هاشتاق عربي – إبراهيم المبيضين
يبدو أنّ العام 2016 سيسجّل كنقطة تحوّل كبيرة في تاريخ مجموعة ” فيسبوك ” العالمية، ولعلّه سيكون الأهم في عمر العملاق الأزرق الذي مضى على إنطلاقته 12 سنة، وقد تصدّر اليوم المشهد في العالم الرقمي كأكبر تجمع إفتراضي على الإنترنت بعد أن تخطّى عدد مستخدميه حاجز الـ 4 مليارات يتوزعون على النحو التالي: 1.7 مليار مستخدم للشبكة الاجتماعية ، مليار مستخدم لتطبيق “المسنجر” ، مليار مستخدم لتطبيق التراسل الفوري ” واتساب”، ونصف مليار مستخدم لتطبيق ” الإنستغرام”.
لم أصف العام الحالي بأنّه “الأهم” في مسيرة “فيسبوك” مستندا فقط على الرقم الضخم لعدد مستخدمي هذه الشبكة الإجتماعية وما يرتبط بها من خدمات وتطبيقات ، رغم انّه مؤشر هام على تحوّل هذه المنصة الإجتماعية إلى ما يشبه الإمبراطورية مترامية الاطراف،…
ولكنني إستندت في هذا الوصف أيضا الى العدد الكبير من التغييرات والتحديثات والخدمات الجديدة التي أعلنت عنها ” فيسبوك” منذ بداية العام، والتي تؤشر الى نيّة المجموعة الإستحواذ والسيطرة على حصة الأسد من مستخدمي العالم الإفتراضي، وكأن شهية هذه الشبكة ومؤسسها الشاب ماركزوكيربيرغ قد إنفتحت على الاخر ….
وتكشف هذه التحدياث والتطورات المتلاحقة على خدمات “فيسبوك” عن إستراتيجية واضحة تسعى الى التفوّق أوالقضاء على المنافسين من أمثال : ” يوتيوب” ،” تويتر”، و” سنابشات”، وغيرها من الشبكات الإجتماعية التي تتسابق لنفس الهدف : السيطرة والإستحواذ على اكبر عدد من مستخدمي الإنترنت و العالم الافتراضي.
قبل أيام اعلنت خدمة “واتساب” للتراسل النصي عن توجهها لمشاركة بيانات مستخدميها مع شركتها الأم “فيسبوك” بهدف توجيه الرسائل الإعلانية على نحو أفضل، بربط ارقم هوتف المستخدمين بحساباتهم على فيسبوك، لتقدم الاخيرة إعلانات أفضل.
بالتأكيد تسعى “فيسبوك” بهذه الخطوة إلى جني الأرباح من خدمة التراسل المجاني الذي اشترته سنة 2014 في مقابل أكثر من 20 مليار دولار.
وعلى شبكتها الرئيسية أعلنت شركة ” فيسبوك” قبل اكثر من اسبوع إطلاق ميزة جديدة تتيح لشخصين إجراء بث مباشر معاً، ستتوفر مبدئياً للشخصيات العامة التي تستخدم تطبيق ” فيسبوك منشن” على نظام ” اي اوه اس” ليجري تعميمها في مراحل لاحقة على عموم المستخديمن.
وقبل ذلك بنحو اربعة شهور ، وتحديدا خلال شهر نيسان “ابريل” الماضي ، وفي نقلة نوعية في مسيرة ” فيسبوك” أعلنت الشركة العالمية توسيع نطاق خاصية البثّ المباشر (فيسبوك لايف) لعموم المستخدمين حول العالم، بعد ان كانت مقتصرة على شريحة المشاهير والحسابات الموثقة لفترة عام.
وقد روّج المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ” فيسبوك” مارك زوكيربيرغ لهذه الخدمة بشكل لافت خلال شهر حزيران ” يونيو” الماضي، عندما قام ببث فيديو مباشر عبر صفحته الرسمية على الشبكة مع رواد فضاء في محطة الفضاء الدولية.
وجاءت هذه الخطوة من “فيسبوك” للتركيز وتطوير خدمة ” فيسبوك لايف” انطلاقا من قناعتها الراسخة بان الخدمات المرئية والفيديوية ستستحوذ على حصة كبيرة من الاستخدام على شبكة الانترنت والعالم الرقمي، وسعيا منها للمنافسة بقوة مع خدمات (بيريسكوب لايف) التابعة لشركة ” تويتر” ، وتطبيق خدمة سناب تشات وموقع يوتيوب التابع لشركة ألفابت ولعالم البث التلفزيوني
وأصبحت مقاطع الفيديو المباشرة خاصية تنطوي على درجة عالية من التنافسية بين وسائل التواصل الاجتماعي إذ تتبارى الشركات في بث الأحداث الرياضية المهمة ومقاطع الفيديو الحصرية من أحداث عامة وعالمية هامة.
لقد حاولت شركة ” فيسبوك” – وكما فعلت مع ” انستغرام” و ” واتساب” – ان تستحوذ على سنابشات ، ونقلت تقارير اخبارية عالمية خلال العام الماضي قصصا عن محاولات لعقد صفقة مع التطبيق الناشىء الا انها باءت بالفشل، ولذا اتبعت ” فيسبوك” استراتيجية اخرى في مواجهة مزايا وتفوق ” سنابشات” الذي استقطب اهتماما كبيرا من شريحة الشباب، وذلك بالعمل على تطوير اضافات ومزايا في ” فيسبوك” نفسها او من خلال ” إنستغرام” تشابه ميزة ” القصص” السنابية.
ففي خطوة أثارت الكثير من الضجة في عالم السوشيال ميديا أعلن ” انستغرام” بداية الشهر الحالي ميزة جديدة تحمل إسم Stories أو قصص بالعربية وهي مخصصة لمشاركة لحظات يومك بالفيديو والصور مع متابعي المستخدم في انستغرام دون ان تبقى في ملفك الشخصي، وهي ميزة شبيهة إلى حدٍ ما بما هو موجود في سنابشات صور وفيديو مع رموز وأدوات كثيرة للكتابة عليها وتختفي بعد 24 ساعة مع إمكانية حفظ القصة قبل أو بعد النشر.
ولم تتوقف مساعي ” فيسبوك” لتطوير خدماتها الرئيسية والتطبيقات التابعة لها في مضمار السوشيال ميديا او الهواتف الذكية، بل ذهبت الى ابعد منذ ذلك العام الحالي ، فضمن استراتيجية الشركة العامة والتي تركز على المساهمة في نشر استخدام خدمات الإنترنت أعلن موقع فيسبوك اواخر شهر تموز” يوليو” عن انطلاق أول رحلة لطائرة بلا طيار تعمل بالطاقة الشمسية، تهدف إلى تقديم خدمة إنترنت مجانية للمناطق النائية في العالم.
الطائرة تحمل اسم “أكويلا” تستطيع الطائرة التحليق خلال النهار اعتمادا على الطاقة الشمسية، وفي المساء يمكنها الحصول على الطاقة من بطاريات تمثل نصف وزن الطائرة، حيث أعلنت ” فيسبوك” عدةمرات بأن مشروع “أكويلا” واحد من المشروعات التكنولوجية التي تطورها فيسبوك لربط جميع المناطق النائية، تحت رسالة وعنوان عريض :” ربط الجميع على الكوكب” لا سيما وان هناك 4 مليارات انسان ما يزالون محرومين من خدمات الإنترنت حول العالم ومعظمهم يتواجدون في المناطق النائية.
وتتنافس “فيسبوك” في هذا المشروع مع شركة ” جوجل” العالمية التي تعملعلى مشروع مشروع يعرف باسم “بروجيكت لون” يتضمن استخدام بالونات على ارتفاعات عالية لربط المستخدمين بالإنترنت في بعض المناطق النائية.
وبالعودة الى الشبكة الاجتماعية مرة اخرى ، وفي خطوة وصفت بانها “تاريخية” بالنسبة لـ ” فيسبوك”، قامت الشركة العالمية خلال الربع الاول من العام الحالي بالإعلان عن إضافة أزرار أخرى إلى جانب زر الإعجاب التقليدي المعتاد ” اللايك” بدأ المستخدمون باستعمالها في جميع ارجاء العالم، حيث اصبح عدد الازرار لفيسبوك ستة تعبر عن حالات : الإعجاب، الحب، الضحك، الإندهاش، الحزن، الغضب.
يبدو ان العام الحالي سيسجل عاما تحول في تاريخ فيسبوك، وقد ننتهي من قراءة هذا التحليل الاخباري لنفاجىء باعلان جديد من الشبكة الاجتماعية التي تسعى على ما يبدو الى السيطرة على كل أجزاء العالم الافتراضي والشبكة العنكبوتية في جميع ارجاء العالم متفوقة على منافسيها بالكثيرات من الخصائص والميزات التي غيّرت في حياة الكثير من المجتمعات على كوكبنا.