تطبيقات ذكية

تطبيق اجتماعي للأطفال يجيب عن سؤال مثير في عالم التكنولوجيا

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي
في تقاليد عالم الشركات الناشئة يستهدف قليل من الشركات المراحل العمرية الأكبر من المراهقين. فالمراهقون يحاولون دائماً تخمين المستقبل، ويحددون اتجاهات الاستهلاك، وينفقون الأموال، أو يجعلون آباءهم ينفقونها بدلاً عنهم. وأصبح سلوكهم هذا هاجساً يسيطر على تفكير رواد المشروعات.

يبشر أمرٌ كهذا بالخير لتطبيق ميوزيكالي، وهو التطبيق الذي يمكن أن نصفه بصغر السن بكل ما تحمله الكلمة من معنى. لدى الشركة – التي تم تأسيسها عام 2014 ومقرها بمدينة شنغهاى – ما يزيد على 100 مليون مستخدم، معظمهم، بحسب الشركة، ما بين الثالثة عشرة والعشرين عاماً. في أغسطس/آب الماضي، تعاونت الشركة مع شبكة إم تي في لتنفيذ حملة دعائية للترويج لحفل جوائز الموسيقى الذي تنفذه الشبكة.

المدهش في هذا التطبيق هو عدد مستخدميه الذين تقل أعمارهم عن هذه الشريحة المذكورة. فتطبيق ميوزيكالي لم يستطع فقط الوصول لشريحة جمهور المراهقين التي يستهدفها، ولكنه ربما يكون قد تخطاها. ما أثار توتراً شديداً بين هؤلاء المستخدمين الصغار وشركات التكنولوجيا، والقواعد والقوانين التي تنظم العلاقة بينهما.

يحاول التطبيق جذب هذا الجمهور صغير السن بطرق بارعة وواضحة. فالتطبيق يسمح لمستخدميه بتصوير مقاطع فيديو قصيرة يقومون فيها بتحريك شفاههم أو الرقص أو المزاح على الأغنيات المشهورة ومشاهد الأفلام ومقاطع الأصوات المختلفة، ومن ثم ينشرونها على التطبيق بطريقة مشابهة لتطبق إنستغرام.

كما تحتوي على المنشورات المتميزة للتطبيق على بعض النجوم المشهورين لدى هذا الجمهور صغير السن، كأريانا جراندي وسيلينا جوميز، وبعض المواهب الأقل شهرة والشخصيات المشهورة على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اكتسبوا شهرتهم من خلال تطبيقات خدمات كخدمة فاين.

كما أن خدمة نشر مقاطع الفيديو على التطبيق تحتوي على قسم كامل لأغاني أفلام ديزني وبرامج التلفاز.

لا يجمع المعلومات ولا ينشرها

لا يقوم التطبيق بجمع معلومات عن أعمار مستخدميه أو نشر أعمارهم على حساباتهم، ولكن بعض مستخدميه المشهورين، الذين تجتذب منشوراتهم ملايين الإعجابات – والتي تسمى في التطبيق بالقلوب – يبدون من خلال مقاطع الفيديو خاصتهم وصور حساباتهم الشخصية كما لو كانوا يرتادون المدارس الابتدائية. حتى وقت قريب، كان التطبيق يحتوي على خاصية تقترح على المستخدمين متابعة غيرهم من المستخدمين بناءً على موقعهم السكني. كشفت هذه الخاصية في مدينة نيويورك عن مجموعة من المستخدمين لا تتكون فقط من المراهقين، ولكن من الأطفال أيضاً.

صرح جاري فاينرتشاك – المدير التنفيذي لفاينر ميديا، وكالة الدعاية والإعلان المتخصصة في وسائل التواصل الاجتماعي – عن تطبيق ميوزيكالي بقوله: “لا شك أن هذا التطبيق هو الشبكة الاجتماعية الأصغر سناً من ناحية مستخدميها حتى الآن”. كما قال السيد فاينرتشاك – والذي يساعد عملاء الشركة على إنتاج حملات دعائية للمنصة – أنه لاحظ تطبيق ميوزيكالي لأول مرة من خلال نشرة التطبيقات على المتجر الخاص بتطبيق أى تونز، ومن خلال مقاطع الفيديو الخاصة بتطبيق ميوزيكالي والتي تم نشرها على تطبيقات أخرى مثل إنستغرام.

كما علق على المرحلة العمرية لمستخدمي التطبيق قائلاً: “يمكنني القول إن تطبيقات كسناب تشات وإنستغرام تنحرف قليلاً تجاه جمهور أصغر عمرياً من جمهورها المستهدف، بينما جمهور ميوزيكالي يبدو أن معظمه في العام الأول والثاني والثالث الابتدائي”.

يضع هذا الأمر تطبيق ميوزيكالي في وضع غريب. فالمواقع الإلكترونية ومقدمو خدمات الإنترنت الذين يستهدفون المستخدمين تحت سن الثالثة عشرة ينبغي عليهم أن يتلزموا بالقواعد والقوانين الفيدرالية المتعلقة بجمع ومشاركة المعلومات الشخصية، التي تتضمن أشياء عديدة كالاسم والصور الشخصية ومقاطع الفيديو الشخصية أو الأشياء التي من شأنها تحديد هوية الشخص كاسم المستخدم. هذه القيود والقواعد هي جزء من قواعد حماية الخصوصية للأطفال على شبكة الإنترنت، والمعروفة بكوبا Coppa، والتي وضعتها لجنة التجارة الفيدرالية.

كباقي شبكات التواصل الاجتماعي التي تعمل بأميركا، تمنع بنود استخدام تطبيق ميوزيكالي المستخدمين تحت سن 13 عاماً من استخدام التطبيق. ولكن التطبيق لا يقوم بجمع معلومات عن عمر المستخدم، وهو الأمر الذي اتفقت على فعله جميع الشبكات والمواقع المعروف عنها استخدام الأطفال لها. (حتى الشبكات التي تطلب إدخال عمر المستخدم مثل فيسبوك لا تقوم بالتأكد من هذا العمر وتعتمد على صدق المستخدم).

صرح دينيس جي تايلو – المدير التنفيذي لشركة بيفو وهي الشركة التي تقوم بمساعدة شركات وخدمات الإنترنت على الوفاء بمتطلبات قوانين كوبا Coppa – بقوله: “تقوم معظم الشركات ومقدمي الخدمات بتجنب مخالفة قوانين كوبا Coppa، وذلك بادعاء الجهل بها”. كما أن تطبيق هذه القوانين يعد شيئاً صعباً ونادراً، فالقوانين لا تفرض على الشبكات الاجتماعية التأكد من عمر المستخدم، ولا تعتبر هذه الشركات مسؤولة إذا قام المستخدمون بالكذب بشأن أعمارهم أثناء التسجيل.

طبقاً لأحد المتحدثين الرسميين باسم لجنة التجارة الفيدرالية – أو F.T.C – فإن اللجنة كوكالة مسؤولة عن تطبيق القانون، لا يمكنها التعليق على عمل شركات بعينها. وفي بريد إلكتروني للوكالة صرحت بقولها: “نحن ندعم تطوير آليات قوية وسهلة الاستخدام يمكن للشركات التي تقوم بجمع معلومات شخصية عن الأطفال أن تستخدمها للحصول على موافقة الأهل”.

تلتزم الخدمات الأخرى الموجهة بالفعل ناحية الأطفال بصرامة بقواعد وقوانين كوبا Coppa. من هذه الخدمات تطبيق فاين كيدز، وهو خدمة محدودة بدون اسم للمستخدم أو قدرة على نشر مقاطع الفيديو. وكذلك يوتيوب كيدز، وهو تطبيق يقوم بنشر البرامج الخاصة بالأطفال، ومعزول بالكامل عن موقع يوتيوب نفسه. على النقيض من ذلك، فإن تطبيق ميوزيكالي – كتطبيقات سناب تشات وإنستجرام – هو شبكة اجتماعية كاملة، مشهورة بين الشباب والأطفال، ولكنها ليست موجهة لهم دعائياً بشكل صريح.

نقاشات الخصوصية أمرٌ صعبٌ

تبدو هذه النقاشات عن الخصوصية شيئاً صعباً ومتكلفاً في وسط مشهد التغير التكنولوجي القائم. فقد أصبحت النسخة الأولى من قواعد كوبا Coppa قانوناً عام 1998، أى قبل إصدار الأيفون بعقد من الزمان تقريباً. وصرحت شركة أبحاث إنفلوينس سينترال العام الماضي بأن الآباء الذين يشترون لأطفالهم الهواتف الذكية يفعلون ذلك وأطفالهم في سن الثانية عشرة. ومن الطبيعي لهؤلاء الأطفال أن يستخدموا التطبيقات فور حصولهم على تلك الهواتف الذكية.

وفي دراسة للقانون نشرتها المجلة الأكاديمية فيرست مانداي عام 2011، صرح الباحثون باعتقادهم أن قواعد كوبا Coppa قد خلقت قضايا صعبة الحل. فلكي تكون هذه الشركات ملتزمة بالقوانين، تقوم إما بمنع المستخدمين الأطفال، أو ادعاء الجهل باستخدامهم لها، بينما يقوم الآباء – الذين من المفترض أن هذه القواعد قد تم وضعها لراحتهم وإرشادهم – بمساعدة أطفالهم على التحايل على قواعد التسجيل. كما خلص التقرير إلى أن الزيادة في تطبيق القوانين بهذه الطريقة في الغالب ستؤدي بهذه الشركات إلى منع استخدام الأطفال لها، بدلاً من توفير مزيد من الإجراءات لحماية الخصوصية أو التعاون بشكل أفضل مع الآباء.

باختصار، يستخدم الأطفال هواتفهم الذكية تقريباً كما نستخدمها نحن البالغون، ولن يختلف الأمر كثيراً إن تم تطبيق بعض القوانين أو حتى تم استخدام بعض القواعد والتقاليد المتعارف عليها في المجتمع.

يقول أليكس هوفمان – مدير ميوزيكالي – إن الشركة تحاول أن تراعي شعبيتها ضمن المستخدمين الصغار. وصرح: “إن إحدى الاختلافات التي تميزنا عن باقي التطبيقات أننا لا نخاطب فقط مستخدمينا، ولكن أيضاً نخاطب آباءهم”.

يقوم أليكس أيضاً باستمرار باستشارة مجموعة من مستخدمي التطبيق المشهورين وبعض عائلاتهم، ويطلب منهم دائماً التعليق على كل شيء، كأمان المستخدم والخصائص الجديدة للتطبيق. (تحتوي صفحة فيسبوك الخاصة بقسم الدعم بالشركة على قسم كامل مخصص للآباء – والذي يذكر أن التطبيق موجه لمن هم أكبر من 13 سنة).

أخيراً، يقول أليكس هوفمان إنه يتوقع للتطبيق أن يجذب شرائح متنوعة من المستخدمين. وصرح بقوله: “نرى أنفسنا كشبكة اجتماعية بالفعل، وكشبكة لمراحل عمرية مختلفة”.
ستضطر الشركة حالياً لخوض طريقها وسط وضع غريب تحسدها عليه باقي الشركات، فالشركة يمكنها الاستفادة من شعبيتها الواضحة بين جمهور لا يمكنها الاعتراف به بشكل كامل، ويراقبها مجموعة من الآباء الحذرون ولكنهم في نفس الوقت متورطون بشكل أو بآخر.

يقول السيد فاينرتشاك: “منذ عام مضى، لم يكن هناك مستخدمون على سناب تشات تتعدى أعمارهم 40 عاماً. إن تمكنت ميوزيكالي من الصمود، ستبدأ مراحل عمرية أكبر في الإقبال على استخدامها”.

وعند سؤاله عما إذا كانت التطبيقات التي تجذب جمهوراً مماثلاً تمثل عائقاً أم لا، وضح بأن مسأله استخدام الأطفال للتطبيقات أصبحت شيئاً لا مفر منه. فالأطفال يستخدمونها بالفعل. وبالإضافة إلى ذلك، فالأطفال هم الذن اختاروا تطبيق ميوزيكالي منذ البداية، وليس العكس.

كما أوضح أن مسألة ما إذا كان تطبيق ما غير مناسب للأطفال ومرحلتهم العمرية هي مسألة خارج حدود تصرف الشركة نفسها.

كما صرح بأنه “ليست هناك حملات دعائية، وليس هناك مال كافٍ لتنفيذ هذه الحملات، ولكنه شيء يجب أن نعتاد عليه جميعاً. ليست هناك مسالة لنواجهها، فالأمر كله يتعلق بالتقاليد والأعراف الاجتماعية”.
huffpostarabi

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى