مقالات

أربعة مؤشرات

شارك هذا الموضوع:

محمد عاكف الزعبي

مؤشرات مختلفة تصدر عن مؤسسات مختلفة تشير الى عمق الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. غالبا ما تتجه الأنظار الى ثلاثة مؤشرات: النمو الاقتصادي والبطالة، ويضاف اليهما احتياطيات العملة الصعبة بحكم ارتباط الدينار بالدولار. المؤشرات التي سوف أتناولها في هذه المقالة مختلفة بعض الشيء وبعضها يحمل دلالات مستقبلية.
أولا: تقرير لجريدة الغد مستند الى بيانات صادرة عن البنك المركزي، أظهر ارتفاعا في قيمة الشيكات الراجعة خلال شهر أيار (مايو) بنحو 180 % مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق. إجمالي الزيادة خلال الشهور الخمسة الأولى بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي بلغت نحو 45 %. هذا المؤشر وحده كفيل باختزال المشهد التجاري برمته.
ثانيا: متحصلات الدولة من الضرائب العقارية تتراجع خلال الربع الأول من العام الحالي بـ2.5 % بالقياس مع الفترة ذاتها من العام المنصرم. أيضا رسوم تسجيل الأراضي انخفضت بحوالي 6.5 % خلال الفترة ذاتها. المعنى أن هنالك تباطؤا في سوق العقار.
ربما أن هذا المؤشر هو الأخطر من بين جميع المؤشرات التي تم التعرض اليها في هذه المقالة، ويجدر بالحكومة مراقبة هذا المؤشر وغيره من مؤشرات النشاط العقاري عن كثب، لأن هناك تبعات ركود في السوق العقاري، تبدأ بمدخرات الأفراد وتنتهي بموجودات البنوك (القروض العقارية) والصناديق التقاعدية، قد تكون صعبة جدا على الاقتصاد.
ثالثا: الضرائب على الدخل والأرباح تراجعت بـ15.5 % خلال الربع الأول من هذا العام. الدلالة واضحة: أرباح الشركات تتآكل. المشكلة أن هذا التآكل يأتي مصحوبا بارتفاع في أسعار الفوائد، ما يعني أن ملاءة الشركات المالية مقاسة بمؤشر نسبة تغطية مصروف الفوائد (والذي يمثل الأرباح التشغيلية مقسومة على مصروف الفوائد) تتراجع. تدهور ملاءة الشركات المالية يقود الى نتيجتين محتومتين، الأولى: تراجع شهية البنوك لإقراض الشركات، وهو ما سوف يفاقم من أزمة الشركات، والثانية وهي مرتبطة جدا بالأولى: ارتفاع في منسوب القروض غير العاملة في القطاع المصرفي.
رابعا: التضخم يعود الى المشهد الاقتصادي وبقوة بعد عام من التضخم السالب. مجددا الدلالة واضحة: تآكل في القوة الشرائية للنقد وضغوط إضافية على الأفراد وارتفاع في أسعار الفوائد. الشركات لن تسلم من التضخم؛ إذ لن تكون الشركات وسط حالة التباطؤ الاقتصادي قادرة على تمرير التضخم كله الى الأفراد، ما يعني بأنها سوف تمتص جزءا من هذا التضخم على حساب هوامشها الربحية.
المشترك في المؤشرات الأربعة أنها تؤثر على القطاع المصرفي. لهذا السبب يذهب كثيرون الى اعتبار القطاع المصرفي مرآة للنشاط الاقتصادي.
إلا أن القطاع المصرفي لا يكتفي بدور المرأة، فهو يلعب دورا آخر هو دور المضاعف، فإذا ساءت الظروف وانعكس السوء على مرآة البنوك، تجدها -أي البنوك- صارت أكثر تشددا في سياساتها الائتماتية، وهو ما يضاعف من حالة السوء، أما اذا تحسنت الظروف فإنك تجد البنوك وقد أسهبت في منح التسهيلات الائتمانية، الأمر الذي يزيد من وتيرة النشاط الإيجابي للاقتصاد.

– الغد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى