ريادة

خبراء يقدّمون حزمة من المقترحات لتطوير بيئة ريادة الأعمال في المملكة

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – إبراهيم المبيضين

رغم الحراك الريادي الذي تشهده المملكة في كل القطاعات منذ اكثر من خمس سنوات، وتفضيل الشباب لدخول مضمار ريادة الاعمال وفتح شركاتهم الخاص بديلا عن الوظيفة التقليدية أو تجنبا للبطالة، ما تزال بيئة ريادة الاعمال تعاني الكثير من التحديات التي يتوجب تجاوزها للاستفادة من هذا القطاع الذي يمكن ان يسهم بفعالية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتوظيف.
ذلك ما أكد عليه خبراء ومسؤولون معنيون بريادة الاعمال شددوا أن مفهوم ريادة الاعمال في المملكة في مرحلة نضوج، وينقصه اجراءات وتشريعات وانظمة ومتطلبات تحسن بيئة الشركات الريادية وعملها، وخصوصا في مرحلة التأسيس.
وأشار هؤلاء إلى أن المحافظات في مجال ريادة الاعمال ودعم الشركات الريادية ما تزال تعاني تهميشا، اذ تتركز معظم الجهات والفعاليات الداعمة لريادة الأعمال في العاصمة عمان، وهو الامر الذي يجب التنبه له حتى نتمكن من احداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كل انحاء المملكة.
وتعتبر الشركات الناشئة والصغيرة من الاكثر قدرة على التوظيف، وخصوصا في مراحل توسعها في العمل، فيما تظهر الارقام الرسمية أن نسبة البطالة في الاردن بلغت 14.7 % في الربع الثاني من العام الحالي.
وخلصت دراسة لمؤسسة “ومضة” المعنية بريادة الأعمال، نشرت في ايلول (سبتمبر) الماضي، ان أكثر من 60 % من المنظمات الداعمة للشركات الناشئة تتواجد في مصر والأردن ولبنان والإمارات، ما يدلل على مكانة واهتمام الأردن بقطاع ريادة الاعمال.
وأكدت الدراسة أن ابرز التحديات التي تواجه رياديي الاعمال في توسيع اعمالهم هي: المقدرة على توليد الإيرادات، التسويق، الحصول على استثمارات، إيجاد العملاء.
وما يزال الاردنيون يقبلون على ريادة الاعمال وتأسيس مشاريعهم، وهذا يتضح من استطلاع للرأي قام به موقع التوظيف المعروف “بيت دوت كوم” ونشرت نتائجه اواخر العام الماضي، حيث خلص الى أن 66 % من المجيبين في الأردن يفضّلون خوض تجربة ريادة الأعمال، وهذا يؤكد اهمية دعم توجهات الشباب في تأسيس أعمالهم وفي مجال مساعدتهم على التوسع والنمو.

الهناندة: دعم ريادة الأعمال يجب أن يكون توجها استراتيجيا
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “زين الاردن” احمد الهناندة إن ريادة الاعمال لم تعد ترفا او مفهوما مقصورا على جهة او على قطاع دون آخر، لافتا الى انه يجب ان يكون توجّها استراتيجيا للأردن والحكومات المتعاقبة، وذلك لما يمكن ان تحققه الشركات الناشئة من مساهمات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد الهناندة في تصريحات لـ”الغد” أن دعم ريادة الاعمال في المملكة مسؤولية جماعية للقطاعين العام والخاص، موضحا أنه من المهم اليوم خلق سوق للشركات الناشئة في المملكة وذلك بفتح الباب من قبل القطاعين العام والخاص لشراء خدماتهم ومنتجاتهم كنوع من الدعم والتشجيع حتى يحصلوا على الثقة ويتمكنوا من التوسع في المستقبل.
وأشار إلى دور القطاع الخاص في تعزيز مسؤوليته الاجتماعية تجاه دعم ريادة الاعمال لدرجة يكون فيها دعم الشركات الناشئة جزءا من حياة الشركة، فضلا عن الدور الذي يمكن ان تلعبه كبرى شركات القطاع الخاص في اعتماد خدمات ومنتجات الشركات الناشئة تشجيعا لها، والترويج والمساهمة في توفير الإرشاد والتوجيه والتسويق لهذه الشركات.
ولفت الهناندة الانتباه إلى ان جهود دعم ريادة الاعمال في المملكة مشتتة نوعا ما وموزعة بين الكثير من الجهات الحكومية وغير الحكومية والمبادرات وحاضنات الاعمال، الامر الذي يتطلب جمعها وتوحيدها تحت مظلة واحدة (جهة واحدة ليس بالضرورة ان تكون حكومية)، وذلك لتسهيل دعم الشركات الريادية وتسهيل اجراءات عملها وتاسيسها وتوسعها.
وقال بان هذه الجهة المقترحة ليس مهمتها الاستثمار في الشركات الريادية، ولكن مهمتها توحيد جهود الجهات الداعمة للريادة والحديث والدفاع والسعي لتطوير بيئة ريادة الاعمال، اي تكون صوتا للشركات الناشئة.

خضر: أهمية النظام التعليمي في دعم الريادة
وترى الريادية الاردنية حنان خضر، التي فضلت قبل اكثر من 8 سنوات ترك وظيفة تقليدية كانت تدر عليها دخلا مرتفعا لخوض تجربة ريادة الاعمال في الاردن من خلال مشروعين متخصصين في تقنية المعلومات، أن ريادة الاعمال هي “الامل الوحيد” لتحسين اقتصاد بلد مثل الاردن يفتقر الى الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة، ويتميز بموارده البشرية، لافتة الى الدور الذي من الممكن ان تعلبه الشركات الناشئة والريادية في تقليل معدلات البطالة في الاردن.
وقالت خضر بان هناك العديد من المبادرات الوطنية والقرارات الحكومية او غير الحكومية التي تطلق بين الحين والاخر لدعم الريادة او دعم قطاع معين، ولكن هذه المبادرات على مسعاها المفيد واهدافها الايجابية، الا انها تواجه تحديات التنفيذ وبالتالي لا تصل نتائجها الى المستوى المطلوب.
وأوضحت أنه ما يزال هناك الكثير من التحديات التي تواجه الرياديين وخصوصا في بدايات التأسيس والبدء بتطوير المنتج، ومنها الاجراءات الحكومية لتاسيس الشركة مثل: الضمان الاجتماعي ورخص المهن، والتسجيل في مراقبة الشركات.
كما اشارت الى ان الحكومة بؤسساتها المختلفة لا تزال بعيدة عن واقع ريادة الاعمال ومشتتة في جهودها لدعم هذا القطاع، حيث يجب ان يكون هناك توجه عام واستراتيجي يوجه جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية نحو هدف واحد هو دعم ريادة الاعمال والتسهيل على الرياديين لا سيما في بدايات التاسيس وتحويل الافكار الى منتجات وخدمات.
وشددت خضر من واقع تجربتها على اهمية النظام التعليمي في المملكة وتطويره بشكل يدعم مفاهيم ريادة الاعمال مقترحة اعتماد مناهج ومساقات دراسية لتعليم الاطفال والشباب مبادىء ريادة الاعمال الصحيحة، وتطوير مناهجنا نحو التعليم التفاعلي بدلا من الاعتماد طوال الوقت على التلقين الذي لا يفدي الطالب في مستقبله.

“ومضة”: بيئة الريادة في الأردن ناضجة وينتظرها نمو
قبل أكثر من شهر ونصف التقت “الغد” المدير التنفيذي في ومضة (منصّة تمكين روّاد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) حبيب حداد الذي وصف مفهوم الريادة في الأردن بانه ” في أحسن حال”، وبأن الحراك الريادي من قبل الشباب الأردني والمؤسسات المعنية بريادة الأعمال قد قطع أشواطا كبيرة خلال السنوات الماضية، ما يبشر بالكثير من الفرص والنجاحات.
وأكد حداد وقتها أن الريادة في الأردن قد دخلت مرحلة النمو والنضوج، ورغم التطور الحاصل في بيئة وحراك الرياديين في الأردن، الا ان جملة من التحديات ما تزال ماثلة في هذا المجال، بحسب ما قال حداد، منها محدودية وصغر حجم السوق الأردني، ولذلك نرى أن شركات ريادة أردنية بدأت بالتوجه والعمل من أسواق أخرى.
وأشار إلى تحدي التمويل للشركات الريادية، وهو التحدي الذي بدأ يشهد تسهيلات أكثر من ذي قبل.

البيطار: يجب العمل على تسهيل إجراءات التمويل للرياديين
وقدّمت جمعية شركات تقنية المعلومات والإتصالات الاردنية (انتاج)، مؤخرا، 8 مقترحات لتحسين واقع وبيئة ريادة الاعمال في المملكة.
وأكد المدير التنفيذي للجمعية المهندس نضال البيطار لـ”الغد” اهمية التشريعات والتمويل لدعم ريادة الاعمال، وقال: “يجب العمل على توفير التشريعات الملائمة، وتحفيز المؤسسات المالية لوصول الرياديين إلى التمويل اللازم لتأسيس الشركة أو لضمان استمرارية وتوسيع نطاق اعمالهم”، معتبرا أن الضمانات التقليدية التي تشترطها البنوك التجارية ومؤسسات الإقراض لتقديم التمويل لها “غير مجدية” و”غير عملية”، حيث ان معظم البنوك التجارية تطلب ضمانات غير منطقية من الرياديين والشركات الناشئة.
وشدّد البيطار على أهمية توفير مناهج ومواد دراسية، ومن بداية المراحل الأولى في المدارس إلى التخرج من المعاهد والكليات والجامعات، تتناول ريادة الاعمال والإبداع والابتكار وتقديمها كمناهج إلزامية لكافة المساقات وليس فقط لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
كما أكّد أهمية إقرار تعديل “قانون الافلاس للشركات” بشكل يوفر بيئة محفزة أكثر للشباب للمباشرة بمشروعاتهم دون الخوف من عواقب فشلها، لافتا الى ان الفشل هو أمر متوقع في مضمار ريادة الاعمال فالكثير من الرياديين يفشلون مرة واثنتين وثلاثة واكثر من ذلك حتى يصلوا الى النجاح.
واقترح البيطار ايضا اعتبار الاستثمار في الشركات الناشئة من المصاريف المعفاة من ضريبة الدخل، وهو أمر يحفز المزيد من المستثمرين لضخ استثمارات في الشركات الناشئة. وقال: “هناك حاجة ماسة لوضع قانون او تشريع خاص بصناديق رأس “المال المغامر” يحفز الشركات التي تعمل في هذا المجال مزاولة نشاطها في الأردن وزيادة استثماراتها في الشركات الناشئة”.
واقترح إعفاء شركات تكنولوجيا المعلومات الناشئة من التسجيل في الضمان الاجتماعي لمدة 3 سنوات والزيادة بشكل تدريجي، واقترح ايضا إعفاء شركات تكنولوجيا المعلومات الناشئة من التسجيل في رخص المهن لمدة 3 سنوات.
ولفت الانتباه الى ان الشركات الناشئة يطلب منها عادة أن تسجل كشركة ذات مسؤولية محدودة، وهذا يتطلب ميزانية سنوية علماً أن معظم هذه الشركات تقوم على فكرة تتطلب جهدا وعملا مدة سنة أو أكثر بدون جني أي أرباح، هذا أمر يجعل من الشركة عرضة للتصفية.

هنديلة: التوجه الى المحافظات في دعم ريادة الاعمال
من جانبها، شدّدت رئيسة مجلس الإدارة لجمعية الرواد الشباب لينا هنديلة أن دعم الريادة والشركات الناشئة جزء اساسي لتطوير نمط فكري جديد يسهم في تحسين الاقتصاد والنمو الاقتصادي، مشيرة الى ان الريادي الحقيقي الذي يبدأ من الصفر ويعاني في بداياته دائما ما ينقل اثره الايجابي على المجتمع والشباب، ما يوسع من نطاق التاثيرات الايجابية لريادة الاعمال.
وقالت هنديلة: ما زلنا نركّز على العاصمة في كل شيء حتى في دعم الريادة وتوفير الجهات الداعمة للريادة والفعاليات المنضوية تحتها.
وأكدت أن على الحكومة والقطاع الخاص والجهات والمبادرات المعنية بدعم ريادة الاعمال ان تتوجه وتعمم فكرة مساعدة الشركات الريادية على المحافظات التي يعيش فيها ويتواجد الكثير من الشباب الطموح ومن اصحاب المواهب والافكار.
وقالت: هؤلاء يحتاجون الى توجيه وارشاد وجهات تحتضنهم، مثل العاصمة التي تعج بالكثير من الجهات التي يمكن ان تساعد الشركات الريادية في العاصمة، لافتة إلى ضرورة فهم احتياجات الشركات الريادية والشباب في المحافظات والذين تختلف همومهم واحتياجاتهم عن اهتمامات واحتياجات الرياديين في العاصمة.
ودعت هنديلة الى رسم خريطة طريق ودراسة شاملة لفهم احتياجات الشباب والرياديين في محافظات المملكة كافة حتى تعم الفائدة ونسهم في احداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة.

رسلان: يجب تطوير النظام التعليمي وإدراج مفاهيم الريادة فيه
مبادرة “رحلة الى الابتكار” التي تاسست وانطلقت في العام 2010 واختلطت وادمجت في فعالياتها الهادفة لنشر ثقافة الريادة والابتكار مئات الشباب الاردني من مختلف مناطق المملكة، ويقيمّ احد مؤسسي هذه المبادرة بلال رسلان بيئة الريادة في الاردن بانها “بيئة ناضجة نسبيا” مقارنة مع المنطقة العربية.
ويرى رسلان أن بيئة ريادة الاعمال في المملكة تتميز “بتعدد اليات الإستثمار” مثل: القروض والمنح وغيرها، ونضج عقلية المستثمرين، لافتا الى ان هناك حاجة ماسة الى المزيد من حاضنات الأعمال المؤهلة والتي تساعد الريادي على صقل وتطوير وتسويق فكرته.
كما أشار رسلان الى ان التعليم المدرسي والجامعي في الاردن يفتقر للمناهج والأدوات التي تنمي نزعة ريادة الأعمال لدى الطالب.
واستعرض رسلان مجموعة من المشاكل التي يواجهها الرياديون في الأردن ومنها: ثقافة الإتكالية، خصوصا في الدعم المالي (الاستثمار) وعدم الوعي الكافي لأهمية التمويل الذاتي والتقشف في بداية المشروع، واقتناص الوقت المناسب لجلب الاستثمار، وارتفاع أسعار خدمات مساندة الأعمال للشركات الناشئة (الاستشارات القانونية، التدقيق المالي، وغيرها من الخدمات)، وعدم وجود تسهيلات ضريبية ومالية للشركات الناشئة، الى جانب قلة الأيدي العاملة المؤهلة.
ولتطوير بيئة ريادة الاعمال اقترح رسلان تشجيع الحكومة لبناء حاضنات الأعمال الخاصة (حاضنات وليس مسارعات الأعمال)، وإيجاد نظام للاستفادة من الخدمات الإستشارية (مالية، تسويق، قانونية، تكنولوجيا) بأسعار مقبولة.
كما اشار الى اهمية تفعيل نظم الترخيص المنزلي للمهن، وتطوير المناهج التعليمية وإدراج برامج لدعم ريادة الأعمال بفعالية ضمن المنهاج الرئيسي للمدرسة أو الجامعة.

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى