منوعات

جحيم يلاحق الموظفين في المكاتب

هاشتاق عربي

إذا جلست بجوار نافذة في المكتب، فتهانينا. الضوء الطبيعي والمناظر الخارجية من بين أكثر الامتيازات قيمة في أي مكتب.
إن الكافيتريات ومراكز رعاية الأطفال والصالات الرياضية لها قيمتها أيضا. لكن هناك سمة واحدة للمكتب الحديث من الصعب دائما تحسينها: الأشخاص الآخرون.
القرب من زملائنا ذوي الأصوات العالية أو الروائح الكريهة أو المزعجين لعنة ظلت معنا منذ فترة طويلة. افترضت أنه ستخف بشكل حاد بفضل ظهور العمل من المنزل. لكن هناك علامات على أن الجائحة تتسبب في ظهور مجموعة أخرى من الأمور المزعجة التي يمكن أن تكون بالشدة نفسها.
بدأت الأسبوع الماضي التفكير في كل هذا بعد أن قرأت عن ضجة الفشار العظيمة في الحفلات الموسيقية في قاعة رويال ألبرت في لندن.
صب رجل مستاء “جام غضبه” على زوجين أمريكيين سيئي الحظ أثناء أوبرا “ديالوج دي كارميليت للموسيقي فرانسيس بولينك”، وفقا لأفراد الجمهور الذين توسلوا إلى مسؤولي القاعة للتوقف عن بيع الوجبة الخفيفة المقرمشة.
قالت جيسيكا دوشن ناقدة الموسيقي الكلاسيكية، في منشور أيده آخرون بسرعة: “إنها مشوشة وذات رائحة كريهة ومزعجة وغير مناسبة على الإطلاق في حفلة موسيقية”. وافقها رجل واحد بقوله: “إنها بغيضة”. وقال آخر: “غير مقبولة أبدا”.
في اليوم التالي حاول شخص ما تقديم عريضة برلمانية لحظر بيع الفشار في حفلات الموسيقى الكلاسيكية. وفشل على أساس أن القرارات المتعلقة بالوجبات الخفيفة ترجع لمسارح الموسيقى، وليس للبرلمان البريطاني.
مع ذلك، ورد أن الرجل الغاضب والأمريكيين قد نقلوا إلى أماكن أخرى خلال الفترة الفاصلة حتى يتمكنوا من الجلوس بعيدا عن بعضهم بعضا.
إن الحلول أصعب بالنسبة إلى الذين مقدر لهم العمل بالقرب من القائمة الطويلة للأشخاص المزعجين في المكتب.
يبدو أن مقصات أظافر القدم وخيط الأسنان ومرتدي أطقم النادي التي يملؤها العرق أمور تترأس القائمة. ثم يأتي العطر القوي بشكل كريه، وأكل سندويتشات التاكو بالسمك، والمكاتب الفوضوية، ما يزعج الناس لأسباب أجدها شخصيا محيرة.
جاءت القصة التي لا تنسى عن زميل مثير للغضب في العمل في 2018، عندما ورد أن روسيا يعمل في قاعدة نائية في أنتاركتيكا قد طعن زميله الذي ظل يخبره بنهايات الكتب التي كان يقرأها.
لقد ظهرت شكوك حول هذا الادعاء لاحقا. لكن ليس مفاجأ لأي أحد أن يكون مصدر كرب الموظفين الأقوى هو ضوضاء زملاء العمل. المضغ بصوت عال. العطس بصوت عال. الموسيقى الصاخبة. طقطقة اللسان بصوت عال. نقر لوحة المفاتيح بصوت عال. حتى التنفس بصوت عال يدفع الناس إلى حافة الجنون.
عندما طلب باحثون من 21 ألف عامل في جميع أنحاء العالم تحديد مزايا العمل من المنزل هذا العام، جاءت ميزة “وقت الهدوء الفردي” من بين أول خمس ميزات.
شعرت ببعض الذنب عندما قرأت هذا، وأنا أعلم أن لدي عادة مروعة بالتنهد وإصدار الأصوات والصراخ أحيانا عند رؤية شيء ما على شاشتي.
إن زملائي لطيفون جدا لدرجة أنهم لا يخبرونني بذلك، وعلى أي حال، فإننا نعمل بجوار مرحاض فيه مجفف مدو لليدين يطغى على كل الأصوات البشرية فيما يجاوره.
من الواضح أن العمل من المنزل يحل مشكلات كهذه. لكني أخشى أنه يضيف مشكلات أخرى حيث يواجه أرباب العمل مكاتب مكلفة ونصف فارغة.
الأسبوع الماضي، أفادت شركة إيه دبليو إيه الاستشارية بأن أكثر من 80 في المائة من 119 مكتبا تتعقبها بانتظام في 22 دولة يحضر إليها عمال يعملون بشكل هجين “من المنزل والمكتب” لمدة يومين فقط في الأسبوع على الأكثر. وتفيد بأن أصحاب العمل يحاولون تقليل المساحات المكتبية “حيثما أمكنهم ذلك”.
هذا يعني أن هناك مزيدا من الضغط لجلب أحد الأسباب الرئيسة التي أدت إلى اجتياح الضوضاء مكاتب الوقت الحاضر: المكاتب المفتوحة.
لم أكن استوعب الانزعاج الذي كان يسببه هذا حتى بدأ أصدقائي حول لندن يشتكون من إخراجهم من مكاتب هادئة لها خصوصيتها إلى الأماكن الصاخبة المفتوحة.
إنني أتعاطف معهم. لكني أتعاطف أكثر مع أولئك الذين يعملون في كثير من الشركات التي توفر التناوب على المكاتب أيضا، أي مكاتب غير مخصصة يتعين على الأشخاص حجزها في الأيام التي يأتون فيها إلى المكتب. إذا تم تنفيذ ذلك بشكل سيئ، فقد يكون ذلك كارثة مزعجة ومقوضة للإنتاجية.
أعرف موظفا جديدا يتبع نظام التناوب على المكاتب، حيث يحجز المكاتب التي يعمل عليها في شركة استحوذت على بعض المنافسين.
ما لم يكن يحاول حجز مكاتب معينة في أوقات محددة، فإنه يقضي أيامه التي تكون بدون مكتب معين بجانب أشخاص لا يعرفهم، متحدثين عن أشياء لا يهتم بها، غالبا بصوت عال.
ومما لا يثير الدهشة، أنه يفعل ما سيفعله أي شخص واع في حالة كهذه. إنه يعمل أكثر من المنزل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى