مقالات

“المركزي” إذ يواصل رفع أسعار الفوائد

شارك هذا الموضوع:

محمد عاكف الزعبي

مواصلة البنك المركزي تضييق سياسته النقدية لم يكن بالامر المفاجئ ؛ إذ كنت قد توقعت في مقال سابق لي نهاية العام الماضي بأن يقوم البنك برفع أسعار الفائدة على أدواته النقدية عدة مرات خلال العام 2017.
موجبات الرفع كثيرة؛ انخفاض هامش الفائدة بين الدينار وغيره من العملات (تحديدا الدولار والعملات الخليجية)، توجه البنوك المركزية حول العالم الى ضبط سياساتها النقدية، تراجع ودائع القطاع الخاص غير المقيم لدى الجهاز المصرفي، والاهم من ذلك كله توجه بعض المدخرين الى تحويل مدخراتهم من الدينار الى الدولار كما تظهر بيانات البنك المركزي التي تبين ارتفاع الودائع المقومة بالعملة الاجنبية كنسبة من اجمالي الودائع لدى القطاع المصرفي، وسط تراجع في الاحتياطيات الاجنبية.
العوامل السابقة مجتمعة دفعت البنك المركزي الى رفع اسعار الفائدة للمرة الثانية في غضون شهرين، في دلالة واضحة الى تحول اولويات البنك المركزي نحو تعزيز مكانة الدينار.
قرار المركزي حمل دلالة اخرى في غاية الاهمية وهي ان القرار النقدي في المملكة ما يزال، كما عرفناه، مستقلا لا يخضع لحسابات الحكومة ؛ اذ ان رفع اسعار الفوائد في المرحلة الراهنة يتعارض مع توجهات الحكومة.
فمن جهة؛ سوف تتضرر الحكومة من القرار باعتبارها مقترضا يتأثر، كما غيره من المقترضين، سلبا بارتفاع سعر الفائدة.
ومن الجهة الاخرى؛ فإن السياسات الحكومية التقشفية تحتاج الى سياسة نقدية توسعية تخفف من وقع سياساتها على النشاط الاقتصادي.
لكننا وجدنا المركزي يمارس صلاحياته على النحو الذي يقتضيه الاستقرار النقدي بمعزل عن اي حسابات اخرى، وهو امر يسجل له.
قد لا يختلف اثنان على ضرورة رفع اسعار الفوائد، لكنني اعتقد بان المركزي قد كان اكثر اندفاعا من اللازم، ان كان في جانب التوقيت حيث كان باستطاعته تأجيل القرار حتى نهاية الربع الاول، او من حيث المقدار حيث كان يستطيع ان يظهر قدرا اكبر من التدرج، لأن لا يساء تفسير اندفاعه فيؤتي هذا الاندفاع نتائج عكسية.
الايام القادمة سوف تشهد مزيدا من الرفعات باعتقادي، والخاسر الاكبر هو من سيسمح لمخاوف غير مبررة باضاعة فرق الفائدة الذي يمنحه الدينار لحامله، فالدينار الاردني بخير وهو يتكئ على رصيد كبير من الاحتياطيات الاجنبية، قادر على حماية الدينار وامتصاص الصدمات مهما كانت قوية!

-الغد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى