شبكات اجتماعية

الهروب من الواقع يدفع شبابا للاهتمام بمحتوى سطحي بمواقع التواصل

هاشتاق عربي- أخبار كثيرة ومتسارعة تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الإخبارية، تلفت أنظار الشباب الذين يسارعون إلى مشاركتها، وأخذ حيز كبير من اهتماماتهم، على الرغم من أن كثيرا من تلك الأخبار قد تكون “ليست ذات قيمة”.
وتعلق نانسي أحمد على ذلك بالقول إنها كغيرها من الشباب والفتيات لديها اهتمامات كثيرة، ولا تقتصر على المواضيع السياسية أو الاقتصادية أو بما يدور في العالم من أحداث، لذلك تقوم بمتابعة الكثير من الأخبار بغض النظر عن طبيعتها، ولا يمكن تسميتها بالأخبار “السطحية”؛ إذ إن لكل مجال أحدا يهتم فيه، والدليل أن نسبة كبيرة من الشباب في فترة عمرية معينة يفضلون الأخبار المنوعة البعيدة عن التخبط السياسي الذي يدور في العالم.
وتقول نانسي إنها تشارك بالكثير من المجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تتنوع في أخبارها، منها ما يهتم بالمواضيع الوطنية، وأخرى خاصة بالمرأة، وأخرى في مجال متابعة الأخبار الفنية، والتي تجد فيها نوعاً من التسلية فقط. وتبين أن الشباب ليسوا فارغين بل متابعون بشكل كامل وواع لما يدور حولهم، والدليل تفاعلهم من الأحداث اليومية حتى وإن كان على مواقع التواصل الاجتماعي فقط.
وتوافقها في الرأي أماني سعد التي تقول إن الشباب في العالم العربي وفي الأردن على وجه التحديد يتفاعلون كثيراً مع الأحداث اليومية، غير أن هناك نسبة من الشباب أو الفتيات يتركز اهتمامهم على مواضيع فعلياً “غير نافعة”، ولا تعود على المجتمع بفائدة ولو بسيطة في العالم الافتراضي فقط.
ومثال على ذلك، كما تبين أماني، قضية طلاق الفنانين أو آخر صيحات الموضة الغريبة، أو حتى بعض المنوعات التي “لا تسمن ولا تغني من جوع”، وقد تستهلك ساعات طويلة من يوم الشباب، والذين على الأغلب هم من المراهقين، وصغار السن، الذين أمسوا يملكون جميعهم هواتف ذكية ويمكنهم من خلالها الولوج إلى العالم بكل تفاصيله.
من جهته، يرى أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور سري ناصر، أن الشباب في الدرجة الأولى ليسوا “مسيسين”؛ أي أن كثيرا من الأخبار السياسية لا تستهويهم بشكل كبير، واهتمامهم فيها “آني” فقط، أي عند حدوث الحدث وذروته، وبعد ذلك يمكن أن يتوجهوا إلى اهتمامات أخرى، قد تكون بالفعل أخبارا “سطحية”.
ويعتقد ناصر أن السبب في ذلك هو أن الشباب أو الطلاب والمراهقين لا يوجد لهم حيز كبير في مدارسهم أو جامعاتهم لأن يكونوا ذوي خبرة في مجالات تنفع وطنهم، أو أن يكونوا فاعلين في الأحداث السياسية التي تدور حولهم، ويتولد شعور لدى نسبة منهم أن هذا المجال ليس لهم، وبالتالي يذهب اهتمامهم إلى جوانب وقضايا أخرى.
وفي ذلك، يعتقد الشاب الجامعي قصي النادي أنه لا يجوز أن تعميم الفكرة، وهذه الصورة السلبية على كثير من الشباب، فهناك شباب فاعلون في مجتمعهم في مجالات شتى، وحتى السياسية منها.
ويبين “الشباب في مجتمعنا يجدون أن مواقع التواصل الاجتماعي هي الأفضل لطرح الآراء ومتابعة الأخبار التي باتت سهلة المنال وبسرعة كبيرة من خلال المواقع الإخبارية”.
ويرى النادي أن هنالك شبابا تكون الأخبار “غير القيمة” هي الأهم لديهم، ومن خلال ترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو “الهاشتاج”، تنتشر بسرعة، وتجد رواجاً بين الأشخاص الذين يبحثون عن التسلية بعيداً عن الأخبار التي قد تسبب لهم التوتر والانفعال.
ويشير ناصر إلى أن سبب لجوء الشباب والفتيات إلى الأخبار “السطحية وغير النافعة” ربما يكون محاولة للهرب من الواقع الأليم الذي يمكن أن يعيشوه مع الأحداث التي تقع يومياً سواء محليا أو عربيا.
ويذهب الى أن المراهقين على الأغلب يتوجهون لما يوفر لهم مساحة ترفيه وتسلية بعيداً عن الصخب، ولكن هذا قد يؤثر على طموحاتهم المستقبلية والتي تتوقف عند حد معين ومحاولة تقليد الأشخاص المشهورين في مجالات فنية في بعض الأحيان، بحسب ناصر.
“كل يوم نجد هاشتاغ جديدا يجعلنا ندخل رغماً عنا إلى متابعة الأخبار التي يفترض المرور عليها مرور الكرام”، هكذا تفسر الطالبة الجامعية بتول العبادي ما يحدث للشباب من اهتمامات في العالم العربي ككل والأردن بوجه خاص.
وتقول بتول “إن الدخول إلى العالم الافتراضي يجبرك أحيانا على متابعة الأخبار، ولكن هناك ما يسيطر على الشخص تماماً ويستحوذ على اهتمامه، ويصبح جزءا من أحاديثه اليومية، بينما آخرون لا يعيرون تلك الأخبار أي اهتمام، وقد يتركون تعليقاً وينتهي الموضوع”.
الأخصائية التربوية والأسرية رولا خلف، تبين أن الإعلام لم يعد الوسيلة الوحيدة لغرس الاهتمامات لدى الشباب؛ إذ إن الأهل لهم دور كبير في غرس مفاهيم عميقة لدى الأبناء من خلال متابعتهم والحرص على توجهاتهم.
وتشير خلف إلى أن الشباب يتابعون المواقع الالكترونية و”واتساب” و”فيسبوك” باستمرار، وغالباً ما يتعلقون بأخبار سطحية، وغير مهمة، ولكن هي بنظرهم ضرورية ولا يمكن أن يستغنوا عن متابعتها.
ومن الصادم، كما تبين خلف، أنه لو وجهنا سؤالا عن طموح هذا الشاب أو عن معلومات سياسية ومحلية، قد نجد أنه لا يوجد لديه إجابة مبشرة، وقد يرون أن الأحداث اليومية لا تعنيهم وليس لها قيمة، وهنا يجب على الأهل أن يكون لهم دور مضاعف بتوعية الأبناء، واهتماماتهم، وارتباطهم بالقضايا التي يعيشون في خضمها.
وتتمنى خلف من الأهل والمدرسة والمجتمع أن يشتركوا في تغيير آراء الشباب، والتركيز على أهمية المواضيع التي يتابعونها، والمساهمة في رفع مستواهم العلمي والاجتماعي والديني.
الغد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى