مقالات

الاقتصاد والإشارات الإيجابية

شارك هذا الموضوع:

د.خالد واصف الوزني

الإشارات الأولية للعام الحالي تشير الى تحسن بطيء في مسيرة الاقتصاد الوطني؛ فالتقرير الأخير لصندوق النقد الدولي بعد المراجعة الدورية التي أجراها في نهاية شهر آذار(مارس) الماضي تحدث عن بداية التحول نحو تحسن طفيف في الأرقام الكلية الخاصة بالنمو والبطالة.
معدلات النمو تراجعت إلى أدنى مستوياتها في التاريخ المعاصر للبلاد لتنخفض ما دون 2 % وذلك بفعل السياسات الانكماشية غير المدروسة التي تم تطبيقها على مدى السنوات الماضية وأدت الى تدهور الأوضاع الاقتصادية الى مستويات لم يشهدها الأردن في أحلك ظروفه الاقتصادية إبان عقد التسعينيات من القرن الماضي.
المهم اليوم أن الإشارات الإيجابية عادت لتظهر مرة أخرى ويبدو أن معدلات النمو ستتحسن بشكل أكبر خلال الفترة القادمة وبمعدلات لا تقل عما كانت عليه قبل البدء بما سُمي العام 2012 ببرنامج الإصلاح الاقتصادي والذي هوى بالاقتصاد بعد أربع سنوات نحو معدلات نمو لم نشهد أضعف منها سابقا ومعدلات بطالة غير مسبوقة وعجز مالي لم يتلاش، كما كان الوعد.
الشاهد من هذا كله أن الحكومة الحالية استجابت للفكر الداعي إلى ضرورة الشراكة مع القطاع الخاص وضرورة العمل على تحسين البيئة الاستثمارية واهمية النظر الى تحفيز وتنشيط جانب العرض في الاقتصاد الوطني جنبا الى جنب مع ترشيد الانفاق وضبط مستويات الهدر وتوجيه جانب الطلب نحو محركات النمو بدلا من أوجه الهدر.
الإشارات الأولية تدل على تحسن بسيط في معدلات النمو التي بدأت تتجاوز 2 % ومعدلات البطالة التي بدأت تتراجع عن حاجز 16 % بالأرقام الرسمية، بالرغم من بقاء العجز المالي عند مستويات عالية بعد أن كانت التصريحات السابقة تقول أن ذلك العجز سينخفض الى اقل أو بحدود 6 % بعد الانتهاء من “برنامج الإصلاح الاقتصادي”، أي بحلول العام 2016، لتُظهر الأرقام الصادرة عن صندوق النقد الدولي أن الرقم الأدق هو نحو 9.3 % من الناتج المحلي الإجمالي وليظهر للعيان أن ما سمي برنامج الإصلاح الاقتصادي السابق ينطبق عليه المثل الشعبي القائل “كأنك يا أبو زيد ما غزيت”.
أي أننا تحملنا مرارة الدواء وبقي الداء في الجسد لا لشيء إلا لعدم الاكتراث لمحركات النمو وعدم الاهتمام بالعمل مع القطاع الخاص كشريك حيوي في الاقتصاد الوطني، وعدم وجود خطط تنموية موجهة ومدروسة تحقق تنمية فعلية في المحافظات خارج العاصمة، وعدم الاكتراث للرأي الذي تم طرحه بضرورة إنشاء صندوق سيادي يكون من أهدافه اقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة بل والمتناهية الصغر لصالح الشباب، وعدم الاهتمام أساسا بجانب العرض في الاقتصاد الوطني.
بيد أن البشارات اليوم تقول إن الحكومة جادة في التعامل مع السلبيات السابقة بجدية وأنها تسعى بالفعل لتحريك عجلة الاقتصاد بالتعاون مع القطاع الخاص وبالاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة وبالانطلاق نحو المحافظات لتوسيع نطاق التنمية وبالتركيز على عنصر الشباب وعلى رعاية مشاريعهم.
نأمل ان يستمر هذا التوجه وعندها سيكون هذا العام هو انطلاقة جديدة نحو نمو وتنمية حقيقيين تتعزز نتائجهما على مدار السنوات القادمة.

-(الغد)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى