مقالات

وادي السيليكون السعودي

شارك هذا الموضوع:

صلاح خاشقجي

قطاع تقنية المعلومات يعد أحد أكثر القطاعات الاقتصادية جذبا للاستثمارات، وذلك نظرا للمكاسب العالية التي تحققها هذه الشركات حال نجاحها. وليس أدل على ذلك من النجاح منقطع النظير الذي حققه اكتتاب شركة علي بابا الصينية. كما أن كبريات الشركات العالمية لها ارتباط بشكل أو بآخر بعالم تقنية المعلومات. الأمر الذي حدا بصندوق الاستثمارات العامة إلى الدخول بقوة لهذا القطاع عبر شراكته مع “سوفت بانك” في صندوق «رؤية سوفت». وكذلك إعلان شركة الاتصالات إنشاء صندوق لرأس المال الجريء بقيمة تصل إلى 500 مليون ريال. فالشركة تبني على نجاح استثمارها في شركة كريم وكذلك على خبراتها في تقديم الخدمات التقنية.
أهمية هذه الاستثمارات بشكل عام تكمن في عامل الإخلال أو الاضطراب الذي توجده تطبيقات شركات التقنية في نماذج الأعمال القائمة. فتطبيقات المشاركة عملت على تعزيز قيمة الأصول عبر تكثيف استخدامها وزيادة الطلب على أصول متوافرة لدى الاقتصاد. ما يعمل على زيادة كفاءة تشغيل الأصول والعائد عليها. فهي تطبق القاعدة التجارية البسيطة بتحويل الأصل إلى أصلين، ما يزيد من العائد عليها لمالك الأصل والاقتصاد ككل.
الاقتصاد السعودي شهد نقلة نوعية في السنوات الأخيرة في انتشار تطبيقات تقنية المعلومات. الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه لدعم مشاريع شبابية، لأفكار بسيطة ذات مردود عال. تمتاز هذه الأفكار بعنصر الابتكار، فهي تعيد رسم خريطة العرض والطلب لخدمات متوافرة حاليا، ولكن بشكل أقل كلفة على الاقتصاد الكلي. الأمر الذي يتيح إيجاد وظائف جديدة ذات مردود مالي عال يشغلها المواطن، إضافة إلى الاستغناء عن كثافة العمالة الوافدة الرخيصة، ذات القيمة المضافة المنخفضة.
استثمار هذه الفورة في قطاع تقنية المعلومات السعودي سيمكن الاقتصاد الوطني من إيجاد تحول نوعي تستهدفه “الرؤية”. وحتى يتحقق هذا الهدف، فلابد من تكثيف الجهود في هذا المجال عبر ربطها ببعضها بعضا لإيجاد واد للسيليكون في السعودية. ليس بالضرورة أن ينتج وادي السيليكون السعودي المعدات، إنما يمكن أن يبدأ من حيث انتهى الآخرون، بتركيزه على قطاع البرمجيات. وحتى نصل إلى مستوى الكثافة اللازم، فإننا بحاجة إلى معاهد تقنية ومراكز بحثية تعمل على زيادة الوعي التقني، خصوصا نشر وتعليم أساسيات البرمجة. هذا الوادي يمكن أن يكون نتيجة توطين استثمارات صندوق «رؤية سوفت» عبر جذب مراكز الأبحاث وتسهيل أعمال الشركات التي يستثمر فيها الصندوق إلى المملكة.
كما يمكن الاستفادة من المراكز البحثية للشركات العملاقة في مجالات البنيات الضخمة لبناء القدرات التحليلية، التي ستعمل على إيجاد برمجيات يمكن الاستفادة منها في تنمية قطاعات أخرى. وكذلك توجد لدينا فرص هائلة في قطاع الحج والعمرة عن طريق خدمة الحاج وتسهيل أداء الحجيج للمناسك بخدمات متطورة. فالأعداد الكبيرة للحجيج تتيح زخما هائلا للطلب يمكن معه توسيع الاستفادة من أي تقنية حتى وإن كان مكلفا في بداية الأمر. ونظرا لأن الحج والعمرة خدمات تتشرف المملكة بالعمل عليها دون الاعتبار للربحية في المقام الأول، إلا أنه يمكن الاستفادة من استثمارات تقنيات عملية تسهيل أداء المناسك لنقلها لاحقا إلى قطاعات اقتصادية أخرى، مثلما يحدث في برامج الفضاء.

– الاقتصادية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى