مقالات

الأزمات فكر التحليل لا فكر الفزعة

شارك هذا الموضوع:

د. خالد واصف الوزني

يعتبر الاقتصاد الأردني أحد أكثر الاقتصادات تعرضا للأزمات منذ نشأته، فالمتابع لمسيرة الاقتصاد الأردني يجد أن البلاد مرت بالعديد من الصدمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية منذ إنشاء الإمارة إلى التحول إلى الملكية مرورا بالاستقلال وانتهاء بما يشهده اليوم العقد الثاني من الألفية الحالية من تطورات إقليمية وعالمية.
ولعلنا اليوم نعتبر الاقتصاد الأردني الأكثر قدرة على امتصاص الأزمات والتقدم الى ما بعدها بل وتحقيق بعض الفرص من التحديات التي فرضتها بعض الأزمات التي شهدتها المنطقة وخاصة منذ أزمة الخليج الأولى وحتى الأزمة الحالية والتي نأمل أن تنتهي بسلام في أقرب وقت.
الشاهد من ذلك كله هو الحاجة الدائمة إلى برامج إدارة أزمات تساعد على امتصاص تبعات أي أزمة قائمة وتعمل على الانتقال نحو الأمام لا الرجوع إلى الخلف.
فالاقتصاد الوطني لا يحتمل تراجعا أكثر مما شهده في السنوات الماضية ولا يستطيع امتصاص المزيد من التبعات السلبية دون أن يلجأ إلى بدائل تعوض بعض أو جميع الخسائر التي تولدها أزمات المنطقة.
وقضية اليوم على الساحة العربية هي تبعات الأزمة التي تمر بها منطقة الخليج والتي بالضرورة ستجد طريقها إلى حل قريب تعود بعدها دفة الأمور إلى طبيعتها.
في هذا السياق فإن المطلوب أن تحدد الحكومة تبعات الأزمة وآثارها المحتملة على قطاعات الاقتصاد المختلفة، وهي بشكل أساسي في مجال الصادرات. بيد أن الأهم أن نبدأ دوما بوضع مصفوفة حقيقية لما يمكن تسميته تحليل الكلف والعوائد من تلك الأزمات.
فمثل تلك الأزمة ستؤثر بالضرورة على صادرات السلع الأردنية وخاصة الصادرات الزراعية، ولكنها أيضا ستفتح المجال أما قطاع خدمات النقل الجوي للأفراد والبضائع لتعويض القصور في عمل شركات الطيران القطرية وبعض الشركات الخليجية الأخرى. والمهم من ذلك كله هو دراسة كيفية التعامل مع الكلف والعوائد بشكل عملي.
فمن ناحية يقع على عاتق الحكومة دراسة كيفية تسهيل وصول الصادرات الأردنية إلى قطر مثلا عبر الجو دون تحمل المصدر الأردني لأي كلف إضافية، وهو أمر يمكن تدبيره عبر توفير المساعدات من قطر أو من المملكة العربية السعودية أو من غيرهما من الدول الخليجية التي لم تقف ابدا أمام أي دعم منطقي تستطيع تقديمه إلى الأردن. أو البحث عن أسواق بديلة لتصريف الصادرات التي يصعب الوصول بها الى أسواقها التقليدية في الخليج بفعل الأزمة الحالية.
أما في منظومة العوائد فعلى المستفيدين أن يظهروا القدرة على تقديم خدمات مميزة في هذه الفترة لكي يصبحوا قادرين على الاستمرار بشكل افضل بعد انتهاء الأزمة، فهي فرصة لمن لم تتح له الفرصة مثلا للسفر على الخطوط الملكية الأردنية أن تظهر أمامه هذه الخطوط بخدماتها المميزة وقدرتها على تقديم افضل الحلول والخدمات الشاملة.
علينا أن ننظر إلى الأزمات بفكر التحليل وليس بفكر الصدمة والفزعة، اقتصادنا واجه العديد من الأزمات وصمد أمامها وخرج منها اقوى مما سبق ولكن علينا دوما أن نؤسس لآلية تجعلنا نتعامل مع الأزمات بفكر القادر على التأقلم والانتقال إلى الأمام لا بفكر المصدوم والمتعثر.

– الغد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى