خاصمقالات

شبكات الإنفصال الإجتماعي

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – إبراهيم المبيضين

لا تزال تداعيات محاولة الإنقلاب الفاشلة على النظام في تركيا حاضرة على صفحات التواصل الاجتماعي في الأردن، رغم مرور 4 أيام على الحدث،……

ولا تزال النقاشات – التي غلب عليها ” طابع الهجوم” و ” الحدّية” بين مستخدمي وناشطي ” السوشيال ميديا” في الأردن مستمرة بين طرفين مؤيد ومعارض لمحاولة الإنقلاب التي بدات وانتهت بفشل في ساعات قليلة،….

هذه لم تكن المرة الاولى التي تتحول فيها شبكات التواصل الاجتماعي الى ما يشبه ” ساحة المعركة” لمجرد الاختلاف في الراي والقناعات والأفكار حول حدث ما : اجتماعي، اقتصادي، سياسي، رياضي….

لست ضليعا ولا خبيرا في مضمار السياسة ولا في الشأن التركي، كل ما شعرت به من قلق ليلة الجمعة الماضية كان مردّه الخوف من ان تنزلق دولة بحجم تركيا الى مستنقع ” عدم الاستقرار” و الدمار والقتل الذي لا يتوقف منذ سنوات في منطقتنا وحول العالم.

لن أتحدث اكثر من ذلك في مجال لست متخصصا فيه واتركه لخبراء السياسة،….

ما اريد الحديث عنه اليوم هو ” الانقلاب” في شكل ومحتوى ووظيفة منصات السوشيال ميديا في الاردن الأيام القليلة الماضية من ” التواصل الاجتماعي” الى ” الإنفصال الإجتماعي”.

ولا أبالغ في تسميته بـ ” إنفصال اجتماعي” ….. فالمنشورات والتعليقات والحوارات الحادة التي دارت بين المستخدمين الاردنيين على شبكات التواصل الاجتماعي قسمت الناس بشكل حاد، وخلقت خلافات كبيرة بينهم وصلت حدود حظر بعضهم البعض على منصات التواصل وحتى الخلاف والتهديد بانهاء الصداقات في العالم الواقعي.

سمعت عن الكثير من حالات الخلاف التي انتقلت بين الاصدقاء من العالم الافتراضي الى العالم الواقعي، وببساطة كانت الاختلافات في الأراء والمواقف وطريقة التعبير عنها بشكل حاد سببا في تحول وظيفة هذه الشبكات من التواصل الى الانفصال.

تعلمنا الايام الاربعة الماضية الكثير في مضمار شبكات التواصل الإجتماعي، فمرة أخرى تثبت هذه الشبكات مدى تأثيرها في حياة الناس لانتشارها وسرعتها في نقل المحتوى ، ومدى اعتماد المستخدمين عليها في الحصول على الخبر، او للتعبير عن الرأي.

لكن هذه المحتوى سواء كان محتوى اخباري منقول من مصدر ما، او محتوى من صنع المستخدم ( عندما يعبّر عن رايه ويحلّل حدث ما ) ، كان في الايام الاربعة الماضية مليئا بالمبالغات والسلبية.

علينا إدراك اهمية نشر ومشاركة ما نحن متاكدون منه من اخبار، وبمصادر موثوقة ، حتى لا نساهم بشكل او باخر في نقل الاشاعات، وكثيرة هي الامثلة التي شاهدناها في نقل اخبار مغلوطة او غير موثقة حول ما حدث في تركيا وتداعيات الحدث.

وتزداد اهمية التوثق والتاكد من الاخبار اكثر في الحالات التي تشوبها اجواء الالتباس وقلة المعلومات كما حدث في الساعات الاولى من الحدث التركي ليلة الجمعة الماضية، حيث كان الجميع يترقب ويتلقف اية اخبار قد يندس فيها الكثير من الأشاعات المغرضة.

وبشأن المحتوى الذي ننشره كمستخدمين راينا جميعا كيف بالغ الكثيرون في ابداء اراءهم حول ما حدث بتركيا، كانت المبالغة تظهر اولا في طريقة التعبير التي تميزت بالسلبية في كثير من الاحيان وكأن من يخالفك في الراي هو عدوك، كما ظهرت المبالغة في تكرار الراي والتحليل اكثر من مرة من قبل نفس المستخدم.

علاوة على ذلك شاهدنا التحليلات السياسية من اشخاص غر متخصصين في مضمار السياسة او حتى الشان التركي، ليس صحيا ان نعبر عن الراي ونحلّل لمجرد التواجد والسير مع التيار على شبكات التواصل الاجتماعي.

واخيرا اود التاكيد مجددا على اهمية الظهور بايجابية على شبكات التواصل الاجتماعي حتى ولو اختلفنا في الراي، …..

دعونا نسمع بعضنا بعضا على هذه الشبكات الجماهيرية ، علينا ان نتحاور بطريقة حضارية بعيدا عن عبارات التخوين والقتال والشتيمة والاستهزاء والسلبية.

ما رايناه على شبكات التواصل الاجتماعي في الاردن الايام القليلة الماضية كان لافتا للانتباه،….

وحتى لو كانت لدينا وجهات نظر واراء مختلفة حول الاشياء والامور والاحداث ، لا ان نستفيد من هذه الشبكات في التواصل وتطوير الذات والحصول على المعلومة الصحيحة، وغير ذلك ستتحول هذه الشبكات الى ادوات انفصال وخلاف وتدمير لذواتنا والمجتمع.

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى