مقالات

رؤى حمو: بطلة من الأردن

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي- موفق ملكاوي- بأعوامها الثمانية، ووجهها الطفولي، وقفت بكل ثقة فوق منصة التتويج في دبي، بعد أن انتزعت المرتبة الثانية في مسابقة تحدي القراءة العربي في دورته الأولى، وهو مشروع ضمن مبادرات حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
إنها الطفلة الأردنية رؤى حمو، من المدرسة الأهلية للبنات، التي تفوقت في أحد أهم الميادين التي يتوجب أن نوجه أبناءنا نحوها، وهو ميدان القراءة والاطلاع والمعرفة.
المنافسة، بلا شك، كانت صعبة. غير أن رؤى انتزعت المرتبة الثانية عن استحقاق واقتدار، لتُدخل الفرحة إلى قلوب الذين تابعوا مراحل المنافسة المحتدمة. وهي فرحة لا تقل عن تلك التي غمرتنا حين تابعنا تتويج البطل أحمد أبو غوش بعد حصوله على أول ميدالية للأردن في تاريخ المشاركات الأولمبية.
ورغم الورود الكثيرة التي أحاطت بالفائزة الصغيرة هي وزملاؤها فوق منصة التتويج، إلا أن طريق الفوز لم تكن معبدة، فقد كان لزاما عليها أن تتنافس في مسابقة عربية ضخمة، اشترك فيها 3.5 ملايين طالب وطالبة من 30 ألف مدرسة عربية، قرأوا فيها حوالي 150 مليون كتاب.
رؤى، بلا شك، بطلة من نوع مميز، استطاعت أن تخصص من حياتها وقتا طويلا للقراءة، وانتهت إلى فوز كبير ساطع ومشرف. لكن هناك أيضا بطل آخر لا بد أن يكون محور حديثنا، وهو المسابقة التي تحاول أن تعيد الاعتبار لعادة القراءة في البلاد العربية، وهي بلاد يعيش سكانها في فقر معرفي حقيقي، كما تخبرنا الأرقام.
تقرير التنمية البشرية الصادر عن مؤسسة الفكر العربي في العام 2011، يبين أن العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنوياً، في مقابل معدّل 200 ساعة سنويا للشخص الأوروبي، ما أسهم في إيجاد هوة ثقافية واسعة بين العربي والأوروبي.
أما في مجال الطباعة والنشر، فيبين التقرير أن العالم العربي ينتج 5 آلاف عنوان سنويا على أكثر تقدير، في مقابل 300 ألف عنوان في الولايات المتحدة وحدها. ورغم قلة عدد العناوين، فإنها ليست الحقيقة المفجعة الوحيدة، فمعظم الكتب في العالم العربي تطبع ألف نسخة كحد أعلى، في مقابل 50 ألف نسخة للعنوان الواحد في الغرب.
هذا الواقع المؤلم، قد تنفع مسابقة “تحدي القراءة العربي”، وغيرها من المبادرات المشابهة، في أن تقلل من فجائعيته، فتسهم في إعادة الاعتبار لعادة القراءة، في عصر يروّج فيه لموت الكتاب الورقي والقراءة الكلاسيكية، إضافة إلى صنوف عديدة من الإلهاء تأتي من باب الترفيه غير المفيد.
لكن المسألة المهمة التي ينبغي أن يعيها صاحب القرار في العالم العربي، هي أن تدني نسب القراءة لدينا، وتردي صناعة الكتاب، وعدم وجود سوق حقيقية له، تأتي من حقيقة ارتفاع نسب الأمية والفقر، وهي المعدلات التي، بدلا من أن تتراجع، ازدادت شراسة، خصوصا خلال العقد الحالي الذي شهد حروبا وصراعات وموجات نزوح ولجوء كبيرة من الدول العربية.
لكن، وفي ظل الظروف المفروضة علينا حاليا، لا بد أن نرفع قبعاتنا احتراما لهذه المبادرة والقائمين عليها، وندعو المؤسسات الأخرى إلى تأسيس مبادرات شبيهة بها، لعلها تثمر في جر وعي المواطن العربي إلى أهمية القراءة في بناء مجتمع المعرفة. وهو المجتمع الذي سيسهم في حل العديد من المشكلات، وعلى رأسها الفقر والبطالة.
الغد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى