خاصمقالات

سنابشات يتعملّق

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – إبراهيم المبيضين

كانت البداية مجرد حديث ومزاح بين الصديقين والزميلين في جامعة ” ستانفورد” : ” إيفان شبيجل” و ” ريجي براون”، عندما طرح ” براون” على ” شبيجل” فكرة إختفاء الصور التي يرسلها إلى اصدقاءه عبر شبكات التواصل الاجتماعي او التطبيقات بعد فترة من الزمن من إرسالها حتى لا تظل مصدر إستهزاء به، وفي بعض الروايات على شبكة الإنترنت كانت هذه الفكرة مجرد ” مزحة” من قبل ” بروان” عندما تمنى لو يكون هناك تطبيق أو شبكة تختفي فيها الرسائل والصور بعد فترة من ارسالها ……

وقتها توقف ” شبيجل” عند فكرة أو ” مزحة” زميله، وصمّم على تحويلها إلى واقع….. إلى تطبيق تتلخص وظيفته اليوم في تبادل الصور، والفيديو، والرسائل النصيّة والرسومات التي تقوم بحذف نفسها بشكل الي بعد فترة زمنية لمشاهدة الرسالة المُرسلة، وبعد إنقضاء هذه المدّة تختفي الرسالة من أجهزة المُستخدمين وخوادم ” سناب شات” على ما تؤكّد الشركة.

تلك الفكرة إستهوت ” شبيجل”، وبدأ العمل عليها في العام 2011، ليطرحها كمشروع في احد الصفوف الدراسية اثناء دراسته في “ستانفورد”، وانطلق وزميله ” براون” لتطوير التطبيق بالاستعانة بـ ” بوبي مورفي ” الذي قام ببرمجة التطبيق وحمل وقتها إسم ” بيسابو “،….

ولكن الاقبال كان محدودا على التطبيق في البدايات ،…..، بيد أنّ ايمان ” شبيجل” بفكرته دفعته للتخلي عن دراسته الجامعية قبل نيله شهاد ته بفترة قصيرة متفرغا لتطوير التطبيق، حتى تمكن من بناءه محولا اسمه الى ” سناب شات” وكان ذلك في العام 2012 واستطاع وقتها جذب 1000 مستخدم فقط من مجتمع الجامعة والشباب، وبعدها كان العمل يتسارع بقوة وايمان ليخرج التطبيق الى حيز الوجود معلنا نفسه واحدا من اكثر التطبيقات نموا وانتشارا بين اوساط الشباب الذين يتسابقون في تسجيل ورصد ومشاركة معارفهم واصدقاءهم لحظات حياتهم اليومية.

واليوم – بعد ست سنوات على انطلاقة التطبيق من مجرد فكرة بسيطة تناقش بها صديقان – تحول “سناب شات” الى “عملاق” بكل ما للكلمة من معنى ، اصبح تطبيقاً ينافس اكبر التطبيقات والشبكات الإجتماعية في العالم الافتراضي مع تميزه بـ ” الخصوصية” مع امكانية إزالة المحتوى المتبادل بين المستخدمين اليا، عزّز ذلك التطويرات التي قدمها المؤسسون على نوعية المحتوى الفيديوي والمصور ….

لقد تحول ” سناب شات” من فكرة بسيطة تطورت وقدمت الكثير من الاضافات للمستخدمين وخصوصا لشريحة الشباب ، لتحوّل معها ذلك الشاب ابن الـ 26 سنة، والرئيس التنفيذي للشركة ” إيفان شبيجل” الى ملياردير بثروة قدرت العام الماضي بحوالي 2.1 مليار دولار.

كانت بدايات التطبيق متواضعة بارقام متواضعة، فلم يتعدى عدد مستخدميه في التاسيس المئات او الالاف ، كما واجه المؤسسون صعوبات في الجانب التقني بمشاكل كبيرة في مجال استيعاب خوادم الشركة لحجم المحتوى الذي يجري تداوله عبر التطبيق، رافقها مشاكل بين المؤسسين ” بروان” و ” شبيجل” حول الاحقية في براءة الاختراع خرج على اثرها ” بروان” من الشركة،….. ليبقى كل من ” شبيجل” و ” مورفي” يعملان على تطوير التطبيق.

ولكن – وبعد سنوات قليلة – يقف ” سناب شات” اليوم تطبيقا قويا وشبكة تخدم مجتمعا تعداده 200 مليون مستخدم حول العالم اكثر من 45% منهم تتراوح اعمارهم بين 18 و24 سنة، ونسبة تزيد عن 70% من هذا المجتمع هي من الاناث، كمااعلنت الشركة قبل عدة أسابيع ان عدد مرات مشاهدة الفيديو عبر منصتها يُقدّر بحوالي 8 مليارات مشاهدة يوميا، وهو ضعف ما كانت تحققه الشركة العام الماضي بخمس مرات، كما ان هذا الرقم ( الـ 8 مليارات مشاهدة للفيديو ) هو نفس العدد الذي تحصل عليه “فيسبوك” في مشاهدة الفيديو رغم تفوقها الكبير على ” سنابشات” في عدد مستخدميها الذي يتجاوز الـ 1.5 مليار مستخدم.

مؤخرا عرض موقع ” ستاتيستا” العالمي المتخصص في احصاءات العالم التقني والاقتصادي قائمة لاغلى عشر شركات ناشئة حول العالم، احتلت ” سناب شات” المرتبة السادسة فيها عندما قيمت بداية العام الحالي ماليا بقيمة 16 مليار دولار.

هذه الارقام تؤشّر الى ما وصل اليه التطبيق ” المجنون”، وأعتقد بأن كل ذلك حصل من وراء ” تميّز” الفكرة وسدها لحاجة المستخدم الى تطبيق يحفظ خصوصيته ويعطيه الامكانية لبث صوره وفيديوهاته ورسائله مباشرة دون قلق على بياناته، ..

هذا التميز باعتقادي هو ما دفع شركات عملاقة من امثال ” فيسبوك” لعرض 3 مليارات دولار للإستحواذ على التطبيق في العام 2013 ، وشركة مثل ” جوجل” التي عرضت 4 مليارات دولار للإستحواذ عليه في العام نفسه، الان ان ” شبيجل” رفض تلك العروض مؤكدا بان هناك فرصة كبيرة امامه وامام ” تطبيقه” الناشيء لحصد المزيد من النجاحات، عندما كان يعلق دائما على ان تلك العروض الضخمة بانها تدلّل على أنّ ” سناب شات” يسير في المسار الصحيح.

ببساطة فان قصة العملاق الصغير ” سناب شات” تتلخص باعتقادي فما يلي : الفكرة المميزة التي تسد حاجة لدى المستخدم، التصميم، العمل بجدّ، السعي للنجاح والتطوير بعيدا عن التفكير في المال الذي ياتي كنتيجة لاحقة للعمل الدؤوب……….

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى