هاشتاق عربي
* محمد عاكف الزعبي
تشير الأرقام الصادرة عن دائرة الاحصاءات العامة إلى تراجع معدلات التضخم إلى ما دون الصفر المئوي خلال العام 2016. المنتمون للطبقة الوسطى، وتحديدا الفئات العليا منها، يشعرون بالارتياب ازاء الارقام الرسمية، ولسان حالهم يقول: اذا كان التضخم سالبا فلماذا لم نشعر بانخفاض الأسعار؟
تساؤلات الطبقة الوسطى مشروعة، لكنها لا تعني بان الأرقام الرسمية ليست دقيقة. فمعدلات التضخم تعبر عن معدل التغير السنوي في القيمة السوقية لسلة البضائع الاستهلاكية، التي توزِّن السلع والخدمات على النحو الذي يعكس البنية الاستهلاكية للأسرة النمطية.
أي أن من يشعر بمعدل التضخم كما يصدر عن المؤسسة الرسمية، سواء أكان هذا التضخم موجبا ام سالبا، هي العائلة النمطية (Average Family) وليس الطبقة الوسطى. اما شكوى الطبقة الوسطى في الأردن من عدم شعورها بانخفاض الأسعار، فمؤشر واضح على ان الأسر المنتمية للطبقة الوسطى ليست أسرا نمطية.
وبالنظر إلى سلة المستهلكين التي تعتمدها دائرة الاحصاءات العامة في احتساب معدل التضخم، نصل إلى ذات الاستنتاج. حيث نجد بأن الأهمية النسبية للبضائع المكونة لتلك السلة، لا تنسجم مع الانماط الاستهلاكية والقدرات الشرائية للطبقة الوسطى. فاذا اخذنا بند التعليم على سبيل المثال، وجدنا بأن حصته داخل سلة المستهلك لا تتجاوز 5.5 %، وهي نسبة منخفضة لا تعكس ابدا الوزن الحقيقي لانفاق الطبقة الوسطى على التعليم.
الدليل على ذلك أن الغالبية العظمى من مرتادي المدارس الخاصة هم من الطبقة الوسطى. فاذا كان معدل القسط السنوي للطالب في تلك المدارس هو 2500 دينار، وكان التعليم يشكل 5.5 % فقط من اجمالي انفاق الأسرة بحسب سلة المستهلكين، فان ذلك يعني بان دخل الأسرة التي يرتاد فردان منها المدارس الخاصة في الأردن يجب ان لايقل عن 100 الف دينار في السنة، أي حوالي 9 آلاف دينار في الشهر، ولو كان الامر كذلك لفرغت المدارس الخاصة من طلابها!! فكم هو عدد الأسر التي تجني هذا المبلغ الكبير؟
كذلك الامر بالنسبة للسكن، حيث تشكل الايجارات ما نسبته 15 % من سلة المستهلك في الأردن، وهي نسبة متدنية، بحسب ملاحظة الكاتب التي لا تستند إلى اساس علمي، بالقياس مع ما تنفقه عائلات الطبقة الوسطى على الايجارات أو القروض السكنية.
الارقام الرسمية التي تتحدث عن تضخم سالب صحيحة باعتقادي. كما ان شكوى الطبقة الوسطى من ارتفاع الأسعار محقة ايضا.
هذه المفارقة ليست محيرة كما يبدو الامر، وتفسيرها بسيط وهو راجع إلى أن الأسر المنتمية إلى الطبقة الوسطى ليست الأسر النمطية التي على اساس انماطها الاستهلاكية يتم احتساب التضخم.
* صحيفة الغد الأردنية