مقالات

“أحلى عُديّ بالعالم”

هاشتاق عربي

ابراهيم جابر ابراهيم

عُديّ الحياري طفل ربما عمره أقل من عشر سنوات، كان نجماً على شاشة التلفزيون في برنامج “يوم جديد” صباح الأربعاء، وهو يتحدث عن تجربته مع مرض السكّري !
كان عدي ضيفاً رشيقاً، وخفيف الظلّ للغاية، وهو يتحدث للمذيعة كيف تصالح مع مرضه، وتعايش معه، وكيف يتعامل مع نوبات السكّر إن ارتفع أو انخفض، وكيف تغلب على حُبّه للحلوى .. بحبّه للحياة !
استضافة عديّ كانت بمناسبة مشاركته في مبادرة “قصتي مع السكري” التي أطلقتها الجمعية الأردنية للعناية بالسكري، لمنح الأطفال المرضى فرصة جديدة من نوعها، ونادرة، للتعبير عن أنفسهم، بكتابة قصة. قصة عن تجربتهم مع المرض وكتابة حكاياهم عمّا يواجهونه ويعيشونه في حياتهم العائلية والمدرسية.
وفتحت الجمعية باب التصويت لأجمل قصة على صفحتها على “فيسبوك” ففاز بها عدي الحياري عن قصّته “أحلى عديّ بالعالم”.
وبعنوان قصته كان الطفل النابه يقصد بـ “أحلى” نسبة السكّر العالية في دمه، لكنه في الحقيقة أيضاً كان أحلى عدي في العالَم .. فقد ظهر وسيماً جداً، على التلفزيون، بقصّة شعره، والبدلة الأنيقة المنتقاة التي تَجهَّز بها ليطلَّ علينا، وليتحدث بثقة لا تتوفر ربما عند طبيب مختص، وهو يقلّل من شأن “الرعب” الذي يشعر به البعض لدى سماع اسم هذا المرض.
وكان مَرحاً خفيف الظلّ جداً وهو يتحدث كيف يناديه إخوته مازحين ليغمس إصبعه في كأس الشاي حين يخلصُ السكّر من البيت !
من متابعتي لبعض القصص التي أسمع عنها، يشعر زملاء عدي، من أطفال مرضى السكّري، بحرج ومعاناة مع بعض الناس، في المؤسسات والمدارس، التي لا تتوفر على ثقافة عامة حول هذا المرض، وكيفية التعامل مع المصابين به، فلا يتفهم المعلمون والمعلمات حاجة هؤلاء الأطفال لشرب الماء باستمرار، أو اضطرارهم للخروج أكثر من مرّة لقضاء حاجاتهم، او احتفاظهم بوجبات خفيفة أو قطعة حلوى للحالات الطارئة، كما لا يتفهمون نعاسهم فجأة او الكسل الذي قد يداهمهم في الحصّة، .. لا يحتاج اطفال السكّري لمدارس خاصة وليسوا من ذوي الاحتياجات، ولا يطلبون دلالاً زائداً، لكنهم بحاجة الى توعية الكادر المدرسي والتعليمي بثقافة عامة عن المرض، وعن أطواره المتبدّلة، وعمّا قد يواجه هؤلاء الأطفال ويتحرَّجون من شرحه !
عدي كان ذكياً في شرح ذلك، وكان مُحبَّباً جداً على الشاشة وهو يستفيض بغاية الطفولة والبراءة، في الحديث عن المرض، وعن تعامله الشخصي معه، وطفل موهوب كهذا يجدر بوزارة التربية أن تستعين به لتنظيم برنامج توعوي تثقيفي لطلبة ومعلمي المدارس، كي يتعلمّ الطرفان كيفية التعامل مع طلبة السكري في الصفوف، أو وضع ركن خاص أو شيء يمكن تسميته “حقيبة السكري” في كل مدرسة، في غرفة المدير، تحتوي على جهاز لقياس السكر وأدوية وقطع حلوى للعلاجات الاولية والطارئة، وتدريب معلم أو أكثر من المدرسة على التعامل مع هذه الحالات.
تستحق الجمعية الأردنية للعناية بالسكري الشكر والتقدير على مبادرتها التي عرَّفتنا بـ “أحلى عديّ في العالَم”، .. وكل تمنيات الشفاء لعدي الحياري، الجميل ورفاقه “أطفال السكري”، فقد بعث بِملاحَة حديثه الطاقة الإيجابية فينا نحن “عجائز السكري” أيضاً.

-الغد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى