مقالات

إلكترون

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي

* الدكتور بشار حوامدة

لطالما قالت لي جدتي عن جيلنا جيل دَعدع، “جيل دَعدع تحاكيه ما يسمع، تدزه ما يَرجع.. يأكل ما بيشبع”، فقلت في نفسي بأنها من جيل قديم وربما مُتحاملة نوعاً ما على جيلنا المُقبل على الحياة ومضت السنين وجاء جيل أجدع من دعدع!
جيل الديجيتال، وبقي جيلنا نحن تائهاً حيران بين جيلين… جيل السمن البلدي والجميد والرشوف، جيل الأخلاق والنبل والخجل، جيل العمل، جيل أمهاتنا اللواتي احترفن رثي الحال والملابس معاً على ماكينة الخياطة والتطريز، وما بين جيل آخر من زمن وعالم مختلف جيل الدولار والـ 4 * 4، جيل الـ بي أس 4، جيل مشعوط فيه سلك “التنجستون”، يحتاج لبَلانس كل 400 كيلومتر مشي، جيل “فخم” و “بيعئد” جيل الله يحمينا منه جيل الـ Cheese Burger without Cheese!
وقلت في نفسي What’s next….؟
تخطينا الفضاء للقمر، سيارات كهربائية وبعدها برمائية، روبوت يُساعد في كل شيء، طبياً فعلنا الهوايل، حتى تدمير البلدان أصبح بكبسة زر وإعادة الإعمار بكبستين!
وهنا خطر ببالي حقيقة أن كل شي تتخيله ممكن أن يُصبح حقيقة ذات يوم، فتخيلت عام 2040 على النحو الآتي:
في الصباح الباكر نستيقظ ونختار كبسولة الطعام التي نُحب، فهذه كبسولة حمراء لمحبي اللحوم وتلك خضراء للنباتيين؛ حيث تحتوي هذه الكبسولة على ما يحتاجه الجسم من غذاء ليوم كامل (غذاء – سوائل – كافيين – دواء)، فلا يوجد داعي بعدها لشراء اللحوم والخضروات والفواكه وغيرها، فكبسولة واحدة تكفي، وتخيل حينها وأنت تقف على الإشارة الإلكترونية بإتجاه الفضاء أن شخصاً يطلب منك مساعدة.. ويقول لك: “والله من شهر ما دخل على ولادي الكبسولة”!
لا سيارات ولا طُرُقات حينها، سيكون هناك بنية تحتية تصل كل الأماكن محلياً وعالمياً وما عليك إلا أن تُؤشر على كف يديك أين ستذهب وسيتم ذلك بسرعة على المسارات الإلكترونية التابعة للدولة وأتخيل اسمها أنذاك هيئة المسارات الإلكترونية السريعة.. فالأماكن كلها “موصولة لك”!
الموضة والأزياء مختلفة تماماً.. فأنت تتحكم بلون القميص والربطة والقياس من خلال لوحة إلكترونية تحتوي على أزرار مثل (تغيير لون – تغيير مقاس – تنظيف آلي – كوي – إلخ…)، وأما عن صبغات الشعر فستكون على شكل أقراص تتعاطاها السيدات قبل الذهاب للعمل، فلصبغ الشعر باللون الأخضر ما عليكِ إلا تناول قرص كلوروفيل، وللأحمر قرص “توميتو” وقرص عباد الشمس للشعر المنكوش، وقرص نعنع للشعر الهادي.. يا هادي!
سيتوحد الناس مع أسلاكهم كبسولاتهم كفوف أيديهم الإلكترونية، وسيُصبح الكلام قليلاً وستصبح الغمزة مرتين بدل من الـ “دبل كليك”، ورفع الحواجب لتكبير الصورة، أو حجم الخط وهزة الرأس بدل “ريفرش”.. والتنهيدة الطويلة لعمل تخزين للملفات.. سترى العائلة في مكان واحد ولكن تأثيرهم في مكان وجو آخر بعيداً تماماً!
ربما بحلولنا الإلكترونية وأفكارنا، التي تخطت الغيوم قد نرى بيئة نوعاً ما أنظف فلا ديزل ولا مازوت ولا قمامة ولا رائحة دخان ولا زيوت ولا نفايات عديمة، ولكن أتوقع حينها أن كل هذه النفايات والأمراض ستنمو بداخلنا؛ حينها سنكون مثل الجهاز الآلي الذي يفعل لك كل شيء.. ولا تضطر لشكره ولا هو مضطر أن يشعر بك.. إنها أتمتة الحياة !
وأتوقع حينها وبرغم هذا التطور الكبير الذي ينقلك من بلدٍ لبلد في وقت أقصاه 10 دقائق.. سنظل محتاجين في دولنا العربية لأسبوعين قبل السفر للحصول على فيزاوسنضطر أن نهبط عن إرتفاع 9000 قدم لعمل بصمة يدوية، وستقول بينك وبين نفسك: “يا عمار على أيام الحدود والطيارات”! وستنتظر في دور طويل لختم الجواز الذي سيبقى وبرغم التطور الوسيلة الوحيدة التي سيتعامل بها أخواننا العرب للتمييز بينك وبين الأجنبي!

عُمر الشَقي بقي ..وعُمر التخلف أبقى ….
وهكذا ستمضي بنا السُّبل من أيام فرعون لأيام الإلكترون!

* رئيس هيئة المديرين لجمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات الاردنية ” انتاج
والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ” ميناايتك” المتخصصة في برمجيات الموارد البشرية
ويشغل حوامدة ايضا موقع نائب رئيس نادي ” الوحدات.
والمقالة من كتاب نشره حوامدة مؤخرا حمل اسم ” كرز وبترليمون” تناول باسلوب الكتابة الساخرة يومياته في قطاعات تقنية المعلومات والريادة وفي الرياضة ايضا

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى