مقالات

الشراكة الحقيقية

هاشتاق عربي

د. خالد واصف الوزني

من الواضح أننا أمام أوضاع اقتصادية ذات تحديات تستوجب الوقوف والتفكير بهدوء بشأن السبل الناجعة للخروج من أزمة عدم تحرك عجلة الاقتصاد الوطني الى الأمام بالشكل المأمول. بل إن الأوضاع وصلت إلى أن استفتاء بُثت نتائجه على إحدى القنوات الفضائية الوطنية، أشار الى أن العديد من الاستثمارات تتمنى لو أن لها الخيار في الرحيل، إذ لرحلت إلى دولة أخرى، وأن الكثير منها يفضل أن يتوسع خارج البلاد. كما أن العديد من الشباب يتمنى لو بدأ مشروعا جديدا خارج البلاد. وبالطبع، تحتل دولة الإمارات العربية المتحدة، وخاصة دبي، رأس قائمة المناطق التي يتمنى الشباب اللجوء إليها كموئل لبدء مشروعه، ناهيك عن أن العديد من المشاريع الصناعية بل والخدمية القائمة تتمنى لو أنها تُعيد انتشارها خارج البلاد.

والمعطيات السابقة تدل على أمرين أساسيين لا بد من الوقوف عليهما. الأول، أن المناخ الاقتصادي العام بات أكثر دفعا إلى الخارج منه إلى تحفيز البقاء أو الاستقطاب، سواء أكان ذلك للمستثمر المحلي أو الخارجي، أو حتى للرياديين الشباب. وقد انتظم ذلك مع ما تشهده الساحة الاقتصادية المحلية اليوم من سخطٍ عامٍ على الاستمرار في سياسات انكماشيةٍ بدأت منذ نحو أربع سنوات بدواعي الإصلاح الاقتصادي وجسر الفجوات وإنهاء التشوهات الاقتصادية، واستمرت اليوم بداعي الحاجة الى إيرادات إضافية لسد العجز المالي.

وفي خضم محاولة الإقناع بضرورة اللجوء إلى تلك السياسات بشتى الوسائل، تناسينا عن قصد أنه بالقدر الذي يتحتمُ فيه سد العجز المالي، فإن الوضع الاقتصادي العام يحتاج إلى وقفة أيضا، وإلى تشارك تام وتحاور حقيقي مع أصحاب العلاقة في القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني. بل ونحتاج إلى حوار مهمٍ ومُستحقٍ مع عنصر الشباب من الجنسين، للسماع لآرائهم حول الحلول الممكنة.

نحن بحاجة حقيقية إلى ملتقى اقتصادي اجتماعي يتحاور فيه القطاع الخاص مع القطاع العام والحكومة حول سبل الخروج من الأزمة. والأهم أن تُخصص فيه جلسات حقيقية للشباب الرياديين، وهم كُثُر، برز بعضهم في الأردن وتم تكريم بعضهم الآخر في دبي على إنجازاتهم الريادية.

لم يعد بالإمكان الاستمرار في اللجوء الى مسكنات وحلول جزئية هدفها جمع المال من الجيوب لتسكين العجز المالي حتى نهاية العام. لا بد من ملتقى تنتج عنه لجنة إنقاذ اقتصادي وطني تعمل على مدار العام للوصول إلى تصور للحلول الواقعية في المحاور الأساسية في الاقتصاد الوطني، وهي: كيفية الخروج من الوضع المالي الحالي في البلاد، وتحسين البيئة الاستثمارية، وتحفيز وتنشيط المشاريع الصغيرة المتوسطة، ودعم مشاريع تشغيل الشباب، والمشاريع الصناعية، ومساهمة المرأة في الاقتصاد الوطني. ولا بد هنا من التعهد بأن مخرجات اللجنة ستلقى اهتماما خاصا من قبل الحكومة.

كما لا بد من التوقف عن اتخاذ أي إجراءات جديدة في مجال السياسة المالية، وخاصة ما يتعلق بزيادة الضرائب والرسوم، حتى يضع الملتقى توصياته في مجال المطلوب عمله اليوم للخروج من الأزمة الآنية.

بقي القول بأهمية مشاركة أكبر قدر من المختصين والخبراء من القطاعين الخاص والعام، ومن الجامعات والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى، وخاصة الجمعيات المتخصصة، للوصول إلى حلول واقعية موضوعية. كما يمكن دعوة خبراء من المؤسسات الدولية للسماع لآرائهم من جهة، ولضرورة سماعهم للحوار الداخلي والتوصيات الوطنية فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية القائمة، من جهة أخرى.

-الغد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى