هاشتاق عربي
شهد النصف الثاني من القرن الـ 20 نهضةً تكنولوجيةً جعلت الترفيه يتربع على هرم الوظائف التي قدمتها التقنية الحديثة، ليبرز نوعٌ جديدٌ من النشاط البشريّ يسمّى بالرياضة الالكترونيّة.
ورغم انتشارها الهائل، ما زالت حتى الآن قيد التشكيك وتسعى للاعتراف الدولي الكامل.
أول فريق الكتروني
كما هو واضح من الاسم، فالرياضات الالكترونية تعتمد على ألعاب الفيديو التي تسمح بتعدد اللاعبين.
يعود تاريخ أول ممارسة لهذه “الرياضة” إلى السبعينات في أميركا بجامعة ساتنفورد، حيث لم يتجاوز عدد اللاعبين الخمسة في لعبة حرب المجرّات، ليحصل الفائز على اشتراك دائم بمجلة “رولينغ ستونز”.
هذه الحال استمرت خلال السبعينات والثمانينات عبر تنظيم البطولات الصغيرة في الولايات المتحدة، إلا أن المستوى العالمي للتنافس جاء مع بداية التسعينات إذ نُظمت بطولة نينتندو للعالم، ولاحقاً تأسست رابطة المحترفين السابيرين، واتسع نطاق الألعاب الممارسة ليشمل Counter Strike وWar Craft.
لكن الألفية الجديدة شهدت نهضةً هائلةً على مستوى العالم، إذ وصل عدد البطولات في العام 2010 إلى حوالي الألفين، وتراوحت الجوائز من بضعة آلاف الدولارات إلى عدة ملايين، وخصوصاً الألعاب التي تعتمد على الفرق وتنظم دوراتها شركة Blizzard وValve، وتصل الجوائز فيها إلى ما يقارب الـ 20 مليون دولار.
الشهرة العالميّة
ما يثير الاهتمام هو أن البلد الأول في تنظيم هذا النوع من البطولات والراعي لها هو كوريا الشمالية، وقد تم الاعتراف بهذا النوع من الرياضة في العام 2000، كما تم في ذات العام تأسيس المنظمة الكورية للرياضة الالكترونية التابعة لوزارة الثقافة والرياضة والسياحة لتنظيمها.
وفي العام 2008، تأسس في كوريا الشمالية أيضاً الاتحاد العالمي للرياضات الالكترونية، والذي يهدف لزيادة عدد اللاعبين وتنظيم البطولات وتدريب الحكّام. انضمت تونس ومصر والإمارات العربية المتحدة لهذا الاتحاد العالمي، ويذكر أنه بفضل الاتحاد تم تنظيم البطولة هذا العام في جاكرتا وضمت ألعاب Counter Strike وLeague of Legends وغيرها.
ووصل حد الاعتراف العالمي لممارسي هذه “الرياضة” والتقدير أن تمكن أحد اللاعبين من الحصول على فيزا إلى أميركا بوصفه “رياضياً” معترف به دولياً، كحال الرياضيين الآخرين.
التلفاز VS الانترنت
رغم الحضور الهائل لهذه الدورات ومتابعة اللاعبين عن كثب، فإن الوسيلة الأكثر فعاليةً لمشاهدتها هي عبر البث الحي من الانترنت-live stream، ما يتيح للملايين مشاهدة البطولات واللاعبين مباشرة.
وهناك الكثير من قنوات الانترنت التي توفر هذه الخدمة إلى جانب ميزات إضافية لمعرفة أرقام وإحصائيات عن اللاعبين وطبيعة اللعب، والتي لا يمكن للاعبين رؤيتها أثناء المباريات.
إلا أن الجدل مازال قائماً حول البث المباشر على التلفاز، فبعض القنوات بثت تقارير عن البطولات، بل أن مدير قناة الرياضة العالمية ESPN جون سكيبر صرح في العام 2014 أن الرياضة الالكترونية ليست رياضة، إلا أن القناة أطلقت مؤخراً منصةً خاصةً لتغطية الرياضة الالكترونية، مع ذلك ما زال الموضوع قيد النقاش والمفاوضات من أجل البث ونيل الاعتراف الإعلامي.
لا للمنشطات.. نعم للروح الرياضيّة
تشابه الرياضة الالكترونية الرياضة العادية، إذ لها أخلاقياتها وقواعدها الأدبية، فمثلاً لا بد من شكر الفريق الأخر عبر كلمات محددة gg” مثل Good Game لعبة جيدة” في حال الخسارة.
كما يمكن أن يتعرض اللاعب للفصل والحرمان في حال قيامه بالمخالفات أو توجيه الإهانات للجمهور من المتابعين أو اللاعبين الآخرين.
وكالرياضات العادية، يمنع في الرياضات الالكترونية تعاطي المنشطات أو الأدوية التي تزيد التركيز وفعالية اللاعبين، إذ يؤدي تعاطيها للمنع والحرمان من المشاركة في البطولات.
رياضة أم منافسة؟
وبالرغم من الجدل حول طبيعة “الجهد” العقلي الذي يقوم به اللاعبون، فإن الكثيرين يرفضون الاعتراف بها، بسبب طغيان العامل الالكتروني على العامل البشري، إلى جانب غياب الجهد العضلي الحقيقي.
لكن هذا الجدل لا يثار حول ألعاب أخرى تعتبر رياضة حقيقيّة كالشطرنج أو البوكر، التي لا تحوي جهداً عضلياً. وتتوجه جهود القائمين على هذه الرياضات حالياً لجعل الرياضة الالكترونية رياضة أولمبية.
وكالات