الرئيسيةخاص

# إكريزة _ itech

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

* الدكتور بشار حوامدة

يقضي أبناء ” الذوات” عطلتهم الصيفية – وقبل فتوح المدارس في أمريكا وبريطانيا أو على الأقل في إحدى الدول الاوروبية – يتعلمون لغة ” الطعج بالإنجليزي” في إجتماع يكون فيه كل الحاضرين يا ” دوب يحكو عربي”، ويكسب هؤلاء بالضرورة مجموعة كبيرة من المهارات كمهارات الإتصال بكافة انواعها والتعارف على شعوب وقبائل أخرى …أما نحن فلنا جهات تصييف اخرى…

على أيامي كانت العطلة الصيفية مختلفة نوعا ما، فما أن ننهي اخر امتحان حتى أعدم الكتب وأقوم بالتمثيل بما تبقى من حقيبة المدرسة ماركة ” أديباس” وأهرع للثأر من الفرجار الذي نخزني مرات عديدة مؤلمة تماما كنخزات أمي الصباحية التي توقظني إما للذهاب لهارفرد جبل النصر أو لإحضار فطور من ” كرمز وادي الرمم”!

أهجر كل هذا واذهب الى معشوقتي التي كنت اداري وصلها عن ابي طيلة الفصل الدراسي حتى لا يغضب ويزلزل الارض تحت قدمي، فبيني وبينها قصة عشق لا تنسى حتى يومنا هذا، فحبي لها وبلائي منها ويلومني الناس كثيرا حتى هذه اللحظة واولهم ابي ” ما يضيعك غير هالطابة وجع راس على الفاضي!!”.

ذات صيف قررت ان اضيف هواية جديدة الى جانب كرة القدم، وكنت حينها لم اتجاوز الـ 14 عاما وبتشجيع بسيط من الاهل اشتريت ” سحبة بلالين” وانطلقت في عالم الاعمال نحو سوق العمل.

” أم علي” عيونها مثل الكشافات تناديني لتسحب لابنها بلونا، لعل الرقم 10 يطلع من نصيبها ” البين على حظي الي ما عمره زبط”، هذه كانت كلماتها هي تتمتم وانا أتمم الصفقة.

أصدقاء ” السوق” دلوني – الله يدلهم على الخير – كيف اكشف رقم 10 قبل بدء البيع باستخدام ضوء النيون ولكنني لم احب تلك الحركة … كان لدي ضمير مبكر حينها.

بعد ما ” لفّيت ” بلاد وصار إسمي براند، وجدت أن صينية الكريزة ممكن أن تجني عوائد أرباح افضل، واصبحت سائق صينية محورين، واستمتعت بذلك اكثر حيث وجدت انني اقدم للناس شيء افضل من تجارة البلالين ومفيدة نوعا ما!

من البلالين الى الكريزة، وهذه الخبرة المرّة من بيع الهواء والمطاط الى بيع قطعة حلوى مصبوغة وكان يطاردها الذباب بشدة لولا ذودي عن حماها ومعايير ” الهايجنك” … على شكل مشمع وملاقط!

تطورت الامور حتى ذهبنا يوما انا وصديقي غسان الى سوق الخضار المركزي في الوحدات، وكان غسان اشقرا مثل الشمس، والله خشيت علينا من هوامير السوق المركزي، كنا نركب السرفيس من الساعة الرابعة صباحا في عز البرد حتى نصل ونشتري ” بكس الخيار” من المزارعين لنعيد بيعها للتجار بربح جيد، واذكر انه وفي اليوم الاول عملنا ربحا ممتازا 25 دينار، وهو يعد اكثر من 10 اضعاف ربح صينية الكريزة لمدة شهر كامل، جد كنا ” إمضيعين وقتنا في الككريزة” وربنا فتحها علينا من وساع!

إحدى المرات جاء مشتري لـ 20 بكسة خيار دفعة واحدة، وقال لي ” يا ولد ليش الطمع هناك بتنباع البكسة اقل منكم؟!”، فجاوبته وعلى الفور بان خيارهم هناك اخضر مش مستوي! واحنا افضل، طبعا للاسف اقتنع وابتاع كل ما عندنا!!
ليومنا هذا وانا اضحك على ما قلت، واقتنعت ان ليس كل ” الشرّايين” اذكياء ولا كل البيّاعين صادقين!

كنا نفرح بان ما نملكه هو من تعب الجبين، وتعلمت حينها الكثير من هذه التجارةالبسيطة العظيمة، فالعمل والالتزام والدوام مثل العسكر، تعلمت كل هذا من الحسبة، والامانة والصدق تعلمتها من ضوء النيون، اما قراءة عيون المشتري ونيته الصادقة في البيع فمن عيون أم علي التي كانت تبحث عني كل يوم، من اجل الرقم 10، شو خليتي لـ ” ميس” يا ام علي، وتعلمت ايضا القناعة والرضا من شراكتي مع غسان واهم ما تعلمته هو ان شخصية البياع هي من تخلق الفارق وليس ما تبيعه!

لليوم بتوصلني ” مسجات” : ” يسلموا ايديك على الكريزة 1987″.

تعلمت كثيرا وشاركت في حياتي كثيرا وهرستني الحياة شمالا ويمينا، نجحت في جوانب كثيرة ولي سقطات ايضا كانت عظيمة، ونسيت او ربما تناسيت ان اعلم ابنائي الصيد واختصرت على نفسي وعليهم هذه المهمة الصعبة المعقدة وفضلت ان اشتري لهم سمكا جاهزا، فهل سيفيدهم هذا السمك الوفير في الوقت الذي سيحتاجون فيه لاستخدام صنارة الصيد؟؟!؟

هذه سطور من حكاية تحولي من ” إكريزة” بيزنس الى الـ ” I tech ” بيزنس.

* رئيس هيئة المديرين لجمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات الاردنية ” انتاج”
والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ” ميناايتك” المتخصصة في برمجيات الموارد البشرية
ويشغل حوامدة ايضا موقع نائب رئيس نادي ” الوحدات”
المقالة من كتاب نشره حوامدة مؤخرا حمل اسم ” كرز وبترليمون” تناول باسلوب الكتابة الساخرة يومياته في قطاعات تقنية المعلومات والريادة وفي الرياضة ايضا.

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى