. يخبرك المقعد بدرجة حرارة جسدك، ويتصل بجهاز تكييف الهواء ليعطيك درجة الحرارة المناسبة، وفق برنامج محدد يساعد على توفير الكهرباء. يصلك في الوقت نفسه إشعار على الهاتف يخبرك بأن تتحرك الآن؛ لأنه تلقى بيانات من كاميرات مراقبة الطرق بوقوع حادث سير أدى لتعطل السيارات وارتباك المرور. تخرج من المنزل فتنطفئ الأجهزة غير المستخدمة توفيراً للطاقة.
ليست هذه مشاهد من أحد أفلام الخيال العلمي، لكنه واقع عالم جديد نعيشه هو “إنترنت الأشياء”.
ماذا يعني مصطلح
“إنترنت الأشياء”؟
إنترنت الأشياء (Internet Of Things) أو الـIOT هو مفهوم متطور لاستخدام شبكة الإنترنت لتوصيل الأشياء -التي لها قابلية الاتصال بالإنترنت لإرسال واستقبال وتحليل البيانات- وتنظيم العلاقة بينها بشكل يسمح بأداء وظائف محددة والتحكم فيها من خلال الشبكة.
وبعيداً عن التعريفات الأكاديمية المعقدة، فببساطة إذا ما اعتبرنا الإنترنت بشكله الحالي وُجد لتسهيل اتصال الأشخاص، فـ”إنترنت الأشياء” وُجد لتسهيل الاتصال بين الأشياء. ويمكننا فهم إنترنت الأشياء بتذكر ما حدث في زمن مضى من “كهربة الأجهزة” الذي طرأ على الآلات اليدوية منذ قرن من الزمان، حتى صارت الغالبية العظمى من الأجهزة الآن تعمل آلياً بالكهرباء.
هواتفنا اللوحية.. مثال
حي على “إنترنت الأشياء”
هواتفنا اللوحية هي نتاج الاستثمار بطريقة “إنترنت الأشياء” في الهواتف ذات الأزرار من الجيل السابق. فالهاتف القديم ذو الأزرار كانت وظائفه وتطبيقاته محدودة بمحدودية أزراره؛ أما هواتفنا الذكية المتصلة بالإنترنت والمُزودة بشاشات قابلة للّمس -وهو ما يعني عدداً ضخماً من الأزرار مقارنة بالهاتف القديم- أتاحت لهواتفنا ملايين التطبيقات المختلفة. ليس هذا فحسب، بل إن هواتفنا الآن “ذكية”، فهي مزودة بمستشعرات تحديد المواقع وشدة الإضاءة والاتجاه والحرارة والنبض والضغط الجوي.
من يتنافس في مستقبل “إنترنت الأشياء”؟
شهد قطاع الـIOT نمواً كبيراً في السنوات القليلة الأخيرة، ويقدر حجم الإنفاق على خدمات إنترنت الأشياء بما يفوق الـ235 مليار دولار. واستثمرت شركات كبرى مثل “جوجل” و”فيسبوك” و”تسلا” مبالغ ضخمة في مشاريع تستخدم إنترنت الأشياء بشكل أساسي لتقدم خدماتها بشكل أفضل للمستهلكين.
على سبيل المثال، تعمل شركة “جوجل” بشكل مكثف لإصدار نسختها الخاصة من سيارات جوجل ذاتية القيادة، التي تجوب الشوارع بلا قائد كمرحلة تجريبية لالتقاط صور بتقنية الـ360 درجة لإدراجها ضمن تطبيقها “Google maps”، وهو ما سيفيد في تطوير النسخة الأحدث google maps VR، التي تسمح لك بالتجول في أي مكان على الكرة الأرضية بشكل افتراضي ثلاثي الأبعاد. تنافس هذه السيارة سيارة “تسلا” ذاتية القيادة. بينما طورت إدارة “فيسبوك” نسختها الخاصة من تطبيقات الواقع الافتراضي.
قامت شركة “أوبر”، وهي خدمة لسيارات الأجرة، بشكل أساسي على تطبيقات إنترنت الأشياء، وفي العام 2015 صارت “أوبر” أكبر شركة ليموزين بدون أن تمتلك سيارات، فهاتفك اللوحي الذكي المتصل بالإنترنت والمحتوي على تطبيق “أوبر” يتواصل مع هاتف آخر يحمله السائق. يحصل العميل على الخدمة، فيدفع مقابلها للسائق، وتجني “أوبر” عمولتها، ويرسخ “إنترنت الأشياء” أقدامه أكثر في عالم المال.
تتطلب الخدمات السابقة توفير منصات تخزين وتحليل بيانات متصلة بالإنترنت، وهو ما يعرف بأنظمة التخزين السحابي Cloud Storage، الذي يعد في حد ذاته قرصاً صلباً خضع للتطوير بنظام الـIOT.
وفي مجال الطب والصحة العامة، سجل إنترنت الأشياء حضوراً قوياً؛ حيث توفر أساور المعصم الذكية تتبعاً دقيقاً لمؤشراتك الحيوية، ما يسهل تشخيص الأمراض بشكل مبكر.
وفي مجال الزراعة، أصبح يوجد ما يُعرف بالمزرعة الذكية، فقد سمح استخدام إنترنت الأشياء عن طريق أتمتة نظم الريّ والتحكم في درجة حرارة الصوب الزراعية ومتابعة المحصول توفير الجهد وجني المزيد من الأرباح عن طريق زيادة المحصول وتقليل الخسائر.
تخوفات مستقبلية
بفضل إنترنت الأشياء، سيرسل كل جهاز حولك متصل بالإنترنت، ويستقبل البيانات من وإلى شبكة الإنترنت، ثم يحللها ليخبرك بمعلومات معينة تحتاجها لتسهيل أمور حياتك اليومية، وهذا يتطلب قدراً كبيراً من السرية والخصوصية والاستثمار في حلول مبتكرة لتشفير البيانات للتصدي لأخطار القرصنة المحتملة.
متى يجب عليك البدء؟
هناك فرص كبيرة في عالم إنترنت الأشياء لم تكتشف بعد، وأمام رواد الأعمال فرصة للعمل على إنشاء شركات في هذا المجال. فالميزة هنا أن تقنية إنترنت الأشياء لا ترتبط بخدمة أو بصناعة معينة. فهذا المجال لا يخضع لما يوجد في بعض الصناعات الأخرى من احتكار الـ”KNOW HOW” وحجب التقنيات؛ بل هو ببساطة يعتمد على الأفكار الإبداعية في ربط الوظائف التي تقوم بها الآلات بشكل يسمح بالتحكم بها من بعد عن طريق شبكة الانترنت. تحرك الآن فلا يمكنك بدء السباق مرتين.

” الغد”

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى