مقالات

«إيكو» .. مفيد وكتوم وذكي وبسيط

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي- الحاجة أُم الاختراع، ويجب أن تستفيد إلى أقصى حد ممكن مما لديك. “أمازون” حققت هذا مع “إيكو”، المتحدّث المُتّصل بالإنترنت والمساعد الرقمي الذي يقبع على طاولة المطبخ في منزل العائلة: مفيد وكتوم وذكي وبسيط.

“أمازون” ليست الشركة الأولى التي تخطر على البال بوصفها رائدة في الأجهزة الاستهلاكية. الشركة التي تقفز إلى الذهن ستكون “أبل”، مُبتكرة “آيفون” و”آيباد” والكمبيوتر اللوحي الذي فشلت “أمازون” في مماثلته مع جهازها “فاير فون” فاقد الشعبية. قارئ الكتاب الإلكتروني “كيندل” يُهيمن على منطقتها الخاصة، غير أنه موجود منذ تسعة أعوام. لكن “إيكو”، الذي تم إطلاقه في المملكة المتحدة وألمانيا يوم الأربعاء، وجد دوراً تجاهلته كل من “أبل” و”جوجل”.

“إيكو” استولى على جزء من المستقبل تماماً في الوقت الذي يتباطأ فيه تطوّر جهاز الآيفون. آيفون 7، الذي تم إطلاقه الأسبوع الماضي، هو هاتف خلوي فعّال وأسرع مع رقاقة مُحسّنة وكاميرا أفضل، لكنه ليس ثوريا. مثل “كيندل أويسيس” Kindle Oasis، آخر نسخة من القارئ الإلكتروني لـ “أمازون”، جهاز الآيفون أفضل بكثير من الأنموذج الأول، لكنه تحسّن تدريجيا عن الأخير.

الأمر الرائع بشأن “إيكو” هو ما يفتقر إليه. إنه أسطوانة سوداء أو بيضاء بدون شاشة؛ لا يلفت الانتباه لكنه يمتزج مع الخلفية عندما لا يكون في حالة استخدام. ويُمكن تجاهله بسهولة إلى أن يُعطى تعليمات لأداء “مهارات” مثل تشغيل الموسيقى، وإيجاد الوصفات، وإنارة الأضواء، والتسوّق. عند سؤاله عن حقيقة مثل عاصمة بيرو، يجد الجواب دون أن يكون مرئيا ويُجاوب.

الأمر الأكثر غرابة، أنه غير متحرك. فلا يُمكنك أخذه من أجل التواصل أو إخراجه من المنزل. وفي حين إن فحوى التكنولوجيا الاستهلاكية قد أصبحت متنقلة، من جهاز الآيفون إلى “أوبر”، “إيكو” ينتمي إلى المدرسة القديمة بحزم. ليست هناك جدوى من إدراج “أمازون” رقاقة لنظام تحديد المواقع، لأنه يبقى ثابتاً.

لعل هذا هو بيت القصيد. لو أن “فاير فون” كتب له النجاح، وبالتالي امتلكت “أمازون” جهازا خلويا يُماثل جهاز الآيفون والأجهزة الأخرى المدعومة من “جوجل” و”مايكروسوفت”، فربما كانت ستأخذ نهجها في مجال الذكاء الاصطناعي. “أبل” لديها برنامج سيري، و”مايكروسوفت” لديها كورتانا، و”جوجل” قامت ببناء التعرّف على الصوت في البحث. كل منها تحاول تحويل الهواتف إلى مساعدين رقميين أذكياء.

“أمازون” لم تكن تملك هذا الخيار، لذلك فضلت خيارا آخر لتجربتها في مجال الذكاء الاصطناعي: البساطة. جهاز كمبيوتر مُحيط يتحاور مع الناس كان بمثابة هدف منذ السلسلة الأولى من أفلام “ستار تريك” وفيلم “أوديسة الفضاء 2001” في الستينيات “على الرغم من أن “هال 9000″ في ذلك الفيلم يأخذ مهمته بشكل حرفي فوق الحد من خلال محاولة قتل طاقم السفينة الفضائية”.

“إيكو” ليس قريباً من مستوى الذكاء العام لـ “هال” ولا يميل إلى القتل. لكنه يشترك معه في قدرة مماثلة للاستماع باستمرار للبشر الذين حوله والرد عليهم. القدرة ليست مبنية في “إيكو” نفسه؛ إنها جزء من أليكسا، برنامج الذكاء الاصطناعي الخاص بـ “أمازون” في خدمة السحابة، الذي يتّصل به الجهاز تلقائياً عندما يبدأ أي شخص بسؤال.

هذا يُمكن أن يبدو باعثا على القشعريرة، و”أمازون” بنت ضوابط خصوصية للتأكد من أن جهاز الاستماع لا ينقل كل شيء تقوله العائلة مباشرة إلى خدمة السحابة الخاصة به. مع ذلك، هو بالفعل يجعل الحياة أسهل. لست بحاجة إلى سحب جهاز آيفون من الجيب، والضغط على الزر من أجل برنامج سيري وحمله أمام وجهك، أو فتح شاشة لتجد تطبيقا استهلاكيا آخر. أنت ببساطة تتحدث.

تكنولوجيا أليكسا، مثل تلك المستخدمة من قِبل “أبل” و”جوجل” من أجل التعرّف على الحديث وتحليل اللغة، معقدة للغاية ولم تكن ممكنة قبل بضعة أعوام. ظهرت فجأة نتيجة للتقدّم في مجال تعلّم الآلة منذ منتصف العقد الأول من الألفية، وتم تمكينها بسبب أجهزة الكمبيوتر الأسرع والبيانات القائمة على خدمة السحابة.

الخدعة هي تخفيف التعقيد وتقديمه ببساطة. جيف بيزوس، مؤسس “أمازون”، يشترك مع الراحل ستيف جوبز، المؤسس المشارك لـ “أبل”، في إيمان وطيد بجعل الأمور سهلة. “كيندل” في الأساس تفوّق في الذكاء على “سوني ريدر” من خلال جعل الزبائن يشترون الكتب الإلكترونية عبر شبكة لاسلكية؛ يُمكنهم الضغط على زر ويظهر كتاب إلكتروني.

“إذا كان باستطاعة الناس فعل شيء دون عناء، فسيفعلونه”، هذا ما يقوله ويليام تونستول بيدو، مؤسس شركة الذكاء الاصطناعي البريطانية، “إيفي”، التي استحوذت عليها “أمازون” في عام 2012، جنباً إلى جنب مع “إفونا سوفتْوير”، شركة تحويل النص إلى كلام في بولندا عام 2013. لقد دمجت “أمازون” هذه التكنولوجيات مع تلك الخاصة بها لجعل برنامج أليسكا يفهم الأسئلة المعقدة ويرد بأسلوب بشري.

هذا مثل نهج “بيزوس” في التسعير: يُخفّض الأسعار بأكبر قدر ممكن لجذب الزبائن لشراء مزيد من البضائع من خلال “أمازون”. صعوبة الاستخدام تُعادل الاحتكاك النفسي، الذي يُقلل الفرصة بأن يتم نشر أي تكنولوجيا. كلما كان بالإمكان جعله أكثر بساطة، أصبح الثمن العقلي أقل. في عالم بيزوس المثالي، ستُصبح “أمازون” مُحيطة، تمتزج بسهولة في الحياة اليومية.

كشفت “جوجل” عن متحدّث منافس يعمل بالصوت يُدعى “جوجل هوم” و”أبل” قد تتبع، بعد أن فتحت تكنولوجيا سيري للمطوّرين الخارجيين في حزيران (يوليو). هذا التغيير كان ضرورياً لمماثلة المهام الثلاثة آلاف التي يستطيع “إيكو” تنفيذها. “إيكو” ربما يتحوّل يوماً ما إلى جهاز متنقل، ليُصبح جهازا يستمع إلى الطلبات أثناء حمله.

في الوقت الراهن، يستطيع بيزوس أن يشعر بالرضا لأخذ زمام الأمور في مجال الذكاء الاصطناعي، مع سهولة مُثيرة للدهشة.
الاقتصادية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى