لقد أحدثت الرقمنة تحولاً في التفاعل بين ممولي الضرائب والحكومات، وتحولت من المعاملات الورقية إلى معاملات إلكترونية أكثر انسيابية.
ويتيح هذا التحول إلى المدفوعات الإلكترونية السرعةَ في حساب الضرائب المستحقة وسدادها والحد من الأخطاء والتكاليف الإدارية. ووفقا ًلدليل إدارة الإيرادات الصادر عن البنك الدولي، اعتمد ممولو الضرائب في جميع أنحاء العالم النظم الإلكترونية لتقديم الإقرارات وسداد مدفوعات الضرائب على نطاق واسع، وسارعت الشركات متوسطة الحجم في اتباع هذا الأسلوب. ورغم إدراك الجميع لمزايا التحول الرقمي، إلا أن بعض الميزات والاستخدامات التي توفرها النظم الإلكترونية الضريبية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على تجربة المستخدمين وأمن البيانات والتكاليف بشكل عام.
واستناداً إلى البيانات التي يحتوي عليها محور التركيز الخاص بالضرائب3 الواردة في تقرير الجاهزية لأنشطة الأعمال، تتناول هذه المدونة انتشار مدفوعات الضرائب الإلكترونية، ودور الحكومات في تمكين الوصول إلى خدماتها، وعيوب الاعتماد الحصري على مقدمي خدمات الدفع عبر الإنترنت من الجهات الخارجية.
تطور مدفوعات الضرائب الإلكترونية
أدى الدفع الإلكتروني للضرائب إلى تقليل تكلفة الامتثال لممولي الضرائب، حيث قلل أو ألغى الحاجة إلى التنقل والانتظار في صفوف والتفاعل مع مسؤولي الضرائب الذين قد يطلبون رشاوى.4 وبالنسبة للإدارات الضريبية، يوفر الدفع الإلكتروني معلومات أكثر موثوقية وفي الوقت المناسب، فضلاً عن تحسين رصد ومتابعة امتثال الممولين.5 ووجد كوشانوفا وحسنين ولارسون أن استكمال تقديم الإقرارات الضريبية إلكترونياً بإتاحة سداد الضرائب المستحقة إلكترونياً يؤدي إلى اختصار زمن الامتثال الضريبي إلى حد كبير.6
وعلى الرغم من المزايا الواضحة لمدفوعات الضرائب الإلكترونية، لا يزال اعتمادها متفاوتاً من بلدٍ إلى آخر. وتوضح البيانات أن الاقتصادات مرتفعة الدخل والشريحة العليا من الاقتصادات متوسطة الدخل تتميز بوجود نسبة أعلى من الشركات التي تقدم الإقرارات الضريبية وتدفعها بواسطة القنوات الإلكترونية، مقارنة بالشريحة الدنيا من الاقتصادات متوسطة الدخل والاقتصادات منخفضة الدخل. وفي حين أن هذا التفاوت قد ينبع من الاختلافات في البنية التحتية واللوائح التنظيمية والموارد التكنولوجية، يحقق ممولو الضرائب والسلطات الضريبية في الاقتصادات منخفضة الدخل والشريحة الدنيا من الاقتصادات متوسطة الدخل استفادةً أكبر من رقمنة الضرائب، وذلك نظراً لمحدودية بنيتها التحتية، وقلة عدد العاملين في تحصيل الضرائب، وارتفاع التكاليف الإدارية.
الدفع الإلكتروني المباشر على بوابات الضرائب الإلكترونية
توفر العديد من الهيئات الحكومية المختصة بتحصيل الإيرادات الضريبية بوابات إلكترونية متكاملة لممولي الضرائب، وهي عبارة عن بوابات آمنة وشاملة تتيح للممولين الاطلاع على تفاصيل حساباتهم، وتقديم إقراراتهم الضريبية، ودفع الضرائب المستحقة عليهم. ويشير دليل إدارة الإيرادات الصادر عن البنك الدولي إلى هذه الهيئات باسم “مكاتب الضرائب الافتراضية”، التي تقوم بتركيز جميع الوظائف والخدمات الضريبية الرئيسية لتقليل عبء الامتثال.7
ويؤدي السماح للممولين بتسوية التزاماتهم الضريبية بشكل مباشر عبر البوابة إلى توفير المزيد من الراحة والسهولة من خلال تبسيط الإجراءات، وعدم الحاجة إلى الاستعانة بجهات خارجية، وتقليل مخاطر أخطاء إدخال البيانات يدوياً. وبالإضافة إلى ما سبق، فإن هذه المدفوعات المباشرة تسهم في تعزيز حماية البيانات.8 فالبيانات التي تضمنها تقرير الجاهزية لأنشطة الأعمال لعام 2024 تُظهر أن معظم الاقتصادات قد طبقت شكلاً من أشكال بوابات الضرائب الإلكترونية. غير أن إتاحة الدفع الإلكتروني المباشر على هذه البوابات يختلف بشكل كبير من بلد إلى آخر.
عيوب خدمات المدفوعات عبر الإنترنت من جهات خارجية
عندما لا تتوفر خدمات الدفع الإلكتروني المباشر، يعتمد ممولو الضرائب على خدمات الدفع التابعة لجهات خارجية أو طرق بديلة، والتي يمكن أن تعرض سلاسة تجربة المستخدم التي تم تصميم المدفوعات الإلكترونية المباشرة لتوفيرها للخطر.
وفي حين أن خدمات الجهات الخارجية يمكن أن تكون حلولاً مؤقتة – لا سيما في البلدان التي لا تزال فيها البوابات الحكومية الإلكترونية قيد التطوير – فإن الاعتماد على مقدمي الخدمات الخارجيين تشوبه عيوبٍ كبيرة. فيمكن أن تؤدي بوابات الدفع الخاصة إلى تجارب غير متسقة للمستخدمين، إذ تختلف جودة الخدمة بين باختلاف مقدمي الخدمات الخارجيين، ما يزيد من مخاطر الأخطاء البشرية عند التعامل مع المعلومات. علاوة على ذلك، قد يكون لدى مقدمي الخدمات الخارجيين متطلبات فريدة مثل إنشاء حساب منفصل أو طلب مستندات إضافية في إطار إجراءاتها للتحقق من هوية المستخدمين.9 كما أن إدارة البيانات الحساسة عبر منصات متعددة قد تؤدي إلى زيادة الثغرات الأمنية، حيث لا يطبق جميع مقدمي الخدمات معايير أمان صارمة.10
أخيراً، قد يؤدي استخدام منصات الجهات الخارجية إلى تكاليف إضافية.وتكشف البيانات تباين تكاليف الدفع الإلكتروني العامة في الاقتصادات وفئات الدخل. وتواجه الشركات في الشريحة الدنيا من الاقتصادات متوسطة الدخل والاقتصادات منخفضة الدخل تكاليف أعلى بكثير مقارنة بنظيراتها في الاقتصادات مرتفعة الدخل والشريحة العليا من الاقتصادات متوسطة الدخل. وعند النظر في هذه البيانات جنباً إلى جنب مع اعتماد الدفع الإلكتروني للضرائب كما تبين لنا نمط واضح تميل فيه تكلفة المدفوعات الإلكترونية إلى الانخفاض بشكل عام في الاقتصادات ذات الإقبال الكبير على المدفوعات الإلكترونية للضرائب.
تعمل بوابة الضرائب عبر الإنترنت ونظم الدفع الإلكتروني على تحسين تحصيل الضرائب من خلال جعل الإجراءات أكثر كفاءة وشفافية وأماناً. وعندما يتم دفع الضرائب إلكترونياً باستخدام بوابات الضرائب بشكل مباشر، يستفيد الممولون من انخفاض تكاليف الامتثال، وتعزيز الأمان من خلال الإجراءات والتدابير القوية، والتحديث الآني للسجلات الضريبية، مقارنة بالمدفوعات الإلكترونية التي تتم من خلال جهات خارجية. وعلى الرغم من أن منصات الجهات الخارجية يمكن أن تكون بمثابة حلول مؤقتة، إلا أنها غالباً ما تضيف رسوماً وتعقيدات ومخاطر أمنية، مما يؤثر على عنصري الكفاءة والراحة إلى حد كبير. ومن خلال دمج المدفوعات الإلكترونية في بوابات الضرائب الإلكترونية، يمكن للحكومات تطبيق قانون الضرائب على نحوٍ أكثر شفافية وكفاءة، مما يؤدي إلى زيادة معدلات الامتثال وتعزيز الإيرادات العامة في نهاية المطاف.