مقالات

ماهي أفضل قناة تسويقية لمشروعي الرقمي الناشئ؟

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

* حاتم كاملى

خلال فترة عمل امتدت لأكثر من 12 سنة في مجال التسويق و المشاريع الرقمية كان أكثر سؤال يمر علي مسامعي هو: ماهي أفضل قناة تسويقية لمشروعي الرقمي ؟ أفضل أعلن عن طريق المشاهير في سناب أو أجرب أعلن عن طريق تويتر ؟

طبعا .. الإجابة كما يعرفني البعض هي ( يعتمد !! ) يعتمد على وضع المشروع ؟ على الجمهور المستهدف ؟ على استراتيجية النمو للمشروع ؟ على خدمات المشروع و القيمة المقترحة ؟ على ميزانية المشروع و ايراداته ؟ على خطة التمركز في السوق المستهدف (Positioning strategy) على هدف استراتيجية التسويق هل هو بناء علامة تجارية لها قيمة و هوية (branding) أم فقط تحقيق أرباح و نمو أم الاثنين معا ؟ على معايير كثير لا نستطيع حصرها

في هذه المقالة سأحاول أن أجيب عن السؤال التاريخي (ماهي أفضل قناة تسويقية لمشروعي الرقمي ) محاولة محفوفة بالمخاطر لمساعدة أصحاب المشاريع الرقمية الواعدة .. لا أقصد هنا تلك الشركات المستقرة القادرة على دفع الملايين مثل شركات الاتصالات و البنوك و غيرها , و لكن أتلكم عن المشاريع الريادية الرقمية التي تبحث عن قنوات للنمو و يطمحون لبناء تجربة واعدة و نموذج عمل لا يعرفون هل سيتغير بعد شهر أم لا ؟ عن أولئك أمثالي الذين يقضون نصف وقتهم في التجربة و التحسين بتكاليف تسويقية محسوبة و نصف وقتهم الآخر في الدعاء لنجاح هذه التجارب

قنوات التسويق الرقمي

كثير ممن في السوق يختزلون كل التسويق الرقمي في الشبكات الاجتماعية و المشاهير , خاصة أصحاب المشاريع الناشئة أو الصغيرة أو حتى المتوسطة , لذلك تجدهم عندما يذهبون لوكالات التسويق الرقمي يركزون على قنوات التواصل الاجتماعي و المشاهير دون وعي أحيانا و دون معرفة حقيقية بالجمهور المستهدف و ملائمة القناة التسويقية للسوق و المنتج , علما أن أدوت التسويق الرقمي و قنواته تصل لأكثر من 3500 قناة و أداة تسويق رقمي في عام 2016 , تدخل فيها أدوات تحسين الظهور في محركات البحث SEO , المدونات , وإعلانات قوقل Google AdWords التي تسيطر على 40% من المصروفات الإعلانية الرقمية تقريبا , إضافة لقنوات التسويق عبر الايميل , و قنوات التسويق عبر تطبيقات الجوال , و التسويق بالمحتوى و التسويق بالعمولة و تحسين صفحات الهبوط Landing Page و تقنيات التسويق عبر أتمتة و تخصيص المحتوى و المواقع الرقمية Personalization ,, وهذا التنوع الهائل يعطي مساحة كبيرة للمختصين لتجربة هذه المنصات و الأدوات لقياس فعاليتها و استخدامها للحصول على عملاء و تحقيق الأهداف التسويقية للشركات . و لكن هل يجب علي كصاحب مشروع رقمي ناشئ أن أستخدم كل هذه المنصات ؟

هنا يبدأ الحوار و النقاش المعتاد

( يا عمي أنت فاضي , خليني نشوف المشهورة xxx تعلن لنا و خلاص J L )
أوووووه ( المشكلة أنهم فاهمين التسويق غلط ,, يعتقدوا أن التسويق هو فقط إعلان .. تعرفوا أن بعض الشركات الريادية في السعودية تحقق أرباح رهيبة بدون التركيز على الإعلان ,, فقط عن طريق المحتوى و التدوين و تحسين علاقات العملاء … الخ )
هذا الجدل البيزنطي الذي يختزل كل التسويق في اعلان فقط ,, هذا الجدل الذي يزداد خاصة في المشاريع الرقمية الناشئة التي تطمح للنمو و تشتكي من قلة النمو و المستثمرين و تبحث دائما عن حلول سهلة ,,

التسويق الرشيق

الذين يعملون في تطوير و تسويق و بناء المشاريع الريادية و بالتحديد في المجال الرقمي يعرفون تماما أنه قد تمر أشهر دون معرفة ماهي الميزانية التسويقية المقترحة أو ماهي القناة التسويقية الفعالة أو ماهو نموذج التسويق المناسب .. و الأكثر من ذلك انك ربما لا تعرف ما هو نموذج العمل المثبت والمناسب للمرحلة القادمة و هل سيستمر المشروع في النمو أم لأ ؟ هل ستحقق أرباح أم لأ ؟ أسئلة كثيرة تدور في عقول رواد الأعمال و مدراء التسويق لهذه المشاريع

أكثر ما يميز المشاريع الريادية الرقمية هي المرونة وسرعة التحسين و الاختبار و التجربة , إمكانية التعديل السريع , بعيدا عن بيروقراطية و سياسات الشركات الكبيرة التي تخضع لنماذج عمل واضحة و أهداف استراتيجية واضحة عكس المشاريع الريادية التي تتميز بالمرونة , هذه المرونة هي التي تساعدها على النمو و تجربة نماذج عمل قابلة للنمو و الاستدامة أو كما يسميها Eric Ries مؤسس منهجية Lean Startups “بأنها المشاريع التي تستمر بالبحث عن نموذج عمل مختلف و قابل للنمو و الاستدامة” ,, هذه المرونة لا تنحصر فقط في كيفية بناء المشروع و مراحل المشروع سواء في مرحلة البحث عن حل لمشكلة و بناء النموذج الأولي و إختبار السوق وكل الخطوات التي يمارسها رواد الأعمال و لا تقتصر أيضا على التطوير البرمجي و إدارة المشاريع وفق منهجيات مرنة مثل Agile و إدارة فرق العمل و لكن تتجاوز ذلك لتمتد إلى قياس ملائمة السوق مع القنوات التسويقية المناسبة و ملائمة المنتج للقنوات التسويقية المناسبة أو ما نسميه Product / Channels Fit ولهذا تم تطوير منهجية تسويقية قد تكون أكثر ملائمة للمشاريع الناشئة خاصة في المجال الرقمي و هي التسويق المرن أو الرشيق Lean Marketing و الذي يتوائم بشكل كبير مع مراحل المشاريع الناشئة

وتركز هذه المنهجية على تجربة عدد من قنوات التسويق في كل مرحلة للمشروع مع وضع مؤشرات لقياس النمو و الاستحواذ على العملاء من كل قناة .. ذات المنهجية تستخدم في استراتيجية هاكر النمو أو النمو المتسارع Growth Hacking بحيث يتم وضع إطار للقنوات التسويقية على ثلاث مراحل

المرحلة الأولى هي مرحلة الحصول على زوار و مستخدمين و استمتاعهم بالتجربة أو تحولهم لعملاء(Get Customers)
وهذه المرحلة لها خطوتين , الخطوة الأولى متعلقة بالحصول على زوار ( Acquisition ) و الخطوة الثانية تتعلق بتحويل الزوار إلى مستخدمين ( Activation )

الاستحواذ أو إكتساب الزوار (Acquisition ) وهي مرحلة قريبة مما نسميه في رحلة العميل في قنوات التسويق التقليدية : الوعي و الاهتمام و الرغبة (Awareness, Consideration, Intent)
وتركز هذه المرحلة على كيفية جذب زوار للموقع أو للتطبيق من قنوات رقمية متعددة مثل محركات البحث و قنوات التواصل الاجتماعي و المشاهير و العلاقات العامة الرقمية و الإعلانات المدفوعة و وضع مؤشرات رئيسية لقياس هذه القنوات بناء على مرحلة المشروع ..

التفعيل و تحويل العملاء (Activation) وهي مرحلة تتعلق بتحول زوار الموقع إلى عملاء و مشترين للخدمة أو للمنتج و استخدامهم للخدمة و ممكن استخدام التسويق بالمحتوى في هذه المرحلة إضافة إلى صفحات الهبوط (Landing Page ) الاختبارات التجريبية A/B testing
ومن المهم في هذه المرحلة المتعلقة بالحصول على العملاء ووضع مؤشرات رئيسية لقياس التالي

معدل الزيارات من كل قناة وتكلفة الزيارات من كل قناة CPC – Cost Per Click
ومعدل النمو لكل قناة و هذا مؤشر مهم جدا خاصة للمشاريع الناشئة
معدل تحول الزوار إلى عملاء من كل قناة (Conversion Rate per channel) فقد تجد أن مثلا أن معظم زوار موقعهم هم من تويتر مثلا ولكن أكثر العملاء المسجلين في الخدمة هم من انستقرام مثلا أو من محركات البحث أو من مواقع لديها روابط تؤدي لموقع referral
تكلفة العميل أو المستخدم من كل قناة : أيضا قد تجد أن تكلفة العملاء من تويتر أقل من تكلفة العملاء من إعلانات قوقل أو العكس وهذا مؤشر مهم جدا جدا يجب وضعه

هذه المؤشرات ليست كل المؤشرات قد تختلف باختلاف مراحل المشروع أو باختلاف استراتيجية النمو للمشروع و لكن يجب وضع المؤشرات لقياس فاعلية كل قناة تسويقية و مقارنة تكلفة كل قناة مع معدل الايراد من كل قناة تسويقية أيضا

شركة DropBox مثلا كانوا يستخدمون الإعلانات المدفوعة بشكل كبير جدا و لكن بعد فترة وجدوا أن تكلفة العملاء القادمين من هذه الإعلانات يتراوح بين 233 – 388 دولار علما أن معدل سعر الاشتراك وقتها كان 99 دولار .. بمعنى أن تكلفة العميل أكبر من الايراد من العميل وهذا هو المؤشر الأهم بالنسبة لهم لإختيار القناة التسويقية و الاستراتيجية التسويقية المناسبة وبعد تجربة طويلة وجدوا أن أكثر قناة تسويقية مناسبة لهم من حيث النمو و التكلفة هي الانتشار عبر الأصدقاء و الدعوات و محركات البحث Referral / Viral / WOM / SEO و عملوا تجربة وصلت لأكثر من 2 مليون ونصف دعوة عبر الأصدقاء خلال شهر واحد فقط هذه التجربة ساهمت في رفع معدل المشتركين من 100 الف في نهاية 2008 إلى 4 مليون في بداية 2010 و هو رقم فلكي جدا

المرحلة الثانية هي مرحلة الحفاظ على العملاء (Keep Customers) أو ما نطلق عليه Customer Retention Strategy و هي مهمة جدا ولعل أهم قنوات التسويق في هذه المرحلة هي الايميلات التي يهملها الكثير من رواد الأعمال إضافة لتنبيهات التطبيقات و الخصومات للعملاء الحالين الموجودين في قاعدة البيانات و برامج الولاء و توفير أولوية في المزايا الجديدة للمنتج للعملاء الحالين و المدونات , إضافة لتقنيات إعادة الاستهداف Retargeting , طبعا كل هذه القنوات لا يمكن أن تنجح في المحافظة على العملاء دون توفر نظام CRM يساهم في تحسين و إدارة العملاء و المحافظة عليهم
أيضا في هذه المرحلة يجب وضع مؤشرات قياس رئيسية لقياس كل قناة تسويقية وكل اجراء يساهم في المحافظة على العملاء الحاليين , لعل أبرزها

معدل عودة العملاء Retention rate
معدل الغاء العملاء للاشتراك في الخدمة أو الغاء تحميل التطبيق Churn Rate
معدل الشراء من العملاء الحاليين من كل قناة تسويقية
المرحلة الثالثة هي مرحلة النمو (Grow Customers) عبر الحصول على إيرادات أكبر من العملاء الحالين أو عملاء آخرين عبر العملاء الحاليين , هذه المرحلة مهمة جدا خاصة بعد الانتهاء من معرفة مدى ملائمة المنتج للسوق المستهدف و التحقق من قدرة نموذج العمل على النمو Scalability .. و يتم التركيز في هذه المرحلة على نقطتين
التركيز على نمو المستخدمين من خلال برامج Referral عبر مستخدمين آخرين عن طريق مثلا حصول المستخدمين الحالين على خصم 25% عند دعوتهم لعدد معين من الأشخاص الجدد للإشتراك في الخدمة كما تعمل شركة أوبر أو كريم من خلال تحفيز المشتركين الحاليين لدعوة آخرين و التركيز على نمو المستخدمين و ذلك عبر ارسال تنبيه على التطبيق بكود خصم معين أو نقاط معينة يستطيع استخدامها أو ارسالها لأخرين .. و يتم وضع مؤشرات أيضا لذلك مثل : معدل الدعوات التي تم ارسالها (Invites) , معدل الايراد من برامج الدعوات Revenue Per Referral
التركيز على رفع الإيرادات Revenue عبر المستخدمين الحاليين أو المستخدمين الجدد , عن طريق مثلا حصول المستخدمين الحاليين على خصم 10% عند تجديد اشتراكهم أو إعطاء باقة مجانية للعملاء الجدد لتحفيزهم على الاشتراك المدفوع كما فعلت شركة Mail Chaimp المختصة في حلول التسويق بالايميل حيث واجهت مشكلة في رفع معدل الايراد من العملاء الحالين (APRU) في الباقات المدفوعة فقاموا بتوفير باقة مجانية محدودة الاستخدام لتحفيز المستخدمين الجدد على الاشتراك في الباقات المدفوعة (Freemium Model ) وخلال سنة من هذه التجربة زاد معدل الايراد في الباقات المدفوعة لأكثر من 650% وهي نسبة كبيرة جدا .. في هذه الخطوة يجب وضع مؤشرات أيضا لقياسها تختلف باختلاف نموذج العمل لكن لعل أهمها :
معدل الايراد من كل عميل ARPU
مجموع الإيرادات من العميل طوال فترة استخدامه للخدمة CLTV
أكثر قناة تساهم في تحسين CLTV

طبعا ستختلف القنوات التسويقية و المؤشرات باختلاف نموذج العمل للمشروع الناشئ فمثلا التطبيقات تختلف بشكل كبير عن المتاجر الالكترونية التي تختلف هي أيضا عن منصات المحتوى كمواقع الاخبار و غيرها و أيضا المشاريع التي تعتمد على نظام الاشتراك في عملها مثل لوسيديا أو منصات التعليم المفتوح التي تعتمد على طرفين مثل منصة رواق , ولكن الأهم أن يتم وضع مؤشرات تناسب كل قناة تسويقية و تناسب السوق المستهدف و تناسب مرحلة المشروع .. وتجربة هذه القنوات وقياسها بشكل مستمر ووضع أداوت للتحليل تساعد أصحاب المشاريع في قياس و تحسين الأداء التسويقي و مراقبة كافة الأنشطة التسويقية مثل أدوات تحليل قوقل Google Analytics أو Mix Panel أو غيرها من منصات التحليل , إضافة لبناء نظام واضح و مبسط لإدارة علاقات العملاء CRM يساعد في تقليل التكاليف التسويقية و رفع أداء كل قناة تسويقية

هذه الأدوات ستساهم في تقليل المصاريف التسويقية فمن خلال تجربة طويلة امتدت لأكثر من 30 مشروع رقمي سواء في مشاريع ناشئة أو حتى شركات عالمية , إضافة لعملي القريب من مشاريع كثيرة جدا خلال السنوات الماضية وجدت أن النجاح في تحسين الأداء التسويقي لا يخضع بشكل كبير للصرف الإعلاني ولكن يخضع لمعايير كثيرة أهمها جودة الصرف الإعلاني و التسويقي , بعض المنصات التي عملنا عليها لم يتم صرف مبالغ إعلانية مباشرة عليها طوال 5 سنوات و حققت نتائج رهيبة في السوق المحلي ووصل تكلفة الحصول على عميل CAC أقل من نصف ريال و معدل الايراد المستمر من العميل CLTV أكثر من 21 ريال , وفي مشاريع أخرى تم وصلت تكلفة الحصول على عميل CAC أكثر من 80 ريال و معدل الايراد المستمر من العميل أقل من 100 ريال ..

مشاريع أخرى تم التركيز فيها على المشاهير و حققت نتائج كبيرة جدا و مشاريع آخرى لم يفيدها المشاهير و لكن استفادت مثلا من محركات البحث أو من التسويق بالعمولة Affiliate Marketing ,, كل هذا يخضع للتجربة و التحسين و هذا ما يميز المشاريع الناشئة , القدرة على التجربة والقياس والتحسين السريع كما ذكرت في بداية هذه المقالة.

” عالم التقنية”

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى