مقالات

هل عدم توجيه النقد للآخرين يجعلك مديرا أفضل؟

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي
عندما كان السير ريتشارد برانسون طفلا كان والداه يطلبان منه الذهاب إلى غرفته لينظر إلى نفسه في المرآة إذا قال شيئاً سيئاً عن أي شخص.
وكان يقف أمام المرآة محدقاً ومفكراً فيما صدر عنه من كلام للتو.
كانت نية والديه هي أن يجعلاه يدرك أن التصرف بسلبية تجاه الآخرين ليس عملاً طيباً وينعكس سلباً عليه.
لقد كان درساً مجدياً وفعالاً. يقول برانسون عن ذلك: “التحديق في صورتي في المرآة لخمس دقائق لم يكن أمراً يبعث على السرور ولذلك توقفت عن انتقاد الناس”.
حتى عندما كبر ليصبح مؤسس مجموعة فيرجن التي تطورت من شركة لبيع الأشرطة المسجلة عن طريق البريد إلى الاستثمار في الاتصالات والسفر والخدمات المالية، أصبح دوماً يلتزم بهذا السلوك.
ويصر السير ريتشارد على أنه حتى هذا اليوم تعتبر هذه النصيحة من أفضل النصائح التي تعلمها ويقول: “إذا حدث وسمعت بعض الناس يتحدثون بالنميمة عن الآخرين أتركهم وأمضي. إذا كنت في موقع المسئولية عليك أن تعرف أفضل ما عند الناس وهو أمر بالغ الأهمية. دعهم يمضون قدماً رغم ارتكابهم للخطأ، لا تنتقدهم عندما يخطئون وقم بالثناء عليهم إذا أحسنوا”.
مفهوم عفا عليه الزمن
يبدو مدهشاً أن شخصاً من أشهر رجال الأعمال البريطانيين الأثرياء، الذي أوجد امبراطورية تجارية بملايين الجنيهات قد تمكن من فعل ذلك دون أن ينتقد موظفيه.
ورغم أن الصورة النمطية لمدير الشركة هي ذلك الرجل القوي البارز المسيطر، إلا أن هذه الصورة قد عفا عليها الزمن في كثير من الحالات.
وقد أرغمت الأزمة المالية بشكل خاص الناس على إعادة التفكير بكيفية إدارة الأعمال التجارية، وربما تكون أيام المدير التنفيذي القوي المسيطر في نهايتها. ويعد عدم توجيه النقد للموظفين مجرد عنصر واحد في مفهوم جديد للمسؤول الذي يتمتع بسلطات مستمدة من هيكلية إدارية أقل تعقيداً.
يقول ستيف تابين، مدرب للمدراء التنفيذيين، إن الضغط الناتج عن كون الشخص يتبوأ قمة الهرم الإداري يعني أنه من السهل على المدراء التنفيذيين أن “يقعوا في مصيدة” محاولة الظهور بصورة البطل المتفوق، الذي يدعي معرفة كل شيء ولا يرغب في الاعتراف بأخطائه. ويضيف: “أفضل المدراء التنفيذيين من هم ليسوا على هذه الشاكلة. إن أفضلهم هو من يعرف أن القائد الفذ هو المتعلم الفذ”.
يتبوأ أندرو بن، المدير التنفيذي لشركة الاتصالات الأسترالية العملاقة تيلسترا، منصب رئيس الشركة منذ أقل من عام، وعلى الرغم من أنه كان في السابق في إدارة شركة أخرى عملاقة فإنه يقول إنه من المستحيل أن يكون لديه جميع الإجابات على كل الأسئلة. ويضيف: “اليوم الذي كان فيه المدير التنفيذي نجما لامعاً ولى إلى غير رجعة. فالمدير التنفيذي مجرد عضو في فريق، والأمر يتعلق بتشكيل فريق قادر على النهوض بالمهمة”.
لكنه يؤكد على أن الشخص الموجود في موقع المسؤولية يجب أن يتحلى بثقة كبيرة بالنفس تمكنه من قيادة الشركة.
بالطبع، لا تسير الأمور دائماً وفق الخطة المرسومة. يقول بن إنه ارتكب العديد من الأخطاء التي يستحيل حصرها، لكنه يشير إلى أن ذلك يعد جزءا من الخبرات المتراكمة التي اكتسبها من وقوعه في الكثير من الأخطاء.
في نهاية الأمر، ما يتذكره الناس هو القليل من أفعال المسؤول والكثير من طريقة سلوكه وتصرفاته، كما يقول بن، الذي يضيف: “عندما تمر بظروف قاسية يكون من المهم أن تتصرف بشكل جيد، من حيث القرارات العملية التي تتخذها أثناء مرورك بهذه الظروف. في نهاية المطاف ما سيتذكره الناس أكثر من أي شيء آخر هو كيف تصرفت وكيف كان سلوكك وكيف مارست دورك كقائد بنفس قدر تذكرهم لما إذا كنت قد اتخذت القرارات الصحيحة أم الخاطئة”.
يقول دومينيك بارتون، مسئول الإدارة العالمية لشركة الإستشارات الإدارية مكنزي، إنه ينبغي على المسؤول المستجد في منصبه أن يتجنب اتخاذ أي قرارات كبيرة في البداية، ويتعين عليه أن يدرك أن المسألة تحتاج إلى وقت لكي يتعلم كيف يقوم بعمله بفعالية وكفاءة.
وعلى الرغم من وجوده في الشركة لما يزيد على عقدين من الزمن قبل أن يتولى إدارتها، يقول بارتون إن رئاسة الشركة مسألة مختلفة تماماً. ففي هذه الحالة، استغرق الأمر معه سنتين لكي يستوعب الآليات المختلفة المتعلقة بموقعه كمسئول.
مسألة التعرف على القضايا الرئيسية التي تحتاج إلى اهتمام، والأشخاص الذين يمكن الاعتماد عليهم للمساعدة على تحقيق التغييرات، تحتاج إلى وقت وتعني أنه من المهم عدم الاستعجال في أي أمر من الأمور. يضيف بارتون: “يستغرق الأمر بعض الوقت لترسيخ الشرعية. حتى لو انتخبت أو تم تعيينك، فالناس يتساءلون كيف سيمارس هذا الشخص عمله”.
مرت فيليبا نيتو، إحدى المؤسسين للمتجر الالكتروني “تشيك باي تشويس” المتخصص بتأجير ملابس الماركات الشهيرة لمساعدة الناس على استئجارها بدلاً من شرائها، بهذه التجربة بالضبط، لكن مع أناس من خارج نطاق عملها.
تقول فيليبا، التي تبلغ من العمر 25 عاماً وتدير هذه الشركة الناشئة، إنها تواجه صعوبة في إقناع الماركات المعروفة والأسماء الشهيرة بالانضمام لقاعدة المعلومات الخاصة بالموردين.
لكنها لم تشعر بالإحباط نتيجة لذلك النقص في التجاوب والتعاون. وهي تعمل على إعداد نفسها لتطور الشركة ولوضع تكون فيه مسئولة عن شركة كبيرة، وذلك بقضاء أوقات فراغها في مطالعة كتب التجارة والأعمال لكي تقف على الوسائل التي اتبعها المسئولون عن الشركات لكي يحققوا نجاحاً.
وتقول: “تعلمت الكثير من كل هؤلاء الأشخاص ولم أنس ما تعلمته أبداً. إذا كان هناك شخص ما حقق نجاحاً بطريقة ماهرة، فلماذا لا نحذو حذوه؟. لا أريد أن أرتكب نفس الأخطاء التي ارتكبت من قبل”.
بي بي سي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى