مقالات

صناعة الاتصالات والعلاقات العامة في الشرق الأوسط تزداد صلابة وقوة

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي
مرت بالشرق الأوسط بضع سنوات مؤلمة، لاسيما بالنسبة للدول المصدرة للنفط التي شهدت انخفاض سعر برميل النفط الخام من مستويات تجاوزت الـ100 دولار عند نقطة معينة، إلى 30 دولارا في بدايات العام الحالي. ورغم أن الضربة المالية استغرقت بعض الوقت حتى تتغلغل وتتعمق في الاقتصادات المنطقة، لكنها جاءت صعبة جداً -بشكل خاص- على اقتصادات الخليج العربي التي يغذيها الإنفاق الحكومي.
وأمست قضية الدفعات المتأخرة مصدر قلق مجدداً، وبرزت جليةً في الوكالات المستقلة الأصغر حجماً التي تعمل مع المنظمات المحلية. وليس ذلك وحسب، فالموهبة مصدر آخر للقلق أيضاً؛ في ظل الجغرافيا السياسية الإقليمية، أصبح المواطنون العراقيون والسوريون أقل مقدرة على تحصيل تأشيرات العمل، ما خفض بدوره مدى توافر المواهب العربية لدى الوكالات التي تتخذ من دبي مقراً لها.
ومع ذلك، هناك جانب مضيء لعتمة هذه المشكلة. إن استخدام الإعلام الاجتماعي يزدهر عبر الشرق الأوسط، وكذلك تتحول كل من الشركات والحكومات إلى الوكالات لدعم تواصلها ومشاركتها الرقمية. وعبر الخليج، أصبحت إيران (في أعقاب رفع العقوبات المفروضة عليها) تشكل فرصة أخرى. وقد شهدنا بالفعل إحدى الوكالات متعددة الجنسيات تدخل أراضي الدولة -التي تحوي 80 مليون نسمة تقريباً- عقب اتفاق أبرمت معها. وتتطلع دول أخرى للقيام بالمثل، بغية الاستفادة من السوق الشابة والمتعلمة، إلى جانب كونها تتبنى الإعلام الاجتماعي (عبر شبكاتها الافتراضية الخاصة).
ولم تخل صناعة العلاقة العامة، من جهتها، في الشرق الأوسط يوماً من المصاعب والتحديات. ففي ضوء الافتقار للمهارات والمواهب المحلية، أصبح جزء كبير من العمل يُنجَز على أيدي موظفي العلاقات العامة المغتربين، الذين لا يدركون كثيراً أعراف ولغات وثقافات الشرق الأوسط.
وفي الآونة الأخيرة، ضغطت مجموعة من دول الخليج من أجل الإشغال المحلي السريع لمناصب الاتصالات في المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية. وكانت النتيجة أن المناصب شغلت بموظفين مبتدئين في بعض الأحيان، بينما بقيت مناصب أخرى فارغة نظراً لعدم تواجد نسبة جيدة من المواطنين الذين يزاولون هذه المهن.
وعلى الرغم من المسائل التي يجب التصدي لها، ليست هذه المسائل أبعد من اعتبارها قاتمة. وبالمقارنة مع الأزمة الاقتصادية العالمية 2008/2009، أصبحت صناعة العلاقات العامة في الشرق الأوسط أقوى من حيث عروضها وتنوعها الذي يعود إلى قاعدة العملاء الأوسع التي أصبحت تتمتع بها، كما وأمست أيضاً أكثر نضجاً بفضل زيادة التركيز على تخصصات الاتصالات الداخلية والشؤون العامة.
وما هو بحاجة إلى التطوير والتحسين الآن هو التعاون عبر هذه الصناعة. فموظفوا العلاقات العامة (أو الاتصالات)، على جانب الوكالة، يحتاجون بشكل خاص إلى فهم ما يجري في السوق عندما يتعلق الأمر بمسائل دفع العميل، بينما تحتاج الصناعة بنفسها إلى اتخاذ موقف بشأن فرض رسوم على الإعلانات والترويج.
وينبغي على صناعة الاتصالات أن تبذل جهداً أكبر للنهوض بنفسها، فالوكالات تقوم بعمل ممتاز يومياً عندما يتعلق الأمر ببناء سمعة للعملاء؛ دعونا إذاً نبدأ بالقيام بالشيء نفسه من أجل إنجاح الصناعة.
ومن جهة أخرى، يحتاج العملاء أيضاً إلى القيام بدورهم، والدفع من أجل زيادة الوعي بالفوائد التي يمكن للاتصالات أن توفرها للمنظمة، لاسيما على الجانب الرقمي (فمن اللافت للنظر كم من الرؤساء التنفيذيين ما يزالون لا يستخدمون القنوات الرقمية للاتصال بالمساهمين، وذلك على الرغم من انتشار وسائل الإعلام الاجتماعية بشكل هائل في أماكن تواجدها). ومن هذا المنطلق، تبرز هناك حاجة ماسة إلى رفع الوعي بقيمة انضباط الاتصالات بين المهام التنظيمية الأخرى، بدءاً بالاتصالات الداخلية.
وأخيراً، هناك مسألة الإستخبار السياقي. بحيث يمكننا أن نؤدي أفضل من خلال فهمنا المساهمين والجمهور بشكل أكثر عمقاً. ولن نستطيع القيام بذلك دون إدراك الثقافات المحلية. لذلك، على موظفي الاتصالات والعلاقات العامة القادمين، أو المزاولين أعمالهم، من الخارج بذل المزيد من الجهود للتعرف على المنطقة، بدلاً من أن يأملوا تكيفها هي معهم.
وكجزء من هذا الجهود، نحتاج إلى الترويج لهذه الصناعة بين الشباب العربي، ومساعدتهم في بناء تجاربهم وخبراتهم. وينبغي ألا يتم ذلك عبر التوظيف المحلي السريع، وإنما من خلال نقل المعارف وتعلم آلية مزاولة العمل تدريجياً من الزملاء في أماكن العمل، الذين سيستثمرون وقتهم في التوجيه والتدريب.
لقد نمت صناعة الاتصالات على نحو ملحوظ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسوف تواصل نموها خلال العامين القادمين، ولو كان ذلك بوتيرة أبطأ. ونحن نتفق جميعاً على أن الاتصالات ينبغي أن تعتبر وظيفة رئيسية في أي عمل تجاري. إذا، دعونا نأخذ التراجع والتباطؤ لنفكر كيف يمكننا أن نتغلب عليها جميعنا، يداً بيد.
«هولمز ريبورت، أليكس مالوف»

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى