مقالات

البطالة واستراتيجيات الحكومة

شارك هذا الموضوع:

زياد الرفاتي

أصدرت دائرة الإحصاءات العامة تقرير الربع الأول من العام الحالي حول معدل البطالة في المملكة والذي يظهر فيه ارتفاع في المعدل الى 18.2 %.
وأظهر التقرير ارتفاعا في المعدل عما كان عليه في الربع الأول للعام الماضي البالغ 14.6 %، وارتفاعا عن الربع الرابع من العام 2016 البالغ 15.8 %؛ أي أن المعدل الحالي زاد على آخر ربع بنسبة 2.4 % خلال ثلاثة أشهر، وفق المنهجية الجديدة في الاحتساب.
حدث هذا الارتفاع في معدل البطالة رغم المبادرات والاستراتيجيات التي تبنتها الحكومة، ومنها الاستراتيجية الوطنية للتشغيل التي تركز على مفهوم التشغيل بدلا من التوظيف؛ حيث لم يعد سوق الوظائف في القطاعين العام والخاص قادرا على استيعاب الأعداد الكبيرة من طالبي الوظيفة اذا ما علمنا أن عدد طلبات التوظيف المقدمة الى ديوان الخدمة المدنية وصل الى 335 الف طلب، وهذا الرقم خارج على قدرة القطاع العام على استيعابه مطلقا.
وكذلك الإجراءات والجهود التي تبذلها وزارة العمل في ضبط سوق العمل وإحلال العمالة الأردنية محل العمالة الوافدة، وبرامج تدريب وتأهيل الداخلين الى سوق العمل وإكسابهم المهارات اللازمة التي تمكنهم من الانخراط في السوق.
وأظهر تقرير منظمة العمل الدولية المنشور في الصحف المحلية أن هناك 2.6 مليون عامل في الأردن منهم 1.4 مليون عامل أردني وبنسبة 54 %، و1.2 مليون عامل وافد وبنسبة 46 %؛ أي أن سوق العمل الأردني مقسوم مناصفة تقريبا، وتهيمن العمالة الوافدة على نصف السوق وهي نسبة مرتفعة ومقلقة بكل المقاييس.
ورغم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، إلا أن الباحثين عن عمل ما يزالون يواجهون صعوبات في سبيل الحصول على التمويل اللازم من البنوك والمؤسسات المالية لإقامة مشاريع صغيرة خاصة بهم بعيدا عن انتظار الوظيفة، ولا سيما مجموعات الشباب التي ترغب بإقامة مشاريع مشاركة بينهم انسجاما مع أهداف الاستراتيجية بالاعتماد على التشغيل بدلا من التوظيف وبما يسهم في التخفيف من أعداد العاطلين عن العمل وإيجاد مصادر دخل لهم.
وهذه الصعوبات تتركز في شروط منح الائتمان من البنوك والتي لا تتوافر لدى الباحثين عن العمل، خصوصا حديثي التخرج الذين يفترض أن يتم معاملتهم من البنوك بطريقة مختلفة عن الطريقة المعتادة مع العملاء الآخرين والتخفيف من تلك الشروط إسهاما منها في معالجة البطالة والدور التنموي لها في رفع معدلات النمو ودفع العجلة الاقتصادية.
وكذلك تطبيقا للاستراتيجية الوطنية للاشتمال المالي التي سيطلقها البنك المركزي في نهاية هذا العام والتي تهدف الى شمول جميع شرائح المجتمع بالخدمات المالية التي تقدمها البنوك ونوعيتها والوصول اليها؛ حيث إن هناك فئات واسعة في المجتمع محرومة من الاستفادة من تلك الخدمات أو بعيدة عنها، تصل نسبة الاشتمال المالي للبالغين في الأردن الى 25 % فقط أي الربع، حسب البيان الصادر عن البنك المركزي بتاريخ 27/4/2017 بمناسبة الاحتفال باليوم العربي للشمول المالي، وهي نسبة متدنية والباقي يتعذر عليهم الاستفادة من الخدمات المالية وتتركز في فئات واسعة من المجتمع مثل المشاريع متناهية الصغر، والصغيرة والمتوسطة، وأصحاب الأعمال والمهن الحرة، والموظفين من قطاعات متعددة، والعمال والشباب والسائقين وربات البيوت والوافدين وأصحاب الدخل المحدود والمناطق النائية والأقل حظا غير المشمولين في النظام المالي الرسمي.
وعلى البنوك أن تلتقط هذه الاستراتيجية وأن تتوفر الإرادة لديها وأن تتعاون مع البنك المركزي على تطبيقها ولو بالتدريج للوصول في النهاية الى شمول فئات المجتمع كافة بالخدمات المالية وحماية المستهلك ونشر الثقافة المالية، وبما يسهم بالمشاركة الفعالة لغالبية السكان في النظام المالي من خلال تعبئة المدخرات المحلية وتوجيهها نحو الاستثمار والتمويل، وتجنب لجوء تلك الفئات الى جهات تمويل أخرى وقنوات ووسائل غير رسمية مرتفعة التكاليف والتي لا تخضع لحد أدنى من الرقابة والإشراف، لما للشمول المالي من أثر على الاستقرار المالي والاقتصادي والاجتماعي في المملكة وفي تحقيق النمو الاقتصادي المستدام ودوره الكبير في محاربة الفقر والبطالة وزيادة الإنتاجية والحد من عدم المساواة بين فئات المجتمع المحلي.
وأشارت خطة التحفيز الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة مؤخرا، الى أن القطاع الخاص هو المحرك الأساسي للنمو، وهو القادر على استيعاب الخريجين الجدد في ظل تضخم حجم القطاع العام وعدم قدرته على استيعاب المزيد، وذلك من خلال مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وهذا يتطلب من القطاع الخاص أن يبادر ويسهم في الحلول من خلال زيادة الاستثمارات وإقامة مشاريع جديدة؛ حيث إن الاستثمار هو الكفيل بخلق فرص العمل، مع مراعاة توفير ظروف العمل الملائمة التي تحفز الباحثين عن العمل على الإقبال عليه ومستويات أجور عادلة توفر لهم الحياة الكريمة لقاء عملهم، وهذا يتطلب الاستماع الى مشاكل القطاع الخاص وتحدياته ومعالجتها وتذليل معوقات الاستثمار وتحسين البيئة الجاذبة له.
لقد أظهرت الإحصائية الأخيرة المنشورة بالصحف المحلية الصادرة عن غرفة صناعة عمان، إغلاق 2102 شركة صناعية وحرفية من الناحية القانونية لعدم تجديد اشتراكها لدى الغرفة من بداية العام الحالي، وأشارت الى أن عدم التجديد يعني من الناحية القانونية أن المصنع متوقف عن العمل ومجموع رأسمالها المسجل 203 ملايين دينار كانت تشغل 10 آلاف عامل.
وطالبت الغرفة بالوقوف على مطالب القطاع الصناعي الذي يعد المشغل الرئيسي للأيدي العاملة التي يصل عددها الى 200 الف عامل والسعي الى حلها.
إن ثقافة العيب التي كانت سببا في الماضي في عدم إقبال الأردنيين على بعض المهن والوظائف لم تعد موجودة، وباتوا يقبلون على كثير منها التي كانت عيبا بالنسبة لهم سابقا.

– الغد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى