هاشتاق عربي
اخيرا ربما يكون الوقت أخذ ينفد من “تويتر”. الخبر الذي جاء في نهاية الأسبوع الماضي ومفاده أن “جوجل” وشركة برمجيات خدمة السحابة “سيلزفورس” عقدتا مناقشات أولية حول عملية استحواذ محتملة، أكد تراجع ثقة وول ستريت بمحاولات مجموعة وسائل الإعلام الاجتماعية لتنشيط النمو والحفاظ على استقلالها.
بعد 15 شهرا من عودة جاك دورسي، المؤسس المشارك وصاحب الرؤية بخصوص المنتجات، فشلت “تويتر” في التوصل إلى أفكار جديدة لازمة للوصول إلى مجموعة أوسع من المستخدمين. واعترفت بعد إعلان أرباحها الربعية الأخيرة بأنها لم تفعل ما يكفي للمعلنين لتبرير تسعيرها الحالي. يقول جان داوسون، محلل التكنولوجيا في “جاكداو ريسيرش”: “إنهم يفرضون رسوما مميزة لكنهم لا يقدمون ما هو مميز”. على هذه الخلفية، مناقشات عملية الاستحواذ الأولية أثارت سؤالا حتميا: إذا كانت إدارتها لا تستطيع جني قيمة أكثر من الشبكة الاجتماعية المميزة لـ”توتير”، التي تعمل في الوقت الحقيقي، هل يستطيع أي شخص آخر؟
ليس هناك ما يضمن أن المحادثات الأولية بشأن الاستحواذ ستؤدي إلى أي شيء أكثر جدية. لكن رؤية شركات مختلفة بقدر اختلاف “سيلزفورس” عن “جوجل” تعرب عن اهتمامها، تظهر الاستخدامات المختلفة جدا التي قد تكون لدى المشترين المحتلمين للشبكة.
تركيز “سيلزفورس” على المبيعات. وتسويق البرمجيات يسلط الضوء على واحد من أصول “تويتر” الرئيسة: المعلومات في الوقت الحقيقي التي يمكنها توفيرها للمسوقين المؤسسين عن الملايين من زبائنهم.
يقول مارتن أوتريراس، وهو محلل توقعات في “إي ماركيتر”: “هذا يعطي محترفي المبيعات بيانات قيمة جدا عن أهدافهم يمكن ـ إلى جانب قدرات سيلزفورس ـ أن تصبح مفيدة أكثر من حيث توليد الريادة”.
إضافة إلى البيانات، ملكية توتير يمكن أن تحقق تفاعلا مباشرا مع أعداد كبيرة من الزبائن، والوصول إلى شبكة تصبح على نحو متزايد أداة مباشرة لدعم الزبائن. يقول ريان هولمز، الرئيس التنفيذي لشركة هوتسويت لتسويق وسائل الإعلام الاجتماعية: “الأمر يتعلق بالتواصل مع زبائنك حيث يعيشون، وإجراء محادثات معهم”.
قبل ثلاثة أشهر سيلزفورس خسرت لمصلحة مايكروسوفت في المنافسة على شركة إنترنت أخرى لديها قاعدة بيانات ذات قيمة عالية، هي الشبكة المهنية لينكدإن. وفي حين أن بيانات لينكدإن عن الأفراد من شأنها توليد تقدم في المبيعات، إلا أن بيانات تويتر سوف توفر مجموعة أوسع من إشارات الاستخدام للمسوقين.
لكن الحجج لامتلاك بيانات “تويتر” ليست قوية بقدر حجج شراء لينكدإن. يقول بريان ويزر، المحلل في “بيفوتال ريسيرش”، إن الصفقة ستكون “قفزة في الثقة”، واصفا الأساس المنطقي للتوصل إلى اتفاق بأنه “غير واضح المعالم”. مقارنة بالاستخدامات العملية التي كان من الممكن وضع بيانات لينكدإن فيها، فإن الحجة لدمج تويتر “ليست واضحة تماما بالقدر نفسه”.
كذلك ليس من الواضح أيضا لماذا سيلزفورس – أو أية شركة أخرى – ترغب في شراء توتير فقط من أجل هذا الوصول إلى البيانات. يقول داوسون، من “جاكداو”: “نحصل على طن من البيانات [من خلال شراء تويتر لكن هناك طرقا أخرى للحصول عليها”، مثل العمل مع شركات تملك تراخيص للوصول إلى “الكميات الكبيرة” من المعلومات في تويتر. شركة برمجيات خدمة السحابة ستواجه تحديات أخرى، ابتداء من حقيقة أنها لا تملك أي خبرة في إدارة خدمة إنترنت استهلاكية كبيرة، ناهيك عن خدمة بحاجة إلى إصلاح.
“سيلزفورس” قد تجد صعوبة أيضا في ترويج الصفقة لمساهميها. فقد انخفضت أسهمها بحدود 6 في المائة يوم الجمعة بسبب الأخبار عن اهتمامها بشراء “تويتر”. وهذا يضيف إلى انخفاض إجمالي منذ خسارتها المعركة على لينكدإن، ليصبح 14 في المائة، ويترك مساهميها يواجهون تخفيضا كبيرا في القيمة إذا حاولت استخدام أسهمها لمثل عملية الاستحواذ الكبيرة هذه.
اهتمام جوجل بتويتر يشير إلى نوع المستحوذ الذي يستطيع جني القيمة الأكثر مباشرة من الصفقة.
يقول ويزر: “جوجل بالتأكد يمكنها تبرير دفع مبلغ أكبر من معظم الشركات الأخرى مقابلها، كونها ستصبح بمنزلة إضافة على المنتج”. شركة الأبحاث ستكون قادرة على زيادة هوامش الأرباح على الفور، واقتطاع التكاليف وضخ الإعلانات الخاصة بها إلى الشبكة. وتويتر يمكن أن تكون بمنزلة محرك نمو جديد لأعمال الإعلانات في جوجل، التي تواجه تحديا في الوقت الذي تحاول فيه نقل أعمال البحث فيها إلى الأجهزة الخلوية.
البيانات عن المستخدمين النشطين البالغ عددهم 313 مليون مستخدم شهري في تويتر تكمل أيضا الأعمال الأخرى في جوجل. وبحسب أوتريراس “تويتر تستطيع تزويدهم ببيانات مستخدمين قيمة يمكن أن تستفيد منها لمنتجات الإعلانات الخاصة بها، التي في المقابل يمكن أن تكون جذابة جدا لمشتري الإعلانات”.
الاعتبارات نفسها يمكن أن تنطبق على فيسبوك. مع ذلك، التنافس التاريخي بين تويتر وفيسبوك قد يشكل عقبة أمام أي صفقة. حتى دون ذلك، في هذه المرحلة فيسبوك قد يحصل على وصول إلى بعض من الأنواع الجديدة من المستخدمين الذين ليسوا لديه بالأصل في مكان ما عبر تطبيقاته الكثيرة.
في الوقت نفسه، “أبل”، مثل “جوجل”، تفتقر إلى وجود في مجال التواصل الاجتماعي، وهو أمر غذى تكهنات متواصلة في وادي السليكون حول إمكانية التحالف مع تويتر. محاولات شركة صناعة جهاز الآيفون الخاصة بإدخال التواصل الاجتماعي – من خدمة بينج التي لم تدم طويلا في آيتيونز إلى ميزة كونيكت الأخيرة في أبل ميوزيك – لم تسفر عن أي شيء. حتى أن أبل، بحسب أشخاص مطلعين، فكرت لفترة وجيزة في الاستثمار في تويتر عام 2012، قبل أن تصبح الأخيرة شركة عامة. لكن، مثل الآخرين، أبل يمكنها أن تحصل على بيانات تويتر دون امتلاكها. يقول داوسون: “مع كل من جوجل وأبل، النظرية هي أنهما ليستا بارعتين في [وسائل الإعلام] الاجتماعية وبالتالي تستطيع تويتر إصلاح ذلك. لكن كل ما سنحصل عليه هو أعمال مستقلة – ليس أي تكامل هادف مع بقية الأعمال”.
في عهد دورسي، تويتر لم تحقق سوى تغييرات طفيفة على خدمتها الأساسية – باستثناء مجال واحد قد يجذب بشكل خاص شركات الإعلام.
يقول داوسون: “يبدو أن جاك قد تمحور بشكل حاد للغاية نحو الفيديو المباشر – على حساب كل شيء آخر”. بالنسبة لشركات وسائل الإعلام التي فزعت من تركيز فيسبوك على الفيديو المباشر، على نطاق أكبر بكثير، تويتر يمكن أن تشارك في كل من المشاهدة على الإنترنت والمشاهدة حين لا يكون هناك اتصال بالإنترنت. كما أنها أصبحت منتدى للنقاش حول نوع الأحداث المباشرة التي تقود مشاهدة التلفزيون، ما يثير احتمال تكامل أقرب مع برامج التلفزيون.
مع ذلك، المشاهدة على تويتر تبقى جزءا صغيرا من البث التقليدي. مباراة كرة قدم أمريكية تم بثها على تويتر هذا الشهر – أول منتج لصفقة لبث المباريات المنتظمة – جذبت أكثر من مليوني شخص، مقارنة بـ 48 مليونا شاهدوها على التلفزيون، بحسب شركة نيلسن للتصنيفات.
وفي حال اشترتها شركة إعلام، قد تجد تويتر من الصعب الحفاظ على دورها شبكة محايدة تستخدم في صناعة وسائل الإعلام بالكامل. يقول ويزر، من “بايفوتال”: “لو أن شبكة فوكس اشترت سي إن إن، فهل ستستمر سي إن إن في استخدامها للأخبار العاجلة؟ على الأرجح لا”.
أوتريراس يرى أن الشركات الأخرى التي ترى في إعلانات الفيديو الرقمية مصدرا مهما للنمو في المستقبل، مثل فيرايزون أو AT&T، قد تميل أيضا لتقديم عرض. مع هذا العدد الكبير من المشترين المحتملين، ما الذي يمكن أن يغري الآخرين لتقديم عروضهم الخاصة؟ يقول ويزر: “الأمر يتعلق بالسعر. سواء كان 15 مليار دولار أو 30 مليار دولار، هذا يحدث فرقا كبيرا”. بعد زيادة نسبتها 21 في المائة يوم الجمعة، ارتفعت قيمة تويتر إلى 20 مليار دولار تقريبا، أي نحو 7.5 مليار دولار أكثر مما كانت عليه في بداية الصيف، لكنها لا تزال تساوي أقل من نصف ما كانت عليه في مطلع العام الماضي.
ما لم يكن مالكو “تويتر” على استعداد للقبول الآن برقم أقل بكثير من القيمة التي كان يبدو أن شركتهم تمتلكها، سيكون من الصعب التوصل إلى أي اتفاق على عملية استحواذ.
الاقتصادية