مقالات

نمو سالب!!

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي- محمد عاكف الزعبي – لم تكن أرقام النمو الاقتصادي للربع الثالث من العام الماضي التي أظهرت نمو الاقتصاد بنسبة 1.8 % مفاجئة، فالطريق كانت ممهدة عبر مجموعة من المؤشرات مثل معدل البطالة الذي اقترب كثيرا من مستوى 16 % وأرقام التجارة الخارجية التي أظهرت تراجعا في الصادرات والمستوردات على حد سواء.
في ظاهرها، تعكس الأرقام نموا موجبا اعتبره البعض إنجازا في ضوء الظروف السياسية والأمنية التي تحيط بالمملكة.
لكن في حقيقة الأمر، الأرقام تخفي وراءها نموا سالبا! فإذا ما قارنا معدل النمو الاقتصادي بالمعدل الطبيعي للنمو السكاني 2.1 %، يظهر أن الاقتصاد ينمو بوتيرة أقل من النمو السكاني، ما يعني انكماشا؛ نموا سالبا؛ في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي تراجعا في المستوى المعيشي للمواطن وتآكلا في القوة الشرائية لديه.
ثمة بعد آخر يجب الالتفات إليه، عند تقييم معدلات النمو الاقتصادي، وهو أسعار الفائدة الحقيقية التي تمثل أسعار الفائدة الاسمية (المعلنة) مخصوما منها التضخم.
فإذا زادت أسعار الفائدة الحقيقية على معدل النمو الاقتصادي، يعني ذلك أن تكلفة الاقتراض تزيد على النمو المتوقع في مبيعات الشركات، وهو ما يعني تراجعا في ربحية الشركات وارتفاعا في نسب تعثرها.
وإذا نظرنا الى أسعار الفوائد في السوق، كما تظهرها بيانات البنك المركزي، نجد أنها تزيد كثيرا، بعد طرح التضخم الأساسي، على معدل النمو الاقتصادي. وهو ما يعني أننا سنكون أمام قطاع خاص أقل رغبة بالاقتراض والتوسع وأكثر عرضة للتعثر.
المشكلة أن الأفق يؤشر الى مزيد من التراجع في معدلات النمو الاقتصادي، هذا العام سوف يحمل ضرائب إضافية بقيمة 450 مليون دينار، والبنك المركزي سوف يكون أكثر تشددا في سياساته النقدية، والنمو المدفوع بالطلب الناشئ عن اللجوء السوري قد وصل الى نهايته، والمتابع لتوصيات صندوق النقد الدولي يعلم أننا في العام الحالي سنكون بمواجهة قانون جديد لضريبة الدخل عنوانه الأبرز: تخفيض سقف الإعفاء على الأفراد.
لا شك أننا أمام ظرف اقتصادي استثنائي، وأن الإجراءات التقليدية لن تكون كافية لإخراج الاقتصاد من حالة التباطؤ التي تقيد مفاصله منذ 5 سنوات، لذا فعلى صانع القرار الاقتصادي أن يكون مبدعا في اجتراح حلول استثنائية لظرف استثنائي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى