م.جميل علي مجاهد*
صدرت قبل شهرين تعليمات تنظم عمل شركات التطبيقات الذكية لسيارات الأجرة (التاكسي) والتي تشترط ضرورة حصول الشركات التي تقدم هذه الخدمات على التراخيص اللازمة، ولكن ولغاية الآن لم يتم تطبيق التعليمات وما تزال الشركات تعمل بدون ترخيص.
مما لا شك فيه أن تنظيم عمل هذه الشركات ضروري وللأطراف كافة، ولكن شركات التطبيقات لم تقبل بالشروط والمتطلبات التي وردت في التعليمات لذلك لم تتقدم للحصول على التراخيص اللازمة، فلماذا لم تتقدم الشركات للحصول على التراخيص؟
إن نموذج عمل شركات التطبيقات الذكية يقوم على الاقتصاد التشاركي والذي يتلاءم مع الأشخاص الذين يرغبون بالمشاركة، فبدلا من شراء جهاز أو آلة جديدة للاستخدام لمدة محددة فقط، فباستطاعتك أن تستأجره من شخص آخر لا يستخدمه.
قطاع التاكسي في الأردن يخضع للتنظيم وإلى أجور محددة، ولكن على الشخص الذي يرغب بالحصول على الرخصة أن يقوم بشرائها من السوق في ظل عدم منح تراخيص جديدة لسيارات التاكسي حتى وصل سعر رخصة سيارة التاكسي في عمان الى أكثر من 5000 دينار أردني، لذلك فإن دخول شركات التطبيقات وتطبيق نموذج عملها سيلحق الضرر بأصحاب سيارات التاكسي وليس بالسائقين أو الركاب.
في المدن الأميركية الكبرى، وصل سعر رخصة التاكسي فيها إلى ما يقارب من 350000 دولار إلى مليون دولار أميركي، في حين يصل سعرها في باريس الى حوالي 250000، وقد ساعد استخدام هذه التطبيقات على تخفيض سعر رخص سيارات التاكسي في أميركا وأوروبا، خاصة وأن السائقين المستخدمين لهذه التطبيقات لا يحتاجون الى رخصة للدخول الى السوق، وبالتالي فإن الترخيص لم يعد يوفر الحماية من المنافسة.
التعليمات الأخيرة التي صدرت لتنظيم عمل الشركات التي تستخدم التطبيقات ويطالب أصحاب سيارات التاكسي بتطبيقها، في حين أن شركات التطبيقات تعتبرها غير منطقية وغير مقبولة لهم لسبب بسيط، وهو أن التعليمات لا تتلاءم مع نموذج العمل المبنية عليه هذه التطبيقات والمطبق في مختلف مدن العالم.
حاولت التعليمات التي صدرت (أن تمسك العصا من النصف)، فسمحت للشركات بالحصول على التراخيص المطلوبة بدلا من الاستمرار بالعمل بدون غطاء قانوني وفي الوقت نفسه قامت بوضع شروط ومتطلبات تعمل على نسف نموذج العمل الذي تقوم عليه هذه
التطبيقات.
بعد دراسة مستفيضة لهذا الموضوع ولأكثر من عامين، كان من المفروض أن يكون هنالك توجه واضح إما باعتماد هذه التطبيقات ونموذج عملها والذي أصبح منتشرا في مختلف دول العالم كبديل عن منح تراخيص جديدة لسيارات التاكسي اذا كان هنالك حاجة لذلك، أو أن يتم منع هذه التطبيقات والبحث عن بدائل لتطوير خدمة التاكسي وتسهيل الدخول الى السوق، فالعالم يتغير والتقنيات تتغير لتقديم أفضل الخدمات، فلماذا لا يترك السوق للمنافسة والابتكار؟
*الرئيس السابق لهيئة تنظيم النقل البري
-(الغد)