مقالات

العمّانيون وعقدة اللغة العربية

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – رنا كواليت *

 شدّني مؤخراً حوار كان يجري بين فتاتين في العشرين من العمر سيطرت عليه مفردات وجمل مقتبسة من اللغة الإنجليزية،…..، وقد استفزني إصرار كلتا الفتاتين على الحديث بالإنجليزية رغم لضعف ووضوح التصنع في اللهجة لإكمال هذه المحادثة التي اضطررت إلى الاستماع إليها خلال إصطفافي في طابور في أحد المحال التجارية في العاصمة عمان.

لقد كانت هذه الحادثة كفيلة بتذكيري كيف بدأت اللغة الإنجليزية تسيطر على احاديث وتعاملات شريحة من المجتمع العمّاني، وللدقة في الحديث، فإنني أقصد سكان عمان الغربية على وجه الخصوص، حيث تحتضن هذه المنطقة الجغرافية العائلات والأفراد المصنفون من ذوي الدخل المرتفع، هذه المنطقة التي تتميز بمظاهر ” الرقي والفخامة ” بالبنى التحتية المتطورة، المراكز التجارية، والمدارس.

لماذا نتحدث باللغة الإنجليزية في عمان الغربية وغيرها من مناطق العاصمة ومراكز المحافظات الرئيسية وحتى في جامعاتنا حيث الشباب المتعلق بالتكنولوجيا والعالم الافتراضي، وما هي مشكلتنا مع اللغة العربية ؟ ولماذا ينظر إلى اللغة العربية على أنها لغة ” رجعية ” تنم عن تخلف ثقافي لا يناسب العصر ؟ في حين ينظر الى اللغة الإنجليزية على أنّها ” لغة العصر”، ولماذا نستخدمها لاستعراض عضلاتنا الثقافية ؟، …. أعتقد بأنه أمر محزن ومخزي في الوقت نفسه، ألا نعي بأن سلوكياتنا هذه بتخلينا عن لغتنا هو مكسب للغرب، وتميّز للغتهم وتهميش للغتنا الام ” لغة الضاد” ، الأمر الذي يسهم بشكل او باخر في طمس الهوية العربية تحت مسمى ” العولمة”،….. ألا يكفي بأن نرى لغة المراسلات الأساسية في قطاع الأعمال أصبحت اللغة الإنجليزية ؟، كما أن عددا كبيرا من المدارس الخاصة أصبحت تتبع المناهج التعليمية الأمريكية أو البريطانية وبالتالي أصبح الطفل ينشأ على أن اللغة الإنجليزية هي لغته الأم وليست اللغة العربية، دون أن ننسى دور الوالدين في تعزيز وتشجيع ذلك…..!!!! إن طغيان اللغة الإنجليزية على العربية في حياتنا اليومية، وشعورنا بالخجل والعار بشكل صريح او غير صريح هو بداية الطريق لفقدان هويتنا العربية، يعزّز ذلك التقليد الأعمى للغرب في بعض المظاهر الخارجية وتبني سلوكياتهم سواء كانت تناسب مجتمعاتنا او لا تناسبها، سواء كانت مفدة او غير مفيدة، كل ذلك ظناً منا بأننا ثقانكتسب ثقافة جديدة ونسير قدماً نحو التطور والتقدم، وما زاد الطين بلة دخولنا عصر الهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي واندماجنا اكثر في عوالم الانترنت التي لا تزال لغتها الاساسيةالانجليزية او ما استحدثه العرب لغة خليطة بين النجليزية والعربية ” العربيزية” وكلها امور ضاعت بينها وغابت ” لغتنا العربية” التي تعد واحدة من اقدم اللغات السامية والتي تطور عنها العديد من اللغات الاخرى حول العالم. ليس أمرا سلبيا أن نتقن اللغة الإنجليزية، فهي لغة غالبة وهامة في عالمنا اليوم …. هي لغة عالمية لا سيما في مجال الدراسات العالمية والبحوث وفي عالم الإنترنت، وانا اعتقد بأن تعلمها اصبح ضرورة ، ولكن من واجبنا ايضا احترام لغتنا العربية والمحافظة عليها وعدم تجاهلها وإهمالها ، حيث أظهر تقرير صادر عن منظمة اليونيسكو بأن اللغة العربية مهددة بالإنقراض، إذ أن اللغات تكتب وجودها من خلال التعليم باللغة وليس تعلّم اللغة. وللغة العربية تاريخ عريق، فهي من أكثر اللغات السامية انتشاراً حيث يتحدثها نحو 422 مليون شخص، وهي من أكثر لغات العالم غزارة في المادة اللغوية.

*ناشطة إجتماعية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى