مقالات

نتفلكس .. حُلم السيطرة العالمية هل تبخّر؟

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي
وُلدت نتفلكس ٣ مرات خلال ٢٠ عام، كانت الإنطلاقة الأولى في عام ١٩٩٧م حيث بدأت الشركة بخدمة عرض الأفلام على DVD وإيصالها بالبريد للعملاء. ووُلدت مرة أخرى في عام ٢٠٠٧م بعد إطلاق خدمة البث على الإنترنت للأفلام وأخيرا الولادة التي شهدها الجميع وسمع بها في عام ٢٠١٦م وذلك بإطلاق خدمات نتفلكس على مستوى العالم والتوسع بالخدمات لأكثر من ١٠٠ دولة دُفعة واحدة.
كانت الإنطلاقة الحقيقة لشركة نتفلكس عندما تحولت وركزت خدماتها على إطلاق الأفلام من خلال الإنترنت وإتاحتها للعملاء، وساعدها في ذلك انتشار وتطور سرعات شبكات الإنترنت إضافة إلى هوس الناس بإقتناء الأجهزة اللوحية والجوالات. كانت هذه الميزة عامل رئيسي في جذب العملاء واقتناعهم بالخدمة وهو ما عززت الشركة منه بتأكيدها أن محتواها تستطيع أن تراه من أي مكان وفي أي وقت، وهو عكس ما تعتمد عليه خدمات التلفزيون في أمريكا التي يضطر العميل لدفع قيمة الكيبل الخاص بالتلفزيون للحصول على القنوات التي يريدها ويكون جدوله محصور ومرتبط بجدول العرض الخاص بالقناة.
وحتى يسهل للقارئ تتبع مسار تطور الشركة ومدى نجاحها في تحقيق أهدافها من زيادة المبيعات وزيادة أعداد المشتركين سيتم في هذه المقال دراسة الفترة بين ٢٠١٠م وحتى نتائج الربع الثاني من عام ٢٠١٦م. وهي فترة طويلة نوعا ما وحدثت فيها تغييرات وقرارات تاريخية وجذرية في مسيرة الشركة لذلك سيتم دراستها على ثلاث مراحل للتسهيل على القارئ في تتبع الأحداث ومعرفة أثر كل فترة وقراراتها على مسيرة الشركة. الفترة الأولى ستكون للفترة( ٢٠١٠م-٢٠١٢م) ثم (٢٠١٣م-٢٠١٥) ثم عام ٢٠١٦م لوحده. وسيتم شرح الأسباب لاختيار هذا التقسيم لاحقا، علما أنه لا يعني هذا التقسيم مقارنة النتائج بين الفترات الثلاث لأن المقارنة لن تكون مُنصفة لاختلاف الفترة الزمنية بينهم إضافة لاختلاف ظروف الشركة خلال مدة التحليل في هذه المقالة. والهدف هنا فقط دراسة أثر قرارات الشركة في تحقيق أهدافها ماليا ورقميا. كانت الشركة تعمل على خطين متوازيين لزيادة المبيعات والأرباح فقامت بالتوسع بالخدمات لدول أكثر مما يزيد من عدد المشتركين وإضافة محتوى من إنتاج نتفلكس يضيف ميزة حصرية لها ولمتابعيها.
المرحلة الأولى (٢٠١٠م-٢٠١٢م) الشركة خلال هذه الفترة انطلقت لأول مرة خارج أسوار أمريكا وكان هذا القرار مهم جدا في انتشار نتفلكس والدخول في أسواق جديدة. فالشركة اطلقت خدمة البث على الإنترنت في أمريكا فقط واستمرت لثلاث سنوات من الفترة (٢٠٠٧م – ٢٠٠٩م) وفي عام ٢٠١٠م توسعت الشركة في خدماتها لتضيف كندا. وفي عام ٢٠١١م توسعت الشركة لتضيف دول أمريكا اللاتينيه. ثم في عام ٢٠١٢م توسعت لتضيف ٥ دول أوروبية. هذه التوسعات لوحدها أضافت لخزينة عدد المشتركين لنتفلكس ١٣ مليون مشترك جديد منذ عام ٢٠١٠ وحتى ٢٠١٢م ليكون إجمالي عدد المشتركين ٣٣ مليون ( ٦ مليون من خارج أمريكا و ٢٧ مليون من داخل أمريكا). هذه الإضافة من المتابعين والتوسع في دول جديدة لم تضف قيمة كبير على مبيعات الشركات واستمرت مبيعاتها في حدود ٣ مليار دولار خلال هذه الفترة. وهذا بطبيعة الحال يعكس أن التوسع الجغرافي للشركة لوحده لن يخدم الشركة ولن يدعم أرباحها بشكل كبير.
هذه الصدمة التي حصلت للشركة بعد التوسع في عدة دول جعلها تتريث في مسألة التوسع في إضافة دول جديدة خلال عام ٢٠١٣م وهو ما نتج عنه إضافة دولة وحيدة فقط وهي هولندا. ولكن في عام ٢٠١٣م دخلت نتفلكس المرحلة الثانية (٢٠١٣م-٢٠١٥م) وهي إنتاج برامج خاصة بها وتغير شكل عرض المسلسلات كليا! في عام ٢٠١٣م اطلقت الشركة مسلسلها الشهير House of Cards ثم مسلسل Orange is the new black وهي الإنطلاقة الحقيقة الأولى للشركة في إنتاج برامج خاصة بها وقبل الخوض في السنوات التالية ٢٠١٤ و ٢٠١٥. ماذا أضاف هذي المسلسلين لنتفلكس خلال عام واحد من اطلاقهم؟ زادت المبيعات حتى بلغت ٤ ونصف المليار دولار تقريبا وهو رقم لم تصله مبيعات الشركة سابقا مع التوسع الجغرافي إضافة أن عدد المشتركين خلال المرحلة الأولى بأكملها زاد ١٣ مليون مشترك. بينما في عام ٢٠١٣ لوحده زاد عدد المشتركين ١٠ مليون مشترك. ليصل عدد المشتركين إجمالا ٤٤ مليون مشترك (٣٣ مليون منهم من أمريكا ، ١١ مليون من خارج أمريكا). وهذا العام تحديدا يبيّن أثر تغير فِكر نتفلكس بالإعتماد على مسلسلات من إنتاجها الخاص وذلك لأنه في عام ٢٠١٣م لم يتم التوسع الا بدولة واحدة فقط ومع ذلك زاد عدد المشتركين ١٠ مليون مما يجعل الإيمان أن التأثير القوي لزيادة المتابعين كان من المسلسلين الحصرية التي أنتجتهم وتحديدا مسلسل House of Cards لما كسبه من شهره عالمية كبيرة بفضل حبكة القصة وإيجادة الأدوار من قبل بَطلي المسلسل.
خلال العامين المتبقية من هذه المرحلة أطلقت نتفلكس مسلسلات جديدة في عام ٢٠١٤ و ٢٠١٥ وأشهرها Marco Polo و Marvels Daredevil, Narcos وتوسعت أيضا من جديد في عام ٢٠١٤ و ٢٠١٥ لتضيف ما يزيد عن ١٠ دول ما بين دول اوروبية و شرق اسيوية. خلال هذه العامين دمجت الشركة بين سياسة التوسع الجغرافي بالإضافة إلى زيادة الإنتاج الحصري لها وكان له أثر إيجابي كبير حيث زاد عدد المشتركين إجمالا ليصل ٧٥ مليون مشترك في عام ٢٠١٥ مقارنة مع ٤٤ مليون مشترك في عام ٢٠١٣م. وهو ما يعني إضافة ٣١ مليون خلال سنتين فقط وهو رقم كبير لم تحقق الشركة مثل هذه النسبة في زيادة المشتركين سابقا.
بعد تجربة نتفلكس في المرحلة الأولى من التوسع الجغرافي لوحده ثم تجربة الإنتاج الحصري لوحده في عام ٢٠١٣م وبعد خوض تجربة الدمج بين الأمرين في عام ٢٠١٤ و ٢٠١٥. انفتحت شهية نتفلكس لاعادة تجربة ٢٠١٤ و ٢٠١٥ ولكن بشكل أكبر وأضخم! وهي المرحلة الثالثة في هذا المقال والتي تغطي الربع الأول والربع الثاني من عام ٢٠١٦م. عزمت نتفلكس على الإنفتاح على العالم بأجمعه تقريبا بإتاحة خدماتها لأكثر من ١٣٠ دولة مرة واحدة ووعدت مستثمريها أنها ستطلق ما مجموعه ٦٠٠ ساعة خلال عام ٢٠١٦م من الإنتاج الحصري للمسلسلات على شبكتها وبمعدل ٤٥ دقيقة للحلقة الواحدة كما هو متعارف عليه في حلقات المسلسلات فهذا يعني ٨٠٠ حلقة جديدة. خلال عام واحد فقط وهذه كلها أرقام كبيرة جدا نظريا من المفترض أن تقفز بالشركة وبأرباحها وعدد مشتركيها لمستويات أعلى مما كانت عليه في المراحل السابقة.
جاءت نتائج الربع الأول إيجابية جدا من حيث عدد المشتركين فقفز عدد المشتركين فيه حوالي ٧ مليون مشترك جديد ليصل إلى ٨٢ مليون مشترك، ٣٤ مليون مشترك منهم من خارج أمريكا. وهذه الزيادة في ٣ أشهر ضعف الزيادة التي كانت تحصل عليها نتفلكس في السنتين السابقة حيث أنه كان بالمعدل إضافة مليون ومئتين ألف مشترك شهريا بينما في الربع الأول بلغ المعدل شهريا ٢ مليون و ٣٠٠ ألف مشترك. شخصيا كنت أتوقع أنه خلال الربع الأول سيزيد عدد المشتركين بشكل كبير جدا ثم ستنخفض نسبة الزيادة في الربع الثاني بشكل كبير. هذا الإنطباع تولّد لدي بعد تجربة الإشتراك في نتفلكس عند اطلاق الخدمة في السعودية ضمن خطة التوسع الجغرافي الضخمة. غالبية ساحقة من المشتركين الجدد انصدموا بمحتوى المكتبات الخاصة في بلدانهم ليكتشف المشترك الجديد أن محتوى مكتبة نتفلكس من الأفلام والمسلسلات في أمريكا على سبيل المثال أضخم من مثيلتها في مكتبة السعودية وهو أمر مُحبط حيث كان جزء كبير من محتوى المكتبة في عدة دول من الدول المضافة مؤخرا محتوى قديم لمحبي الأفلام وسبق أن تمت مشاهدته منذ مدة طويلة. بعد هذا الإحباط انتشرت بين المشتركين الجدد حول العالم ما يعرف بـ خطة ب وهي التحايل على نظام نتفلكس بتغيير موقع الدولة باستخدام VPN أو DNS ليتمكن المشترك من تصفح مكتبة الأفلام من أي دولة يختارها خصوصا المكتبة الأمريكية. هذا الخيار أعجب البعض واستمر عليه. والبعض الآخر لم يناسبه والسبب أن تكلفة الاشتراك زادت لما يقارب الضعف تقريبا فالإشتراك الشهري لنتفلكس ١٠ دولار تقريبا إضافة لتكلفة الإشتراك بخدمة DNS او VPN من مزود آخر لتصبح التكلفة الإجمالية شهريا ما بين ١٥ – ٢٠ دولار شهري. إضافة لذلك أعلنت نتفلكس أنها ستغلق وتمنع أي محاولة لمثل هذا التحايل حسب ما تستطيع تقنيا.
هذه الصدمة لدى المشتركين الجدد جعلت الشركة تشعر بحجم الخطأ الذي من الممكن أن يدمر أحلامها الوردية فوعدت بتطوير وتوسيع المكتبات للدول الجديدة مع مرور الوقت. لذلك لم يكن هناك الحماس الكافي لدى المتابعين لأخبار نتفلكس في الدول الجديدة المضافة مؤخرا للاشتراك بخدمات نتفلكس وهو ما انعكس بشكل واضح بانخفاض نسبة زيادة المشتركين والإكتفاء بإضافة مليون و ٧٠٠ ألف مشترك فقط خلال الربع الثاني من عام ٢٠١٦ بأكمله! بمعدل شهري ( ٥٦٦ ألف مشترك شهريا) وهو رقم أقل بكثير من المعدل الشهري الذي حصلت عليه الشركة في الربع الأول (٢ مليون و ٣٠٠ ألف شهري) وهو ما يعكس الحالة السلبية التي عمّت المهتمين بخدمات نتفلكس. والصدمة من عدد المشتركين خلال الربع تُرجمت بشكل فوري عن طريق هبوط سعر السهم بالسوق الأمريكي بعد الإعلان بحوالي ١٣٪ وهو ما يعكس ردة فعل المستثمرين وثقتهم بنجاح الشركة.
لماذا فشل التوسع الكبير حتى الآن؟ لا يمكن الجزم بفشل تجربة نتفلكس بالتوسع العالمي بناء على نتائج الربع الأول والثاني فقط. لكن كتحليل حتى هذه الفترة يمكن تلخيص أسباب الفشل بعدة نقاط، ١- صعوبة التوسع بالمكتبات في جميع الدول لاختلاف حقوق الملكية وعقودها التي ترتبط نتفلكس فيها مع المالك الرئيسي للمحتوى وهذا ينطبق على المسلسلات والأفلام المُنتجة من شركات غير نتفلكس وهو ما جعل محتوى المكتبات في الدول المضافة مؤخرا قديم وغير مشجع للاستمرار في الإشتراك. ٢- الدول التي توسعت فيها نتفلكس للأعوام السابقة ٢٠١٠ وحتى ٢٠١٥ كانت غالبا من الدول التي لديها نظام عالي وعقوبات رادعه لمسألة حقوق الملكية وهو ما يمنع من انتشار الإعتماد على الطرق الغير شرعية في مشاهدة الأفلام لذلك يضطر المواطن في هذه الدول إلى الإشتراك في خدمات رسمية تقدم له المحتوى بشكل قانوني. إضافة لذلك أن القنوات التلفزيونية غير مجانية في هذه الدول وهو ما يضطر المواطن لدفع اشتراك شهري عالي القيمة للحصول على كيبل تلفزيون وعند مقارنة التكلفة المادية نرى أن الكفة تميل كثيرا لصالح نتفلكس بحكم التكلفة المنخفضة جدا مع الأخذ بالإعتبار المحتوى والفروقات بينهم. ٣- الدول التي توسعت فيها نتفلكس في التوسع الأخير ضمت عدد كبير جدا من الدول التي تواجه فيها عدة مشاكل إما أن خدمات الإنترنت فيها غير جيدة لتسمح بمشاهدة المحتوى دون توقف البث خلال المشاهدة أو أنه لا يوجد نظام وقانون رادع لمسألة الحقوق الفكرية فتجد اعتماد الكثيرين على مشاهدة الأفلام والمسلسلات مجانا بطرق غير شرعية.
ماذا عن الصين؟ قطعا الصين رقم صعب لا يمكن تجاهله في أي صناعة كانت والدخول والنجاح في السوق الصيني يعني الكثير لأي شركة ويعتبر علامة فارقة في نتائجها المالية. ما زالت نتفلكس تحاول الدخول للسوق الصيني ولكن يبدو أنها تواجه مشاكل في ذلك. الصين سوق صعب وذلك بحكم طبيعة الصينيين هناك. فالصينيين عُرف عنهم حبهم لتقليد أي شيء معروف عالميا وإعادة إنتاجه بقالب صيني تماما، ورأينا ذلك في عدة شبكات إجتماعية حيث صمموا الشبكات الإجتماعية الخاصة بهم إضافة إلى موقع علي بابا الشهير وهو مشابه لخدمات أمازون تقريبا فالشعب الصيني يُحب أن يحاكي الفكرة الموجودة ويقوم بصناعتها من جديد صناعة صينية ١٠٠٪. وهذا ما يطرح تساؤل هل يقبل الصينيين دخول نتفلكس عليهم أو أنهم سيقومون كما هي عادتهم بصناعة شركة جديدة تحاكي نتفلكس لذلك لا تتمكن نتفلكس من المنافسة في السوق الصيني منذ البداية. إضافة لذلك أن الأفلام والمسلسلات الإنجليزية من الممكن أن تجد شهرتها الواسعة عالميا في عدة دول لكن الصينيين سيفضلون أفلام تحاكيهم بلغتهم وتكون قريبة من ثقافتهم الآسيوية بعيدا عن الثقافة الأمريكية. فهل تستطيع نتفلكس إنتاج ملسلات صينية تكون على مستوى عالي يُمكّنها من جذب المشاهد الصيني لها عند دخولها للسوق؟
العلامة الفارقة House of cards والمسلسلات دُفعة واحدة!
هذا المسلسل لم يكن مجرد خدمة من خدمات نتفلكس وإنما كان نقطة تحول للشركة بأكملها وهو ما يمكن مشاهدته عندما كتبت الشركة لمستثمريها ما نصّه:
(We believe that February 1st will be a defining moment in the development of Internet TV)
وتعني بذلك اليوم الذي سيطلق فيه مسلسلها الشهير. إضافة لذلك نتفلكس غيّرت طريقة العرض للمسلسلات ولأول مرة في تاريخ المسلسلات الحديثة المعروف عنها نزول الحلقات بشكل تدريجي. لذلك كتبت نتفلكس لمستثمريها
(Imagine if books were always released one chapter per week, and were only briefly available to read at 8pm on Thursday. And then someone flipped a switch, suddenly allowing people to enjoy an entire book, all at their own pace. That is the change we are bringing about. That is the future of television. That is Internet TV)
اتخذت نتفلكس سياسة مغايرة لما تقوم به القنوات التلفزيونية من طرح حلقات المسلسلات على دفعات عادة تكون حلقة كل أسبوع. لذلك كانت نظرة نتفلكس مختلفة وهو أنها تقوم بطرح كامل المسلسل دفعة واحدة ليستفيد العميل من مشاهدة المسلسل كيفما شاء وقتما شاء. هذه الميزة إيجابية وسلبية في ذات الوقت. إيجابية لأنها تجربة جميلة للعميل بالحصول على كامل المسلسل مرة واحدة. ولكن سلبيتها الكبيرة على الشركة مع مرور الوقت كالتالي: نظام الإشتراكات الحالي في نتفلكس يتيح للمشترك الإشتراك وإيقاف الإشتراك مباشرة دون الإرتباط بعقد طويل المدى مثل سنة أو ٦ أشهر. وهذا يعني إمكانية أن يقوم المشترك بالإشتراك في الشهر الذي يتم طرح مسلسلاته التي يريدها ثم بعد مشاهدتها جميعا يلغي الإشتراك دون الحاجة للدفع الشهري طوال العام. هذا سيجعل الشركة مستقبلا أمام خيارين. إما أن تغير من طريقة الإشتراك بحيث يكون هناك حد أدنى للاشتراك ٦ أشهر فأكثر لضمان استمرار المشترك لفترة أطول. أو أن تضطر نتفلكس لتوزيع المواسم الجديدة لمختلف مسلسلاتها بحيث تغطي فترة ١٢ شهر بمعدل موسم لكل شهر على أقل تقدير بحيث تستطيع جذب العميل لأطول فترة ممكن خلال العام. وهذا الخيار مُكلف ماديا بشكل كبير ولا أعتقد أن الشركة يمكن أن تقوم به خلال الفترة القصيرة القادمة على أقل تقدير.
نتفلكس والمنافسين لها؟
يبدو أن سمعة نتفلكس تسبقها كما يقولون، على تعدد المنافسين لنتفلكس، نلحظ ان الغالبية احيانا لا تعرف أسماء المنافسين لنتفلكس وهو ما يعكس سيطرة نتفلكس وغلبتها على المشهد حتى الآن. وبالعموم من أهم الأسماء التي تقدم خدمات مشابه وقريبة جدا من نتفلكس هي Amazon veido و Hulu. ذكرت نتفلكس في أحد تقاريرها لعموم المستثمرين بالشركة أنها حصرت أهم ٢٠٠ فلم ومسلسل في باقة نتفلكس وقارنتها مع الموجود بمكتبة أمازون و Hulu كنوع من المقارنة مع المنافسين. فوجدت أن أمازون تمتلك ما يقارب ٩٧ اسم فقط من قائمة أفضل ٢٠٠ لدى نتفلكس. و Hulu أقل من ذلك بكثير. وهذا مثال عملي على التلاعب بالأرقام لترجيح الرأي الذي تريده. لأن المنصف في هذه الحالة سيكون لو اختار نتفلكس قائمة بأفضل ٢٠٠ فيلم من موقع محايد حسب تصويت المشاهدين مثل IMDB ثم قارنت عدد الأسماء التي تحتويها مكتبتها مع بقية المنافسين لذات القائمة.
قامت نتفلكس أيضا بعرض تقرير يوضح نسبة استحواذها في أمريكا لوحدها حسب حجم البيانات المُحملة فكانت النسبة تقارب ٣٥٪ بينما امازون 4% و Hulu ٣٪. وبعد التوسع العالمي الأخير لنتفلكس يبدو أن الفارق بينها وبين المنافسين سيزداد أو على أقل الأحول سيؤخر من الفترة الزمنية التي يحتاجونها للوصول لذات الإنتشار التي قامت به نتفلكس.
في نهاية المطاف نتفلكس نجحت نجاح كبير في إنتاج مسلسلات حصرية لها وكانت على مستوى عالي من الجودة والحبكة والأداء حظوظ الشركة ستكون كبيرة جدا لو استمرت في التوسع بالإنتاج الحصري لها من المسلسلات وهو ما سيسحب البساط من سيطرة التلفزيون التقليدي إضافة لذلك تحتاج الشركة التوسع في أفكارها من الحصول على بث مباشر للمباريات العالمية أو الفعاليات الرئيسية حول العالم. لأن الإنتاج الحصري لنتفلكس يبدو أن تأثيره إيجابي بشكل أكبر من التوسع الجغرافي لوحده. ويبقى هذا التحليل لقياس أثر التوسع خلال الربعين الأول والثاني وسيكون من المُنصف إصدار تحليل إلحاقي عند إعلان نتفلكس تقرير السنة المالية لعام ٢٠١٦م مع بداية عام ٢٠١٧ لتتم مقارنة كامل السنة مع السنوات السابقة.
عالم التقنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى